في الوقت الذي كان رجل الأمن بالدارالبيضاء يوجه خطابا سلميا لعناصر العدل والإحسان قصد الانضباط ،كان واحد منهم يهيئ قبضته ليعالجه بضربة قوية، ولم يكن رجل الأمن ليحيد عن هدف واحد هو ضمان سلامة وأمن المواطنين وممتلكاتهم، ولم يكن العدلاوي يدري أنه يوجه ضربة لنفسه حيث أكد للذين لا يعرفون التاريخ الدموي للجماعة أنها حركة للعنف رغم ادعائها أنها حركة سلمية تريد التغيير الحضاري. لم يكن رجل الأمن، الذي تلقى لكمة على وجهه، سوى "مصطفى الموزوني" والي أمن الدارالبيضاء الكبرى، ولم يكن عضو العدل والإحسان سوى قيادي الجماعة بالدارالبيضاء "علي بنجلون". للحادث إذن بعد رمزي كبير، فالجماعة تحاول إهانة رمز من رموز الدولة ،الذي ليس سوى والي أمن أكبر مدينة مغربية، فالحادث وقع دون سابق إنذار، لم يكن هناك تدافع ولا مشاحنات، ولكن رجل الأمن وجه نداء وصفه بعضهم باللطيف قصد التزام القانون وتجنب كل ما من شأنه أن يؤدي إلى بعض الانزياحات. فالجماعة رغم تعاطيها للعنف الذي هو جزء من تركيبتها ما دامت تعتبر الآخر، كل الآخر، على خطأ وتعتبر نفسها تصدق وغيرها يكذب، رغم ذلك فإنها وكدأب أبناء عمومتها من الحركات الإسلامية تحاول دائما كتابة تاريخ جديد لتقرأه أجيال جديدة لم تعش تلك المرحلة ، فعضو العدل والإحسان اليوم الذي يبلغ من العمر 22 سنة كان يوم اغتيال "المعطي بوملي" بوجدة من طرف كتائب القتل، عمره سنة واحدة أو سنتين يوم اغتيال "بنعيسى أين الجيد" كان عمره أربع سنوات، ويتم تلقينه تاريخا آخر تظهر فيه الجماعة بمظهر المظلوم الذي مورست عليه أنواع القمع ، مع العلم أن العدل والإحسان هي الحركة الراديكالية الوحيدة في المغرب التي لم تؤد ضريبة النضال، ومع مرور الأيام ستكتب فيه تاريخا آخر. لكن على الدولة أن تكتب تاريخها، فإذا تركت الصفعة التي تلقاها الموزوني تمر مرور الكرام فإن العدل والإحسان ستقوم في زمان آخر بتأويلها واستغلالها لصالحها، وبالتالي ينبغي إعمال القانون بتفاصيله الدقيقة حتى يتبين من يقف وراء هذا القيادي ، ولا نعتقد أن الموضوع يتعلق بلحظة غضبية أو غيرها ، ولكنه بدأ خطة جديدة قد تتجاوز الصفع إلى اغتيال رجال الأمن، وليس في ذلك أدنى تجن على الجماعة فهي لم تكن تريد ولم تخطط لاغتيال الطلبة اليساريين وإنما أصدرت أمرا بتأديبهم وهذا التأديب خلف قتيلين من القاعديين ومجموعة الأعطاب التي يذكرها "نورالدين جرير" الذي ألقاه مجاهدو الجماعة من الطابق الثالث للحي الجامعي ظهر المهراز.