قبيل المؤتمر العاشر لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، تشبث إدريس لشكر، الكاتب الأول للحزب، بعقد هذه المحطة في الموعد نفسه رغم مطالب أعضاء بالمكتب السياسي بتأجيله. ودعا لشكر، في حوار مع جريدة هسبريس الإلكترونية، "الغاضبين العشرة" إلى إقناع الاتحاديين من داخل المؤتمر باتخاذ قرار التأجيل، معتبرا أن منتقديه أصبحوا "أعداء للاتحاد". واعتبر زعيم "الوردة" أن حزبه حقق الكثير مع القوى الليبرالية الاجتماعية، وعلى رأسها حزبا الأصالة والمعاصرة والتجمع الوطني للأحرار، وهو ما لم يحققه في السنوات الماضية. عقدتم كقادة أحزاب الأغلبية اجتماعا حول احتجاجات الحسيمة؛ ما دلالته، خصوصا بحضور وزير الداخلية؟ يندرج هذا الاجتماع ضمن اجتماعات التداول والتشاور العادية، والمواضيع التي طرحت فيه تتعلق أساسا بتقييم عملنا بعد المصادقة على قانون المالية 2017، وكذا مناقشة الميثاق المنظم للأغلبية كمؤسسات حزبية وفرق برلمانية. ولكن ما ميز اللقاء، كما أشرتم، حضور "التيكنوقراط"، ممثلين في وزير الداخلية، بناء على دعوة من رئيس الحكومة، حسب ما أبلغنا به، قصد اطلاعنا على التطورات التي عرفها إقليمالحسيمة، خاصة في الأسابيع الأخيرة، من هجوم وإحراق وتعنيف أحيانا للقوات العمومية. كما تعلمون فالاحتجاجات بالحسيمة انطلقت منذ أشهر ببواعث اجتماعية حقيقية وواضحة، ونحن كحزب انخرطنا فيها وشارك فيها مناضلونا باعتبار بواعثها الاجتماعية، لكنها في مرحلة ما بدأت تتخذ أشكالا أخرى، من قبيل إحراق منشآت عامة وتخريب ممتلكات، إلى جانب التأويل الذي يعطى للحراك خارجيا في محاولة لمنحه بعدا حقوقيا وغطاء لتبرير أي تميز هوياتي. ولذلك اتفقنا بعد عرض الوزير على إصدار بلاغ مشترك في الموضوع، الهدف منه التأكيد على أن الاحتجاجات منظمة قانونيا ووسائطيا. اليوم هناك مجموعة صغيرة تصر على الهجوم على رجال السلطة الذين حسب عرض الوزير تعرضوا لإصابات خطيرة، إلى جانب الهجوم على الممتلكات؛ ناهيك عن المصطلحات المستعملة، كمفهومي العسكرة والحراك الريفي، ما يجعل التساؤل مشروعا حول الأهداف الحقيقية وراء هذا الاحتجاج. وقد أكدنا خلال اللقاء على استمرار الحقوق المكتسبة، وأن الحقوق لا يمكن أن تتأتى إلا باحترام القانون. هل أطلعكم الوزير على الجهات التي تحرك الاحتجاجات؟ وزير الداخلية تحدث عن وجود قناعة لدى السلطات بأن أياد أجنبية وراء ما يحدث بالحسيمة، أو على الأقل أن ما يجري يخدم أجندة ثابتة من خلال التحركات والتمويلات التي تتلقاها مجموعة صغيرة من المحتجين، وكشف أنه خلال الحراك تم عقد اجتماعات تحاورت فيها السلطات والمنتخبون مع المحتجين، وتم اقتراح مجموعة من الحلول والمشاريع. طيب، لنتحدث عن مؤتمر حزبكم والغليان الذي يرافقه..عقدتم لقاء مع بعض الغاضبين بمنزل الحبيب المالكي ولم يفض النقاش إلى أي نتيجة، ما الذي جرى بالضبط؟ يتعلق الأمر بجلسة أخوية رفقة ثلاثة أعضاء زاروا الحبيب المالكي، وتم استدعائي واستجبت للدعوة.. حرصنا خلالها على التأكيد على أن ما يحتاجه الاتحاد اليوم هو اتفاق جميع أبنائه، خاصة أن موضوع اللقاء كان هو طلب تأجيل المؤتمر. وقد فسرت أن المؤتمر لا يتحكم فيه لا الكاتب الأول ولا المكتب السياسي ولا الأعضاء الراغبون في ذلك، وهم أبناء الحزب ويدركون أن من يقرر تاريخه هي الأجهزة التقريرية، التي اشتغلت على ذلك منذ ستة أشهر وتم انتخاب المؤتمرين بكافة الأقاليم، وننتظر وفودا أجنبية محترمة لم يسبق لأي مؤتمر لحزبنا أن شهد حضورها. وسجلنا أن الاتحاديين دأبوا على تقديم عرائض لعقد المؤتمرات التي كانت لا تعقد في وقتها، ولفتت الانتباه إلى أن المؤتمر لحظة ديمقراطية بامتياز، تطرح خلاله الأفكار وتناقش فيه وجهات النظر المختلفة، وحاولت أن أبرز أن حزبنا بأمس الحاجة إلى مؤتمر في هذه المرحلة لرسم خارطة طريقه المستقبلية. يعني أنكم رفضتم طلبهم؟ ليس لي أن أقبل أو أرفض. وثانيا هذا ليس إطارا للتقرير وإنما جلسة أخوية.. لا أملك وإياهم التقرير في شأن ما قرره الحزب، ومن لديه هذا الطلب عليه التقدم إلى المؤتمر الذي هو سيد نفسه، فإن تقرر التأجيل ليس من حقي رفض ذلك. في المقابل ليس من حق أي أحد أن يفرض على الاتحاديين والاتحاديات إلغاء قرار صدر بالإجماع، بمن فيهم هؤلاء الذين شاركوا في اقتراح الموعد وقرروا بشأنه وساهموا فيه. هل يستقيم تأجيل المؤتمر وأنتم تعرفون إكراهات الجانب اللوجيستيكي ومتطلبات التحضير؟ لا يمكن الضغط على الزر لإعداد كل شيء.. هناك كلفة جسدية وذهنية ومادية والتزامات مع الممونين والمطعم والمبيت. واعتقد أن الإخوان مستوعبون صعوبة الأمر، لكن دعني أقول لك إننا حريصون على الذهاب موحدين إلى المؤتمر. على ذكر اللوجيستيك، وباعتبار الحزب يتلقى دعما عموميا، هل فتحتم صفقة مرتبطة بهذا الجانب؟ لدينا صفقات ولجان، ولا نرتبط فقط بتقرير المجلس الأعلى للحسابات، ونتوفر على لجنة للمراقبة المالية نراقب من خلالها أنفسنا قبل أن يراقبنا المجلس. وفوق هذا وذاك سنقدم التقرير المالي لهذه الولاية للمؤتمر للتصويت، لأن المسؤولية مرتبطة بالمحاسبة. يعني أن الطباعة والتموين وغيرها ستعهد لشركات في إطار صفقات؟ لا، لماذا؟ هناك أمور قد يقدمها اتحادي مناضل بالمجان، لماذا نفتح فيها صفقة إذا؟.. "كاين اتحادي عندو مطبعة أو غيرها ويريد التبرع ب1500 قلم مثلا، فهل يرفضها الحزب من مناضله؟"..هناك ما يتم بصفقة وما لا تنطبق عليه قواعد الصفقة، وهناك الهبات والمشاهرة التي ينظمها القانون. قلتم إن المؤتمرين تم انتخابهم في جميع الأقاليم، لكن آخرين يتساءلون عن كيفية اختيارهم. أقترح عليك الدخول إلى موقع الحزب لترى الأجواء الاحتفالية، والتجمعات في المغرب، وكل مقرات الحزب. بعيدا عن الأجواء الاحتفالية، نريد معرفة المعايير.. سأقول لك. تعال وادخل إلى الحزب، واطلع على القانون. هناك خمسة أحزاب ستعقد مؤتمرها، والاتحاد هو الوحيد الذي يعرف الجميع أوراقه.. لماذا لا تتساءلون عن كيفية انتخاب الأحزاب الأخرى لمؤتمريها..الاتحاد الاشتراكي هو الوحيد لأول مرة يعقد مؤتمرا في جو هادئ. محطات المؤتمر سابقا كانت على الصعيد الوطني أساسية، وتعرف خلافات وصراعات، لكن هذه المرة يمكنني القول إن ثقافة الصراع والاختلاف أصبحت متجاوزة إلى ثقافة الائتلاف والاتفاق. الاتحاديون واعون اليوم بأن الحزب يحتاج إلى الوحدة لمواجهة المستقبل ومعالجة موازين القوى التي اختلت، ويشعرون بأن المجتمع محافظ وما ينتظرهم كبير يتطلب التوقف عن جلد الذات. هذا جوهر تشخيصنا للأوضاع واختياراتنا السياسية بما فيها أمر المشاركة في الحكومة، فهذا لم يأت عبثا، وإنما قمنا بتحليل وتشخيص أثبت أن موازين القوى اختلت بالعالم وليس في المغرب فقط.. اختار إخواننا الاشتراكيون التنسيق مع اليمين لتجاوز الأوضاع، ونحن بعد تشخيص للأوضاع اخترنا المشاركة في الحكومة. لكنكم سنة 2011 لم تقوموا بذلك واخترتم المعارضة؟ هذا هو الفرق، التشخيص أدى بنا إلى اختيار المعارضة، لأننا كنا نعتبر أنه وجب بعد الإصلاحات الدستورية أن تكون هناك تجربة جديدة، وقد أتيحت لها الفرصة، ونحن الآن بصدد تناوب ثالث، والاتحاد طرف فيه. الغاضبون يتهمونكم بالاستفراد والتحكم في انتخاب المؤتمرين والترشح في الوقت نفسه. هذه أحكام، وهي صادرة عن الغاضبين كما أسميتموهم، والحكم الصادر عن الغاضب ليس نزيها، والحكم الصائب سيعبر عنه الاتحاديون في المؤتمر. أحترم رأيهم لأن الاتحاد هو هذا، لكن لا يمكن أن نتحول إلى استبداد مجموعة. ومن يتحدث عن ذلك يكفيه الاطلاع على تجارب الدول الديمقراطية، حيث يمكن لرئيس الحكومة الذي تحت إمرته وزارة الداخلية الترشح لقيادة حزب سياسي، وبالتالي فإن الكاتب الأول عندما يترشح لا يكون له حق الإشراف على التصويت والانتخاب. لكنك لم تترشح حتى أعددت طريقة التصويت والمؤتمرين بحسبهم؟ دعك مما يقولون..الغاضب لا وزر عليه. يتهمونك بمحاولة إسقاط النموذج السوري والكوري الشمالي على الحزب، عبر توريثه إلى ابنتك خولة.. اليوم تشرف على استقبال الوفود الأجنبية وترسلها للمشاركة في الأممية الاشتراكية. لم يسبق لها المشاركة في مؤتمر الأممية الاشتراكية إلا في عهد القيادة السابقة، ولم أكن حينها كاتبا أولا. هل تعلم أن لها العضوية منذ 20 عاما بشخصيتها المستقلة ولا سلطة لي عليها، ومساهمتها في ما يتعلق باستقبال الوفود الخارجية نابعة من كونها عضوا في لجنة العلاقات التي يوجد على رأسها محمد بن عبد القادر، الذي تحمل مسؤولية وزارية، ولذلك فهو يستعين بأعضاء الحزب، ومن بينهم خولة. بخصوص خولة دائما.. (مقاطعا) لست مستعدا للحديث عن خصوصيات ابنتي، ولذلك لن أستمر في الحديث عنها. هل تعلم أنها تدرجت في المسؤولية من الفروع والقطاع النسائي واللجان الإدارية وغيرها، ولذلك احتراما لها وللحق في الانتماء أرجوا التوجه بأي سؤال يتعلق بها إليها، ولن أنوب عنها في الجواب. هناك عريضة لمطالبة المجلس الأعلى للحسابات بافتحاص مالية الحزب.. أين توجد؟ هل هي بحوزتكم. هناك معطيات تؤكد أنه سيتم وضعها وكل الاتحاديين يعلمون ذلك. هذه أسئلة مسيئة إلى الحزب..لن أرد على ما يوجد في ذهنك فقط. عندما يطرأ حدث فسأجيب عنه. الاتحاديون لهم قضايا أهم..ومن يريد القضاء سنجيبه. دعني أخبرك بأنه ما عليكم سوى أن تقوموا ببحث بخصوص أصحاب العرائض الموجودة اليوم، وستجدون أنهم أسسوا أحزابا وينتمون إلى أخرى، وأتحدى من يكتب عريضة أن يدلي ببطاقة العضوية في الحزب منذ سنة 2013. كيف لمن لم يؤد واجب بطاقة العضوية أن يعطي لنفسه الحق في الحديث عن الحزب؟ هؤلاء من الطابور الخامس، المكلف بضرب الحزب والإساءة إليه. من يحركهم في نظرك؟ الله أعلم، خصوم الاتحاد كثر، من قوى محافظة رجعية، و"لوبي" مصالحي..هؤلاء جميعا إن تتبعتم صفحاتهم سيتبين لكم أنهم أعداء للاتحاد وليسوا أعضاء. الغاضبون خرجوا للوجود بعد تشكيل الحكومة، هل طلبوا الاستوزار وعندما لم يتم ذلك انقلبوا؟ لا حق لي في الإجابة نيابة عنهم. الملاحظ أن بعض المستوزرين التحقوا بفترة ليست بالطويلة بالحزب، مثل بنعتيق، الذي التحق بكم سنة 2013، لماذا أقصي الأطر الآخرون؟ غير صحيح، بنعتيق، منذ طفولته ينتمي إلى الحزب، وقد غضب مثل هؤلاء..الفرق أنه خاض تجربة قرر بعدها حل الحزب الذي أسسه والالتحاق بنا، وهذا وحده نبل كبير. ثم دعني أوضح أن هناك قرارا للمؤتمر السابق ينص على أن كل الملتحقين من اليسار تحسب لهم الأقدمية منذ بداية عملهم فيه. لنعد إلى "البلوكاج" الحكومي السابق، أين اختلفتم مع بنكيران، الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة حينها؟ لقد رفض إعلان انضمامنا إلى الأغلبية، وكان مصرا على ذكر انضمام حزبي التقدم والاشتراكية والاستقلال للأغلبية دونا عنا.. رغم إخباري له بضرورة الخروج للإعلام وإعلان الأغلبية، حتى تظل مفتوحة للبقية من التجمع والحركة، إلا أنه طلب مني عدم القيام بذلك. عندما تواجه وضعية مماثلة، لا بد من تدبير أمورك، فحين أبدى المكلف بتشكيل الحكومة عدم رغبته في الإفصاح عن كوننا ضمن أغلبيته كان من الضروري علينا التحرك لنتواجد داخلها تنفيذا للقرار الحزبي. ما هي الوزارات التي طالبتم بها والأسماء التي اقترحتموها؟ لن تكون هناك مشاورات حقيقية إن كشفت ذلك، فاطلبوا من رئيس الحكومة إخباركم بذلك. في العالم، رئيس الحكومة يتصل بالأسماء من أجل الاستوزار وليس الكاتب الأول.. يا أخي، الحكومة لا تشكل في المواقع ووسائل الإعلام. يتهمون حزبكم تارة بأن أصبح ملحقة لحزب الأصالة والمعاصرة، وتارة أخرى بأّنه ملحقة للتجمع الوطني.. كيف ترد على هذا؟ هذا مستوى تافه من التحليل، ستجدون في وثيقة المؤتمر أن ما حققناه مع القوى الليبرالية الاجتماعية أكثر مما حققناه في نضالنا، خاصة مع اليسار في السنوات العشر الأخيرة.