إدريس لشكر، أحد المرشحين لقيادة الاتحاد الاشتراكي، يقول إن قيمة ترشحه تبدأ من انتمائه إلى جيل سنوات الرصاص، الذي يربط بين جيل الحركة الوطنية وجيل الحراك العربي. في هذا الحوار يتحدث لشكر عن مشروعه البرنامجي القائم على انبعاث المشروع الاشتراكي الديمقراطي، ويؤكد بأنه كان ضد الدخول إلى حكومة جطو، كما «يتبرأ» من التقارب مع الأصالة والمعاصرة ويلصق ذلك بقيادة الحزب، كما لا يتردد في القول بأن حكومة بنكيران لم تنجح في أي شيء، وأن عليوة مناضل اتحادي، وأن استمرار اعتقاله انتقام سياسي من الاتحاد الاشتراكي. - ما هي الإضافة التي من شأن انتخابك كاتبا أول للاتحاد الاشتراكي أن تقدمها للحزب؟ العمل السياسي ليس تجارب في مختبرات، بل عمل في الواقع، وترشيحي نابع من تجربة عملية سياسية وتنظيمية. إنه امتداد لوفائي للحزب، خاصة في أوقات الشدة. وتفاديا لأي تأويل هناك العديد من أطر وقادة الحزب مثلي. - وبِمَ تتميز عن غيرك من المرشحين؟ ربما سأكون الأول من جيل السبعينيات، جيل سنوات الرصاص واستراتيجية النضال الديمقراطي، الذي يترشح لهذه المهمة. وهو جيل شكل جسرا بين جيل الحركة الوطنية وبناء الدولة وجيل الحراك العربي. - يدعمك العديد من شباب الحزب، بمبرر جِيليّ وليس برنامجي، بمعنى أن مرورك إلى منصب الكاتب الأول سيسهل على جيل الحراك العربي تسلم مشعل قيادة الحزب من بعدك. برنامجي، إذا حظيت بثقة المؤتمر، يهدف إلى تجميع القوى الاتحادية واليسارية عموما حول المشروع الديمقراطي المتجدد، كما أنه يتوخى جذب القوى الحية من نساء وشباب ورجال لحمل المشروع الاشتراكي الديمقراطي الحداثي وتصريفه في الحياة اليومية للمواطنين - إذا وصل الاتحاد الاشتراكي للحكومة تحت قيادتك، فأية اشتراكية ستختار للمغرب؟ البرنامج الذي أطرحه تقوده أربعة أهداف أساسية: أولا، انبعاث المشروع الاشتراكي الديمقراطي بتحريك دورة الإنتاج تأسيسا على نمط إنتاجي يقوم على التكامل بين دور الدولة ودور قوى السوق، وإنشاء وتفعيل الخدمات العامة المرتبطة بتيسير الإدماج الاجتماعي. فالحرمان الاجتماعي أفسد العمل السياسي، وتم استغلال شقاء الناس، سواء من طرف الشبكات الزبونية أو الحركات الدينية لتكوين خزان انتخابي سريع التعبئة. وفي الواجهتين (الاقتصادية والاجتماعية) نؤكد على ضرورة تحمل الدولة لدورها كموجه ومنشط ومنظم. - التجارب الاشتراكية التي تحدثت عنها في أرضيتك في أمريكا اللاتينية وآسيا، انطلقت من تشخيص دقيق للخصوصيات الاقتصادية والسوسيو- ثقافية لبلدانها، عكس تجربة الاتحاد الاشتراكي في المغرب، التي لم تعمل، في أحسن الأحوال، إلا على تطبيق سياسات البنك الدولي، وبالتالي أصبح حزبكم غريبا ومفصولا عن جذوره الاجتماعية. حكومة التناوب انطلقت من العدم تقريبا بشهادة أولي الأمر، ونجحت في الأوراش الكبرى والبنيات الأساسية، لكن ذلك لم يكن كافيا لأن البحث عن التوافقات كان يؤدي بنا الى السكوت عن الجهر بالحق. - أعطني مثالا على ذلك. عندما تم التخلي عن المنهجية الديمقراطية وتعيين الوزير الأول من خارج الحزب الحاصل على الأغلبية، لم نكن حازمين في مغادرة الحكومة. وبالمناسبة هناك مغالطات كبيرة تروج في الإعلام حول من كان في الاتحاد الاشتراكي مع الدخول إلى الحكومة ومن لم يكن، وسيأتي زمن يتضح فيه من كان مع الدخول ومن كان ضد ذلك. - وأنت.. هل كنت ضد المشاركة في حكومة إدريس جطو؟ كنت ضد ذلك. - وهل كان رأيك رأي أقلية؟ لا، كان هو الرأي السائد، لكن تقمص الأزمة من طرف البعض، والخوف على أمن واستقرار البلاد جعل الإخوان يختارون المشاركة في الحكومة ضدا على المنهجية الديمقراطية التي ناضل من أجلها حزبنا. - وهنا غرقت البلاد والحزب معا. بالضبط. وقد كان علينا أن نجهر بالحق ونرفض ضرب الديمقراطية برفض المشاركة في الحكومة، لكننا آثرنا الصمت والانسياق. هناك مثال آخر؛ عندما كنا نقود الحكومة واقترحنا الورقة الفريدة للتصويت في الانتخابات، ثم تقدمنا بمقترح قانون ساندتنا فيه كل الفرق البرلمانية، من الأغلبية والمعارضة، ورغم ذلك لم نستطع تمريره إلا بعد مدة طويلة. - هل لأن الملك لم يكن يريد ذلك؟ عندما يكون لدي وزير أول وأغلبية لا يكون هناك مبرر لكي لا أطبق ما يبدو لي مهما من البرامج والقوانين. مثل هذا حدث أيضا مع قانون الجنسية والقانون التنظيمي للجان النيابية لتقصي الحقائق. أحيانا تكون هناك جيوب مقاومة، لكن للأسف يتم الإذعان لها، دون الوعي بأن الطبيعة لا تقبل الفراغ، وأن اللاموقف يؤدي إلى التراجع... - وإلى صعود قوى أخرى مثل العدالة والتنمية؟ أكيد. لكن هذا أيضا يحدث اليوم، وبشكل أفظع، لأن الدستور يعطي صلاحيات واسعة للحكومة ولرئيسها، لكن لا يتم استغلال ذلك على الوجه الأحسن. - هل ينبغي، في نظرك، على الاتحاد الاشتراكي أن يقدم نقدا ذاتيا قبل الدخول في مرحلة جديدة؟ لا يوجد حزب قدم من النقد الذاتي في كل محطاته السابقة مثلما فعل الاتحاد الاشتراكي، لكن النقد الذاتي الذي لا يستشرف المستقبل يصبح مجرد جلد للذات، لذلك أقول اليوم نعم للنقد الذاتي، لكن الأهم هو أن نتحدث بجرأة حول القضايا المطروحة على البلد. لنتذكر أننا ذهبنا إلى الشوط الأول من المؤتمر الثامن، في 2008 بأرضية سياسية، لا علاقة لها بالبيان العام الصادر عن المؤتمر، ولذلك فشل الشوط الأول. في الشوط الثاني جئنا بمطلب الملكية البرلمانية والإصلاحات الدستورية، وهو مطلب تميز به الاتحاد الاشتراكي قبل الجميع. اليوم، وأنا في أرضيتي البرنامجية التي لم تترك لي المجال لأعرض بقية أهدافها، والتي أطرح فيها، كهدف ثالث، العمل من أجل تطوير المنظومة السياسية في المغرب برمته بما فيها المؤسسة الملكية. - مفهوم الملكية العصرية مفهوم مضلل. هل تقصد الملكية البرلمانية؟ نحن الاتحاديون هم من ناضل لعقود من أجل ذلك، أي من أجل ملكية برلمانية. كما أن بلادنا شهدت نقاشا واسعا حول الاصلاحات المؤسسية أطلق فيه العنان للتعبير الحر وباب النقاش لازال مفتوحا. ولا يمكن لحزبنا أن يتخلف عن القيام بدوره، خاصة أنه مؤمن بضرورة التدرج نحو الملكية البرلمانية العصرية، منطلقين من أن الملكية في بلادنا تقف على رجلين: من جهة إمارة المؤمنين التي تسهر على تأمين وحدة العقيدة والمذهب، ومن جهة ثانية تحفيز ومصاحبة دينامية التحديث. - تحدثت في أرضيتك عن أن القيادة الاتحادية يجب أن تكون صدامية. هل مفهوم الصدامية هذا هو مفهوم مؤسس لهوية الاتحاد الاشتراكي أم لهوية إدريس لشكر؟ البلاد اليوم في حاجة للنطق بالكلمة الجريئة، ولا يجب أن ننسى أن الاتحاد الاشتراكي أسس على هذه القاعدة: مقاومة الاستبداد والظلم والطغيان. - لكنه لم يكن صداميا. على العكس. الاتحاد دائما كان صداميا، في مختلف المحطات، منذ 1959. الصدامية هي المواجهة، هي عدم الوقوف في المنزلة بين المنزلتين، هي الوضوح في كل القضايا. للأسف، كم من القضايا تفرجنا عليها مؤخرا دون إبداء موقف منها، بمنطق «كم حاجة قضيناها بتركها». لذلك أقول عندما يقوم الناس للاحتجاج على ارتفاع الكهرباء يجب أن يكون الاتحاد الاشتراكي حاضرا إلى جانبهم. وإذا اتخذت الحكومة موقفا ضد الإرادة الشعبية فعلينا أن نتصدى لها بلا مهادنة. هذا ما أقصده بالصدامية. لذلك فالاتحاديون دائما يتحدثون عن الاتحاد الذي كان في السبعينيات والثمانينيات. - هذه نوسطالجيا شعبوية. المغرب اليوم يجتاز إحدى أحلك المراحل في تاريخه المعاصر نظرا لغياب برامج واضحة وسياسات منصفة وسيادة الارتجالية في الأداء الحكومي. أمام هذا التردي لا خيار إلا مقاومة الردة التي تصيب السياسات العمومية ومجال الحرية والحقوق كل يوم. - تتحدث في أرضيتك عن تدقيق هوية الحزب حتى لا تختزل المعارضة في المشاكسة، ثم تعود لتقول إن الناس يحنون إلى «اتحاد» السبعينيات. لأننا الآن اختزلنا المعارضة في المشاكسة البرلمانية. - لكن هذا ما تقومون به اليوم. نعم. لذلك أدعو إلى أن تكون المعارضة في المجتمع معارضة قوية سياسيا واجتماعيا وإعلاميا. علينا أن نكون في قلب الحركة الجماهيرية. - هل مازال للاتحاد الاشتراكي من الجماهير ما يكفي لتجذير معارضة قوية في الشارع؟ الاتحاد مازال رياديا في العديد من القطاعات والروابط المهنية، فقط علينا توظيف ذلك بشكل جيد. صحيح أنه حدث لنا تراجع في المناطق المهمشة، وأحزمة البؤس في المدن الكبرى، وربما ساهم في هذا أيضا نمط الاقتراع باللائحة الذي ساهمنا في اعتماده. الآن مطلوب منا أن نتحول من نظام اللائحة إلى النظام الأحادي الفردي، فهو الذي سيعيد الارتباط بالمواطن في الحي والمقاطعة، ويعطينا في كل دوار وفي كل حي مناضلين يشتغلون قريبا من المواطنين، يطرحون قضاياهم ويقودون احتجاجاتهم. - ألا ترى بأن هذا النمط من الانتخابات يعطينا ثلاثة نماذج انتخابية: مرشح المال، مرشح الدين، ومرشح السخرة الذي أصبح يسمى بمناضل القرب. وهؤلاء النماذج الثلاثة جميعهم لا يمكن أن نبني بهم دولة المؤسسات والمواطنة الكاملة؟ بالعكس. أنا أعتبر أن مناضل القرب بَنت به عدة دول مؤسساتها، أنا لا أقصد المناضل «المسخر» الذي يقوم بممارسات غير قانونية وينوب عن الناس في جلب الوثائق الإدارية والتوسط لهم لدى الإدارات. أنا أتحدث عن مناضل القرب الذي يتبنى المطالب الاجتماعية لحيه ويقف ضد الظلم. هذا أمر يهم الجماعة ويخدم السياسة بشكل نبيل. أنا أتحدث عن العضو المناضل الذي يتجرد من أنانيته لخدمة قضايا الجماعة. - بالرغم من أن أرضيتك البرنامجية تجيب عن العديد من الإشكالات الحزبية والمجتمعية، فهناك من يقول إن لشكر لا يستقر على مبدأ، مثل دخولك الحكومة أياما بعدما كنت تطالب بالخروج منها والتحالف مع العدالة والتنمية. في 2005 كان هناك تصور يعتبر أن الاتحاد الاشتراكي انتهى دوره. كما كانت هناك محاولات للحفاظ على بلقنة المشهد الحزبي وتركه مشتتا وضعيفا. وعينا بهذا المخطط ومواجهته بالمطالبة برفع العتبة لضمان قطبية سياسية، وتصدري شخصيا لهذه المعركة عرضني لهجوم وضغط إعلامي وسياسي بادعاءات تضليلية أقلها أننا إقصائيون وضد التعدد. - من داخل الحزب؟ من داخل الحزب ومن خارجه. المهم أننا ولجنا الانتخابات، وتلقينا ضربة قاسية، وعوض أن نقوم بجلسة متأنية للتقييم استمررنا في النزيف، من خلال المشاركة في المفاوضات التي أدت إلى تشكيل الحكومة. هذه المفاوضات صاحبها ظهور حركة لكل الديمقراطيين، التي واجهناها لأنها كانت تستهدف الاتحاد الاشتراكي للحلول محله. وفعلا بدأت الاستقطابات من داخل حزبنا، فخرجنا بموقف يقضي بأن كل من انخرط في هذه الحركة يعتبر مطرودا من الحزب. هذا الموقف تطلب منا نقاشا لشهور، لأنه كان هناك من داخل المكتب السياسي من كان يقول إن هذه الحركة لا تستهدفنا، وأنها ربما ستساهم في تشكيل قطب ليبرالي «حقيقي» في المغرب. ثم جاءت انتخابات 2009 ولم تعط نتائج للاتحاد الاشتراكي رئاسة ولو مدينة واحدة، فلم يكن التنسيق مع الكتلة ليضمن لحزبنا تسيير ولو مجلس واحد. أمام محدودية الخيارات تركنا الحرية للتنظيمات المحلية والجهوية لتختار تنسيقاتها، الشيء الذي مكننا من رئاسة عدة مدن مهمة كالعاصمة الرباط وعاصمة سوس أكادير وغيرهما. إذن لم تكن هناك تحالفات حتى يقال إن إدريس لشكر يغير تحالفاته. السياقات هي التي تحدد الاتفاقات والتنسيقات المطلوبة. - في هذا الوقت دعوت إلى تأسيس جبهة وطنية ديمقراطية مع العدالة والتنمية؟ لا، ليس بالضرورة مع العدالة والتنمية، بل مع كل القوى السياسية الديمقراطية التي كانت تتوجس من أي نكوص في المسلسل الديمقراطي. وتأكد أن بعض المبادرات التي كنت أعلن عنها لم تكن تملك شرعيتها إلا بعد التداول والنقاش داخل المكتب السياسي، فلا تبقى مبادرة فردية لإدريس لشكر. - هل ناقشتم مبادرة الجبهة الوطنية الديمقراطية مع العدالة والتنمية ووافقتم عليها داخل المكتب السياسي؟ لا بد أن تتذكر أن ما كان يربط حزبنا بالعدالة والتنمية وقتها هي اتفاقات وتنسيقات لم تبوئني شخصيا أي منصب ولم أسع إلى ذلك، بل سعينا إلى أن نحافظ لحزبنا على بعض وهجه بتمكين إخوة لنا من رئاسة بعض المجالس. - أثناء التعديل الحكومي لسنة 2010 أصحبت وزيرا بعد أن كنت تدعو الحزب إلى الخروج إلى المعارضة، وهو ما يجعل منتقديك يقولون إن إدريس لشكر يغير مواقفه ب180 درجة. ما صحة ذلك؟ البقاء في الحكومة من عدمه بالنسبة لحزبنا تقرره أجهزته التقريرية والتعبير عن الرأي حق لكل عضو. ورأيي، إلى جانب شريحة واسعة من أطر الحزب ومناضليه، أن خروجنا من الحكومة كان مطلوبا في 2002 عندما لم تحترم المنهجية الديمقراطية، وكان مطلوبا أكثر في 2007 بعد الهزيمة في الانتخابات. وقد كان النقاش قويا أفضى إلى عقد مجلس وطني تداول في الأمر وقرر الاستمرار في المشاركة في الحكومة شريطة ربط ذلك بالإصلاحات الدستورية والسياسية، وهو ما عملنا عليه جميعا انضباطا للقرار الحزبي. - بعد استوزارك تغير موقفك من حزب الأصالة والمعاصرة. هذا التقارب الذي تتحدث عنه هل صدر عن إدريس لشكر أم أن المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي هو الذي استقبل قيادة الأصالة والمعاصرة في مقر الحزب؟ لقد حدث هذا التقارب بناء على قرار المجلس الوطني الذي طلب من قيادة الحزب فتح حوار مع كل الأحزاب حول الإصلاحات الدستورية. - الآن، وفي ظل الموت العملي للكتلة الديمقراطية، هل تحول «البام» إلى حزب عادي؟ وهل هناك إمكانية للتنسيق معه في المستقبل؟ يمكنكم التوجه بالسؤال إلى مسؤولي هذا الحزب. أما بخصوص إمكانية التنسيق معه في المستقبل، فدعني أقول إننا لا نختار من نتعامل معه ومن لا نتعامل معه، بل القضايا والمعارك الميدانية هي التي تفرض علينا أن نحدد مع من نتعامل. - الآن، هناك تنسيق على مستوى البرلمان بين الاتحاد والاشتراكي والأصالة والمعاصرة، هل يمكن أن يتطور ذلك إلى تحالف؟ على مستوى الفريق البرلماني، يمكنني أن أخبرك بأن كل التعديلات التي تقدم بها حزب الأصالة والمعاصرة والتجمع الوطني للأحرار وكل أحزاب المعارضة صوت عليها الفريق الاتحادي، وكل التعديلات التي تقدم بها الفريق الاتحادي صوتت عليها باقي فرق المعارضة. - هل الأصالة والمعاصرة والتجمع الوطني للأحرار أقرب الآن إلى الاتحاد الاشتراكي من حزب الاستقلال والتقدم والاشتراكية؟ غدا عندما سأتقدم بمقترح لإلغاء عقوبة الإعدام مثلا أو أي مقترح قانون آخر فإن الأقرب إلي هو من سيصوت على المقترح. - لماذا اخترت أن تدافع قضائيا وسياسيا عن خالد عليوة، بالرغم من أنه لم تعد تربطه بالحزب أي علاقة تنظيمية؟ أولا، من قال إن خالد عليوة لم تعد تربطه بالحزب أي علاقة تنظيمية. صحيح عليوة ليس عضوا بالمكتب السياسي ولا بالمجلس الوطني، لكنه اتحادي كآلاف الاتحاديين الذين ليسوا أعضاء بالأجهزة التنظيمية للحزب لكنهم أعضاء فيه. ثانيا، ما حدث خلال هذا الأسبوع من تمتيع أشخاص متهمين في ملف مشابه من حيث الاعتقال الاحتياطي للمتهمين بالسراح المؤقت، يزيد من تأكيد صواب موقفي، ومن تأكيد أن العدالة في بلادنا تسير بسرعتين: سرعة منحت السراح في ملف قيد المداولة وقد اقترب من استصدار حكم، وسرعة أخرى، بخصوص ملف عليوة، أدت إلى مرور أكثر من 6 أشهر دون حتى أن يبدأ التحقيق في الملف، مما يطرح السؤال حول الأهداف الحقيقية وراء الاحتفاظ بالأخ خالد عليوة رهينة، وأن يتم التعامل معه بهذا النوع من الانتقام السياسي. نعم، اعتقال خالد عليوة والاستمرار فيه، دون القيام بأي إجراءات لبدء التحقيق، مع العلم بأنه يتوفر على كل الضمانات اللازمة للمثول أمام القضاء، هو انتقام سياسي، وهو ما يؤكده كل الفاعلين السياسيين والحقوقيين والنقابيين والجمعويين الذين وقعوا عرائض المساندة. حكومة بنكيران أخفقت في كل شيء - لماذا لا تساندون حكومة بنكيران التي تعرضت لعرقلة من طرف من سمتهم بالأشباح والعفاريت؟ الحديث عن جيوب مقاومة زمن حكومة التناوب كان له معنى، أما الحديث اليوم عن التماسيح والأشباح ومن يضعون العصا في العجلة، في ظل دستور يمنح الحكومة صلاحيات، فهو غير مبرر. أنا خبرت المسؤولية وأعرف حدودها وأعرف كذلك الفرق بين السلطة التنفيذية والسلطة التنظيمية، لذلك أؤكد أن مجلس الحكومة الذي يترأسه رئيس الحكومة لا يمكن أن يوقفه أي شيء في ما يتعلق بسن أي قانون يراه مناسبا لمصلحة البلاد. لذلك فالاختباء وراء الحجج الواهية لا يمكن قبوله. - إذا طلبت منك باختصار أن تقول لي أين نجحت حكومة بنكيران وأين أخفقت؟ لم نر إلى يومنا هذا ما الذي نجحت فيه حكومة بنكيران، وأما إخفاقها فهو في كل شيء: أخفقت في أهم شيء وهو أن تمارس حتى صلاحياتها واختصاصاتها، بل أخفقت حتى في أن تصدر القانون التنظيمي الذي ينظم العلائق داخلها، وكيفية اشتغالها، وبالتالي فعندما تخفق حكومة بنكيران حتى في تنظيم العلاقات بين أعضائها كيف يمكن لها أن تنظم العلاقات مع الآخرين؟!