تعيش حركة التوحيد والإصلاح مرحلة دقيقة من عمرها الدعوي والسياسي، فيه التنظيم الأم الذي انبثق فيه حزب العدالة والتنمية الأكثر شعبية في المغرب، حيث عقدت نهاية الأسبوع الماضي مؤتمرها السادس في بداية انتهى بتحيين أوراقها التأسيسية (الميثاق)، وتقييم طبيعة العلاقة بين الدعوي والسياسي، فضلا عن تحديد أولويات المرحلة القادمة. “كود” من خلال هذا الملف الأسبوعي، وتابعت نتائج المؤتمر الاخير، الذي يمكن وصفه ب”مؤتمر الطلاق” مع “المؤسسين” والقادة التاريخيين الذين لعبوا دورا كبيرا في تغلغل هذا التنظيم في اوساط اجتماعية كثيرة، فهل وصلت هذه الحركة إلى مرحلة “التحلحل” وصارت وظيفتها الأساسية في الانتشار والتوسع من خلال فكرة الدعوة الاسلامية قد انتفت مع التقلبات السياسية والتأثير الواضح للعمل الحزبي على العمل الحركي؟ تراجع الوظائف الاساسية لهذه الحركة الدعوية بات واضحا للعيان، فمبجرد اطلالة بسيطة على العمل الطلابي، يرى حجم التراجع الذي اصابه، خصوصا ان العمل الطلابي هو وقود هذه الحركة التي تتغذى به في جل مراحلها، ناهيك عن تراجع العمل التلميذي خصوصا ما يسمى بالجلسات التربية ومجالس الاسر التي قل عددها وتراجع دورها ليقتصر فقط على أسر قادة التنظيم في الجهات والمدن. وأصبح الانتماء لهذه التنظيم اليوم لا يأخذ لاعتبارات دعوية أو “كفاحية” كما في السابق، يقول متتبع لمسار التوحيد والاصلاح، مشيرا إلى أنه اليوم “اصبحت التوحيد والاصلاح جمعية اسرية لأبناء مهندسون وتقنيون واساتذة تربوا على هذه الحركة التي انحازت لمنطق الابوية ومنطق التوريث بدل العطاء والابداع”. معطى اخر ينذر بتراجع الحركة مرتبط بانسحاب المؤسسين والقادة من المكتب التنفيذي وهم: ابوزيد الادريسي ، نهاية الثمينات وبداية التسعينات كان قياديا مؤثرا وعضو المكتب التنفيذي، ابعد من المكتب التنفيذي، معروف بمواقف راديكالية. بنكيران عبد الاله، رئيس لمدة عشر سنوات منذ 1985 إلى غاية 1994، ابعد لأسباب سياسية معروفة، ثم بعده محمد يتيم الذي كان رئيسا مؤسسا سنة 1981 ثم اعيد انتخابه سنة 1994. وتم ابعاد محمد الحمداوي،أحد مهندسي الانقلاب الداخلي على عبد الاله بنكيران، بعد اعفاءه من قبل الملك من رئاسة الحكومة، وكما تما إبعاد محمد الهلالي، مسؤول على القطاع الطلابي ونائب رئيس حركة التوحيد والاصلاح بين عام 2010 و2014، والذي تطرح عليه أكثر من علامة استفهام على استبعاده رغم أنه لا زال شابا وقدم خدمات جليلة خاصة في معركة تنحية بنكيران. الهلالي مرشح بقوة ليلتحق بسفينة العثماني في الامانة العامة لحزب للعدالة والتنمية. احمد الريسوني، صاحب المواقف الجريئة حول الملكية وامارة المؤمنين، أبعد سنة 2003 بسبب الخوف من “ضغوطات كبيرة قد تؤدي إلى حل التنظيم الدعوي خصوصا وأن تصريحاته حول الملكية وامارة المؤمنين جاءت قبل يومين من احداث 16 ماي”. يرجح أن يكون إبعاد هؤلاء بسبب مواقفهم المنتقدة للمحيط الملكي والوضع السياسي “المختنق”، باستثناء الوزيرين يتيم والخلفي والبرلماني محمد الحمداوي الذين فضلوا الابتعاد عن قيادة الحركة لأول مرة في تاريخها لتكريس التمايز الحاد بين الحزب السياسي والحركة الدعوية.