لا يا سيد ماكرون. المسلمون ليسوا في أزمة. بل المسلمون صاروا أضحوكة وهم يقاطعون نينا ريتشي ولوي فيتون وشانيل لكم الحق أيها الإسلاميون. لكم الحق الكامل. في أن تقاطعوا فرنسا. وترفضوا علمانيتها. وحريتها. وثقافتها. ولغتها. وتاريخها. وأنوارها. وقوانينها. لكم كل الحق في نصرة النبي. وفي الذود عن حياض الإسلام. وفي أن تعتبروه مستهدفا. لكن اسمحوا لي. لكن اعذروني أيها الإسلاميون. ويا إخوانا مسلمين. ويا إعلام تركيا. ويا اتجاهات سلفية. ويامقاطعين مغاربة. فقد اطلعت على قائمة المنتجات والبضائع والماركات التي قررتم مقاطعتها. فوجدت في حملتكم هذه إساءة إلى المسلمين. وإلى الإسلام. وبعد أن كانوا يتهموننا بالإرهاب. وبعد أن صرح رئيسهم بأن ديننا في أزمة. وبقائمتكم هذه. فإنكم منحتموهم الفرصة ليتهموننا أيضا بالغباء. فهل يوجد إسلامي يتعطر بنينا ريتشي. قولوا لي. هل يوجد إسلامي يفعل ذلك. وهل توجد إخوانية تشتري حقيبة لوي فيتون. كي تقاطعها. إنهن موجودات. ولا أحد ينفي ذلك. لكنهن مسلمات نامصات.متنمصات. متفلجات. كاسيات. عاريات. مغيرات خلق الله. منافقات. متمكيجات. متبرجات. لهن دولارات. ولا أظن حملة المقاطعة موجهة إليهن. ولا أظنهن مهتمات بهذا الموضوع. فلكن واقعيين. إذاً. أيها الإسلاميون المقاطعون لفرنسا. ما هكذا. ماهكذا يقاطع الإنسان العاقل فرنسا. ما هكذا يكون المسلم الغيور على دينه. وأريد أن أنضم إليكم. وأن أخوض معكم الحملة. وأنصر الإسلام. لكني لم أفقد عقلي بعد. ولا يمكنني أن أقاطع كارتيي. وإيف سان لوران. وديور. لأني لا أقدر. ولأنها ماركات وعلامات من عالم مواز. عالم لا يقترب منه أمثالي وأمثالكم. ولا يقترب منه المسلمون التقاة. ولا المسلمون المنافقون. ولا العرب. ولا الأمازيغ. ولا الشيشان. ولا يمكننا أن نقاطع عطورا وأزياء لا أحد منا له القدرة على الاقتراب من محلاتها. ويجب أن تكوني سيدتي المسلمة كافرة كي تتعطري بنينا ريتشي. و هذا لا يعني أن المسلمات لا يتعطرن بشانيل ولونكوم. ولا يتبضعن من محلات الخياطة الرفيعة. لكنهن يكن غالبا مقيمات في دبي. وهن مسلمات من نوع خاص جدا. ويذهبن في الويكاند إلى المنامة وإلى تركيا. وفريد هو من يهديهن تلك العطور. وتلك الأزياء. وهو من يدفع لهن. كما أنهن منشغلات دائما ولا يمكن التعويل عليهن في حملة المقاطعة هذه. ويلعبن بأذيالهن. ويغمزن. ويسبلن العيون. وقد يكن زوجات أثرياء مغاربة. ويتنافسن في ما بينهن على من تشتري أغلى حقيبة من تلك الماركات. ومن ترتدي أغلى فستان. وبالنسبة إليهن. ففرنسا خط أحمر. ولا يمكن مقاطعتها. ولا يتخيلن أن يصبحن عدوات لباريس. ولن يخرطن مهما حصل في هذه الحملة. وخوفي أن يقرأ الكفار واليهود هذه القائمة. خوفي أن يطلعوا عليها في شارلي إيبدو فيرسموننا ونحن نقاطع شانيل. خوفي أن يراها الماسونيون. والعلمانيون. ليصير المسلمون في كل مكان عرضة للسخرية. وأينما ظهرت لهم لحية. وأينما ظهر لهم حجاب. وأينما ظهرنا لهم. يضحكون في عبهم. ويوشوشون. في آذان بعضهم البعض. ويقولون. إنهم أتباع ذلك الدين الذي قاطع المؤمنون به لوي فيتون. ها.ها. ها. هي. هي. هي. إنهم أتباع محمد الذين قرروا مقاطعة نينا ريتشي. وفي قنواتهم. وفي جرائدهم. وفي برامجهم الفكاهية. سوف يموتون من الضحك. بسبب هذه الحملة. وفي العالم كله. وفي اليسار. وفي اليمين. وفي كل الثقافات. وفي كل الأديان. يقاطع الناس كوكاكولا. ويقاطعون ماكدو. ويقاطعون مارلبورو. ويقاطعون بنطلون ليفيس. ويقاطعون ما يستطيع الإنسان مقاطعته. وما يستطيع لمسه. وما يستطيع شراءه كي يرفض شراؤه. وكي يسجل الموقف. يقاطعون بواقعية. يقاطعون حسب إمكاناتهم. بينما لا أحد. وفي عز الماركسية. وفي عز مناهضة الامبريالية. وفي عز الحرب الباردة. وفي عز نزعة العداء لكل ما هو أمريكي. فكر في مقاطعة مجوهرات تيفاني. لأنها بعيدة. وغالية. ولم نرها إلا في الأفلام. وفي الأدب الأمريكي. ولأن الطبقات الكادحة. ولأن المسحوقين. ولأن العمال. ولأن الجماهير الشعبية. ليس بمقدورها أن تقاطع شيئا تعجز عن شرائه. وتقاطع شيئا لم تسمع به. ولا يستهلك يوميا. ولا يباع في بلدانها. ولا يباع في أحيائها الشعبية. وغير متاح لها. وغير موجه لها من الأصل. وباستثناء جبنة البقرة الضاحكة. وباستثناء دانون. وأقلام بيك الجافة. فلا شيء في القائمة التي وضعتموها بإمكاننا مقاطعته. وبدل أن تنصروا الرسول. وبدل أن تدافعوا عن الدين. تجعلوننا محط هزء في كل العالم. فيسخر منا الكفار. والمسيحيون. والبوذيون. واللا أدريون. وعارضات الأزياء. ومصمموها. والأساقفة. والعنصريون. وكارهو الإسلام. والمراهقات اللواتي يشترين ملابسهن من جينفر. والأولاد الذين يتبضعون من جيل. والصغار الذين يذهبون مع أمهاتهن إلى محلات كيابي. وهذه كلها ماركات فرنسية. وبمقدورنا مقاطعتها. ونلجأ إليها دائما. ونشتري منها. لأنها في المتناول. وموجهة إلى أمثالنا. وإلى من ليس لهم المال. وإلى من ليست لهم ثروة. وليسوا من الخليج. وليسوا من الأغنياء. بينما لا أثر لهذه الماركات في القائمة التي وضعها الإسلاميون كي يقاطعوا فرنسا. وبدل ذلك وضعوا نينا ريتشي. ما هذا أيها الإسلاميون. ما هذه المقاطعة المترفة. ما هذه المقاطعة الرقيقة. والمخملية. ومن أين لكم هذا. ما هذه المقاطعة العجيبة. ما هذه المقاطعة الغبية. لهذا. ولأسباب أخرى كثيرة. فإن من كان يدافع عن المسلمين في فرنسا. لا محالة سوف يتوقف عن ذلك. ومن كان في صفنا سوف يكف عن ذلك. ومن كان متسامحا. ويؤمن بالاختلاف. ويرى ظلما تعرض له المسلمون في فرنسا. ويرى استغلالا. ويرى مسؤولية الدولة الفرنسية. سوف يتراجع. بعد أن يطلع على تلك القائمة. وسيعيد النظر في المسلمين. وقد يقول لي أحدكم: مقاطعة البقرة الضاحة واجبة على المسلمين الفقراء. ومن لم يستطع مقاطعة لونكوم فليكتف بقلم بيك. أما مقاطعة ماركات العطور والخياطة الرفيعة الفرنسية واجبة على أمراء الخليج. وعلى الأميرات. وعلى الأثرياء. لكن أين الشامبانيا. أين النبيذ. أين بوردو. أين الجبن الأزرق. أين الكامومبير. أين الحياة. أين الحرية. أين الأحلام. وهي كلها بضائع فرنسية غائبة عن لائحتكم. وعوض ذلك تضعون لوي فيتون. وهل تعلمون كم ثمن حقيبة يد نسائية صغيرة عند لوي فيتون. إنها بالملايين. فكيف. قولوا لنا كيف نقاطعها. وهل تمزحون. وهل تسيئون إلى الإسلام. وهل تدفعوننا بذلك إلى الكفر. وهل تحاولون بذلك أن تثبتوا للغرب أنكم ساخرون. وتحبون الضحك. وأن الذي قطع رأس ذلك الأستاذ ليس منكم ولا يمثلكم أم ماذا أيها الإسلاميون. فمن كان يتخيل من كان يتخيل إسلاما أرستقراطيا يقاطع نينا ريتشي ولونكوم وساعات وأساور كارتيي. ومجوهرات فريد. ثم يأتي بعد كل هذا. من يهاجم الإسلام ويقول إنه في أزمة. لا. يا سيد ماكرون نحن لسنا في أزمة. والذي في أزمة لا يقاطع العطور الغالية. بل نحن مسخرة. بل إنه مع هذه الحملة التي تقاطع العجلات الفرنسية صار الذين يدافعون عن الإسلام أضحوكة. صار المسلمون نكتة. ولو سمعها إريك زمور. ولو قرأ البضائع والماركات التي في القائمة. ولو سمعتها جون ماري لوبين ولو سمعها مالكو لوي فيتون ولو سمعها إيمانييل ماكرون. فلن يكفوا عن الضحك. وسيسقطون أرضا. تخيلوا تخيلوا مثلا ولدا شابا من العدالة والتنمية تخيلوا شخصا متأثرا بالإعلام القطري التركي يرفض أن يشتري لخطيبته حقيبة لوي فيتون لأنه يقاطع البضائع الفرنسية. ها. ها. ها. ها ها. هي. هي. هي. هي تخيلوا تخيلوا أي درك وصلنا إليه تخيلوا كم صرنا مضحكين. تخيلوا قوة حس الفكاهة لدى من يدعي أنه يمثل المسلمين ومن يدعي أنه يدافع عن الإسلام اليوم.