شكك عبد العالي مجذوب، القيادي في جماعة العدل والإحسان الإسلامية المحظورة، في إسلام اليساريين المغاربة ما يعني بلغة الشرع "تكفيرهم"، مع ما يترتب عن ذلك من إهدار لدمائهم، حسب بعض القراءات الإسلامية لأحكام الشرع. كتب مجذوب مخاطبا اليساريين في مقال نشره موقع "هسبريس" بعنوان "عن تحاور الإسلاميين واليساريين"، ما يلي "أيها اليساريون، راجعوا إسلامكم، إن كنتم مسلمين، وأجيبوا بصراحة: هل تريدون أن يتخلّى الإسلاميون عن إسلامهم حتى ترْضَوا عنهم؟ أعابثون أنتم أم جادّون؟". القيادي العدلاوي وضع جملة اعتراضية في ندائه هذا جاء فيها "إن كنتم مسلمين". أكد مجذوب المنظور الإسلاموي للديمقراطية بما هي آلية تقنية فقط تخضع فيها الأقلية لحكم الأغلبية، وهي هنا أغلبية "الإسلاميين" التي يجب أن يخضع لها الجميع، منكرا كل قيم الحرية والمساواة والعقلانية التي تقوم عليها الديمقراطية فلسفيا وواقعيا، كما تشكلت في أوربا الغربية منذ عصر الأنوار.
يقول مجذوب "وفي المغرب، وفي ظل دولة الجبر والاستبداد، يسعى بعضُ الناس الذين لا يمثلون شيئا في المجتمع المغربي المسلم، لكي يفرضوا علينا مفاهيم غريبة وشاذة للأغلبية وللأقلية في الممارسة الديمقراطية، وكل هذا من أجل إخضاع الأغلبية لرأي الأقلية، إن كان عندنا غدا في المغرب ديمقراطية حقيقية، وسندُهم في هذه الدعوى الشاذة أن الديمقراطية لا تعني الأغلبية العددية، وإنما هي، في لبها-في زعمهم- فلسفة وقيم ومبادئ "كونية"، قبل أن تكون إجراءاتٍ وحسابات وانتخابات وأصواتا".
يخص القيادي العدلاوي، الذي تناضل جماعته من أجل دولة الخلافة الإسلامية، اليساري الراديكالي بالخطاب ويضيف "ولا شك أن اليساريين، الذين طالما ناضلوا- وما يزال بعضُهم يناضل- من أجل ديكتاتورية البروليتاريا، يوجدون اليوم في مقدمة المدافعين عن الفهم التحريفي للديمقراطية، الذي يردّ صوت الأغلبية ويشكك في مصداقيته ويطعن في حجّيته، بدعوى أن الديمقراطية الحقيقية، التي يؤمنون بها، ليست محصورة في ديمقراطية الأغلبية العددية". إنهم أول من يعلم أنهم قلة في المجتمع، وأن أفكارهم الإديولوجية لن يُكتب لها النجاح والانتشار والترسخ في المجتمع المسلم، ولهذا فهم يجتهدون لفرض ديمقراطية الأقلية، بتصوراتهم المتهافتة، وتعليلاتهم الواهية، وحججهم الضعيفة، وأساليبهم التهريجية، إلى حدّ السخف، ويجتهدون، مع هذا أيضا، لإبعاد الدين نهائيا عن المجتمع، في مختلف مناحيه واهتماماته ومناشطه".
يأتي ذلك في وقت أعلن فيه قياديون آخرون في الجماعة عن إيمانهم ب"الدولة المدنية"، في سياق الالتقاء الميداني بينهم وبين فصائل يسارية متعددة في حركة 20 فبراير، والالتقاء الموضوعي بين الجماعة وجزء من اليسار الراديكالي في مطلب "المجلس التأسيسي" لصياغة الدستور، مع ما يعنيه ذلك من رفض لشرعية النظام الملكي في المغرب، رغم تناقض المشاريع المجتمعية للطرفين.
المثير في مقال هذا القيادي العدلاوي، حديثه عن "استعمال اليساريين سلاح العنف والإرهاب والإجرام اليومي"، في مواجهة الإسلاميين في الجامعات، رغم أن التاريخ يحتفظ باغتيال أعضاء في جماعة العدل والإحسان لطالبين يساريين كانا ينشطان ضمن صفوف الطلبة القاعديين مطلع التسعينات من القرن الماضي، هما بنعيسى آيت الجيد والمعطي بوملي، مع التمثيل بجثة المعطي بوملي بوحشية، بناء على فتوى من فقهاء الجماعة نصت آنئذ على إعدام 10 نشطاء قاعديين.