كتب محمد عبد الوهاب رفيقي المعروف ب"أبو حفص"، في صفحته الخاصة على موقع التواصل الاجتماعي الفايسبوك، كلمات عن الحزن والألم الشديد، وهذا ما جاء فيها: "ماذا تريدون مني أن أصطنع التصبر و أنا لا أكاد أصبر....هل أنا مطالب بأن أتجرد من إنسانيتي ليقال عني صابر؟..... أمن المفروض أن أصطنع التجلد حتى يقال فلان كان قويا و صابرا محتسبا......لماذا تريد إرغامي على اصطناع ابتسامة أتجمل بها لأخفي مأساتي و ألمي.....أليس من حقي أن أضعف كما يضعف البشر؟ و أستسلم لدموعي كما يستسلم الطفل الصغير عند فقد لعبته؟...أليس مباحا لي تفجير أحزاني و إخراج الحرقة التي أصابتني .....أليس لي الحق في التنفيس عن نفسي بإخراج ما داخلها من هم و غم و ألم و أسف و حسرة....
لا تحدثني عن فضل الصبر....و عن الصدمة الأولى و عن جزاء الصابرين...لا تعطني دروسا في الصبر.... فلست أنت من عانى في صغره مشقة التربية و صرامتها...و لا أنت من عاش وهو ابن خمس سنين و عشر سنين غريبا عن أهله ....يسومه الأغراب سيئ المعاملة و أقساها....و لا أنت من اختطفته يد الظلم في ريعان شبابه وقمة عطائه فحكمته بثلاثين قضى منها تسعا كاملة.....و لا أنت من أودع والده السجن و حرم أهله و منع منه أبناؤه......و لا أنت من أودع زنزانة انفرادية منع فيها عن الحديث و الزيارة و القراءة حتى قضاء الحاجة منع من إخفائه و التستر أثناءه.........ولولا الصبر و الإيمان الذي رزقنا ربنا للففنا حول أعناقنا حبالا و لشربنا مبيدا مسموما......
لا تحدثني عن الابتلاء وما كتبه الله للمبتلين....فآخر صعود لي على المنبر كان عن الابتلاء....و فوائد الابتلاء...و آثار الابتلاء....و قصص الابتلاء....كلها معلومة حاضرة عندي...
لكن.....حين تفقد والدك وقرة عينك....وموطن اطمئنانك و سكينتك....ومحل ذكرياتك وماضيك....رمزك و قدوتك و هاديك و مرشدك.... وفي نفس الشهر.....تفقد ثلاثة أعزاء على قلبك....ممن شاركتهم طعامك و شرابك....و لعبك ولهوك....و حضرك و سفرك....ممن اشتركت معهم ذكريات المحن....و أيام الصبر و الحزن.....و تتفرق بكم الأيام....و فجأة يأتيك نعيهم....و يصدمك خبرهم.....
لست جازعا.....و لا منهزما أمام المصاب.....لكن....كل شيئ تحملته إلا الموت......كل كرب كنت أقول بعده فرج...و كلما اشتد قلت اشتدي أزمة تنفرجي ....فهان علي خطبه....و كان خفيفا علي وقعه.....إلا الموت ......ليس بعده لقاء في هذه الدار....ليس من طريق لاستعادة المفقود....ليس من سبيل لذهاب هذه الغصة و اندثار الألم......إلا أن يكون اللقاء هناك....عند رب العالمين....و ما يدريني أن منزلي ومنزلهم سواء؟......
لهذا لا تلمني على حزني....و لا تحاول رفع معنوياتي...فكلما ستذكره أحفظه عن ظهر قلب....و أعيه عن قرب....لكنه جزما لن يحبس دموعي.....لن يكبت آهاتي.....لن يوقف حزني و ألمي .....أنا هكذا تفعل بي أخبار الموت.... تضعفني ....تقهرني .... تحطمني.......أعلم أني سأقوم بعدها....سأتجاوزها حتما....سأرفع عني بعض حزني...لكنني أعلم أنها لوعة لن تفارقني......و إلى ذلك الحين احترم بشريتي و ضعفي"...