هل سنخرج في المظاهرات. هل سينظم الإسلاميون والقوميون وبعض اليسار مسيرة مليونية للتنديد بسيادة المغرب على صحرائه. هل سنصرخ لا لا للصحراء المغربية. مقابل التطبيع مع إسرائيل. لا للمقايضة. تخيلوا هذا الأمر. تخيلوا لو كان الخبر الذي نشره ذلك الموقع الأمريكي صحيحا. واعترفت أمريكا فعلا بأن الصحراء مغربية. فهل سيرفضه حزب العدالة والتنمية. وهل سيصدر بلاغا في هذا الشأن. وهل سيحتج على مغربية الصحراء. وهل سيوقع الرافضون للتطبيع عريضة ينددون فيها بالدولة المغربية. وهل سترفض القوى الحية سيادة المغرب على أرضه. وأنصار بشار الأسد. وأتباع أردوغان. وشيعة المغرب. والمغاربة الروس. ماذا سيكون موقفهم. تخيلوا. تخيلوا. موقف هذا النوع من المغاربة. وغالبا أنهم لن يروقهم أن يعترف دونالد ترامب بمغربية الصحراء. وسيشتمونه. وسيقولون لا نريدها. ولا نرغب في أن تمن علينا. وفلسطين أولا. ورغم أن موافقة أمريكا مستبعدة جدا. من أجل مصالحها. وليس لشيء آخر. لكن تخيلوا. تخيلوا أن يحدث هذا. تخيلوا تنظيمات سياسية وشارعا لا يقبلون هذه “الصفقة”. وسوف نكون مع تركيا. ومع إيران. ومع سوريا. ومع فلسطين. ومع كل القضايا. ومع من سيهاجمنا. ومن سيزايد علينا. إلا مع قضيتنا الوطنية. وسوف نتعامل مع”حدث القرن” في المغرب ببرود. وسوف نشجبه. وسوف نندد بالاعتراف الأمريكي بسيادة المغرب على الصحراء. وسوف نقاطع المغرب. ونحن بداخله. ونحن منه. سوف نقاطعنا. وسوف نرفع الشعارات ضدنا. وسوف نحتج علينا. والبعض سوف يتهم الدولة بالخيانة. تخيلوا ماذا سيقول خالد السفياني. تخيلوا ماذا سيفعل ويحمان. ومناهضو التطبيع. ومرصده. ولا شك أنهم سيعترضون. تخيلوا هذا التصريح: “نحن مع مغربية الصحراء. لكن ليس على حساب فلسطين”. و”ليس مقابل التطبيع”. تخيلوا حجم الرفض الشعبي لمغربية الصحراء. تخيلوا حجم الغضب. تخيلوا كم سنكون مع الجميع. ومع مصالح تركيا. ومع مصالح إيران. ومع مصالح بشار الأسد. ومع بعض العرب. وضد بعض العرب. ومع بورما. ومع سكان المريخ. بينما لن نكون مع أنفسنا. وسنحتج علينا. تخيلوا كم نحن خصوم لنا. وكم نحن لا نهتم أبدا بنا. وبمصالحنا. وكم لنا كل القضايا. ونموت من أجلها. ونزبد. ونصرخ. وتبح حناجرنا. وكم نحن أكثر فلسطينية من الفلسطينيين. وأكثر عربا من العرب. والفلسطينيون يطبعون. والفلسطينيون في قلب إسرائيل. بينما ممنوع علينا نحن ذلك. وممنوع علينا الحديث عن المصلحة المغربية. والحديث عن موقف وسط حرام. والمصلحة خيانة. والواقعية خيانة. والتفاوض خيانة. والدبلوماسية خيانة. تخيلوا. تخيلوا كم سنرتكب في حق أنفسنا من سباب شتم. تخيلوا كم سنحتح. وكم سنصرخ. ورغم أن الأمر مستبعد. لكن تخيلوا كم أننا نغلب مصلحة الجميع على مصلحتنا الخاصة. تخيلوا أن مصر مطبعة. والأردن. وهناك سفارة في القاهرة. وفي عمان. وتركيا مطبعة. والخليج كله مطبع. والمشرق. والغرب. وفلسطين في قلب إسرائيل. وشعبها يشتغل في إسرائيل. والمرتبات التي يحصلون عليها هي بموافقة من إسرائيل. ولا فلس. ولا ريال. ولا شيكل. إلا إذا ختمت عليه تل أبيب. تخيلوا كم نحن غير مهتمين بترسيم الحدود البحرية المغربية. ولا يعنينا هذا الموضوع. وتعنينا بالمقابل تركياوإيران وتعنينا قطر والإمارات. تخيلوا كم نحن لا نعيش في المغرب. تخيلوا لو فعلها ترامب واعترف بسيادة المغرب على الصحراء مقابل التطبيع الكامل مع إسرائيل. تخيلوا ماذا سيكون رد ويحمان تخيلوا البيان الذي سيكتبه أحمد الريسوني. تخيلوا موقف الإخوان المسلمين تخيلوا الممانعين المغاربة تخيلوا القوميين والإسلاميين تخيلوهم وهم يرفضون الاعتراف الأمريكي والاعتراف الفرنسي تخيلوا اليساري يصرخ لا نريد صحراء مغربية ممنوحة من الامبريالية الأمريكية. تخيلوا الإسلامي يرفض مغربية الصحراء ممنوحة من الشيطان الأكبر. ومن الماسونية. تخيلوا الإخواني يطلب تدخل عاجلا لأردوغان. تخيلوا مغاربة يصرخون” لا. لا لصحراء معترف بها من طرف ترامب” لا لصفقة القرن مع “عدوة الشعوب”. ومع الصهاينة. ولذلك فهم صامتون. وصحافتهم صامتة. كأنها لم تسمع بالخبر ويتمنون صادقين ألا يكون الخبر صحيحا. ويصلون. كي لا تعترف أمريكا بسيادة المغرب. كي لا يحرموا أنفسهم من مسيرات الأحد. ومن مناهضة التطبيع. أما الصحراء المغربية. فلها رب يحميها. ولا تحتاج إلى أحد. ولا تحتاج إلى المغاربة. وسوف يصرخون خذوها. خذوها. واتركوا لنا غزة. واتركوا لنا الشعارات. والمظاهرات. وأردوغان. الذي لا يطبع مع أحد ويفضل مصالح العرب والمسلمين على مصالح تركيا الخاصة.