هكذا هتف ساركوزي في مجلس النواب عاش المغرب .. أجد صعوبة في فهم هذه المعادلة الصعبة صحفيان مغربيان يطالبان بنزع الجنسية المغربية عنهما ، ومغاربة في كل الدول الأوربية يرغبون بنيل شرف الجنسية الأوربية .لماذا مغاربة يفرون من المغرب وأجانب يقيمون بمراكش والشاون ..والرئيس الفرنسي يهتف بأعلى صوته عاش المغرب ؟ "" حقيقة لم أفهم لماذا ومع ذلك فلنحاول أن نرى المسألة من جانب آخر . كلمة عاش المغرب حسب ساركوزي وحسب التعريف الفرنسي يذكرني بذاك الكتاب الضخم الذي يقرأه كل دارس لتاريخ المغرب المغرب الفرنسي أي بتعبير بسيط مغرب الحماية الفرنسية . عاش المغرب حسب المعطيات الفرنسية الساركوزية والشيراكية هو ذاك المغرب الذي يمكن لأبناء المغرب أن يتكلموا فقط لغة مولير .أن ينسوا قليلا أمازيغيتهم وعربيتهم وكل هوية وطنية مغربية . أن يمدوا فرنسا في أيام عوزها باليد العاملة الرخيصة ، أن يتعلموا من فرنسا الحضارة والأدب والصحافة وأن يشاهدوا أفلام لويس لوميير ليتعلموا أبجديات الفن السابع .أن ينسوا قليلا ما اقترفته أيادي الماريشال ليوطي ونوجيس وآخرون من قتل وتدبيح وسفح في حق المغاربة فهم مجرد رعايا . أن يتناسوا الجنود المغاربة المنتمين كرها في الجيش الفرنسي مآساتهم في حروب الهند الصينية . في مغرب ساركوزي وجاك شيراك والسلسلة طويلة في تلك التبعية المطلقة ،أن يطمسوا كل هوية أمازيغية أو عربية من أجل الحضارة الفرنسية .أن ينسى المغاربة كثيرا من أبطالهم في حجم عبدالكريم الخطابي والمهدي بن بركة .في مغرب ساركوزي وهتافه الكبير بعاش المغرب حرا طليقا لفرنسا التي نسيت أو تناست أن تقدم اعتذارا عما لحق المغاربة من مصائبها ، عن استغلالها الفاحش ونهبها المستمر لثروات الوطن أمام أعين ناظريه . في المغرب الفرنسي كما يحلو للفرنسين أن يسموه ، مغرب العلاقات الفرنسية المغربية بداية باتفاقية للالة مغنية 1845 واتفاقية ايكس ليبان وأخيرا اتفاقية ساركوزي بدعوى الجوار المتوسطي . في المغرب الفرنسي كل المؤسسات الإقتصادية تابعة لفرنسا القوية ولغتها بما تلك القنوات الوطنية الممولة من ضرائب مواطنيين مغاربة من أجل توعيتهم بطريقتها الخاصة . من جهة أخرى قد أكون على غير صواب وقد يكون الرجل ساركوزي محبا للمغرب والمغاربة لذلك فرض على كل المهاجرين بمن فيهم المغاربة تحاليل الحمض النووي . قد أكون مخطئا وغير ذا رؤية بعيدة أن زيارة ساركوزي للمغرب والهتاف الذي بحت به حنجرة الرجل تستحق التنويه والثناء ولكننا كمغاربة نتنكر للأعمال العظيمة التي أمدتنا بها فرنسا، فهي التي أدخلت الحضارة بمفهومها للمغرب ولولاها لازلنا في أيام الحَرْكَات بالخيول والجمال .نحن الذين نسينا خيرها وهي التي أمدت قطارات المغرب المعاصر حتى مدينة مراكش ولم يستطع المغاربة جميعا اضافة سكة جديدة ، وهذا هو عجز مَلَكِيتُنا أمام العالم . قد تكون فرنسا هي التي جزأت المغرب إلى إيالات هشة وهي تحتفظ في أرشيفها الوطني عن دسائس الملك الراحل وعن لحظات الإنعطاف الحرجة للملكية في المغرب ، هي التي احتفظت بالبصري حتى لحظات الإحتضار الأخيرة وباليوسفي قبل توليه بأيام قليلة من حكومة التناوب . علينا أن نعترف جميعا أن فرنسا قدمت الكثير وأحسن هدية قدمتها للمغاربة هي انها استعمرت المغرب لمدة قصيرة وخرجت من البلاد ولكنها لاتزال تحتفظ بالماندو والمقود في تسيير دواليب البلاد من سياسة واقتصاد وديبلوماسية وثقافة لدولة تمتلك كامل سيادتها لازائدة ولامنقوصة نعثها المؤرخ المغربي الناصري بالمغرب الأقصى ذات يوم . هكذا قالها الرئيس الفرنسي ، عاش المغرب ، عاشت فرنسا .ولكم واسع النظر .