المقربون من الرجل يصفونه ب »العالم الوسطي » الذي يحب الاشتغال في صمت متواريا عن الأضواء وعدسات الكاميرا. متحدث جيد ومنصت حسن، يقول أحد المقربين من الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء. في لحظة وجيزة حول ابن الشاوية، أحمد عبادي، الرابطة المحمدية للعلماء إلى « خلية » نحل لايهدأ أنينها. فعمل على إنشاء مراكز، ووحدات علمية متسلحا بشعاره الذي لطالما ردده « تفكيك خطاب التطرف وتقديمه الدين في حلة جمالية ». لم يكون اعتباطيا أن يعين الملك محمد السادس الدكتور أحمد عبادي على رأس أكثر المؤسسات الدينية أهمية في معادلة تدبير الحقل الديني بالمملكة. فالرجل راكم خبرة كبيرة في المجال العلمي والبحثي، لذلك استقر رأي الملك بوصفه أميرا للمؤمنين، على تعيينه على رأس الرابطة المحمدية للعلماء لإيقاظها من « سباتها العميق »، وكذلك كان حيث عين على رأس المؤسسة في 22 نونبر 2006. عرف عن أحمد عبادي معالجته لقضايا ساخنة، مثل « داء فقدان المناعة » أو « الاجتهاد »، أو « تجديد العلوم الإسلامية » أو « حوار الأديان »، أو مكافحة السلوكيات الخطرة » أو » تفكيك خطاب التطرف »، التي لطالما توجس منها أمثاله خوفا. فهو يشرف اليوم على الحوار المغربي الأمريكي لمحاربة التطرف، و كثيرة هي المرات التي انتقل فيها إلى كبريات المراكز العلمية بأمريكا وأوربا لاستعراض جهود المملكة لمحاربة التطرف العنيف، ومقاربة المغرب في مجال تدبير الحقل الديني، والتي لقيت إشادة دولية كبيرة من العديد من القادة والرؤساء أبرزهم الرئيس الأمريكي بارك أوباما. بداخل الرابطة المحمدية للعلماء أسس عبادي مراكز للدراسات والبحوث ووحدات بحثية متخصصة ,اصدر مجلات علمية محكمة ومواقع إلكترونية متخصصة، و سلاسل للأطفال (« الفطرة » و « أيمن ونهى »..)، ومنصة علمية الكترونية بعنوان « الرائد ». ومنطلقه في ذلك كما يقول « الخطاب الديني في حاجة إلى تجديد » ليكون آمنا و أنفعا للشباب ». نجح عبادي في تكسير النمط التقليدي لصورة العالم في المغرب، حيث لايتردد الرجل في محاورة يهود ومسيحيين، و شخصيات فكرية مغربية محسوبة على التيار العلماني، متسلحا بذلك بلغته الفرنسية والانجليزية التي يتكلمهما بطلاقة. ف »الحاجة ماسة اليوم لتجديد الخطاب الديني والانفتاح على العالم من حولنا ومعالجة قضاياه الحارقة »، يقول عبادي في إحدى لقاءاته . رأى أحمد عبادي النور سنة 1960 بمدينة سطات، حصل على دكتوراه الدولة في الدراسات الإسلامية من جامعة القاضي عياض بمراكش سنة 2002. درس منذ سنة 1988 تاريخ الأديان المقارن والتفسير بشعبة الدراسات الإسلامية ومادة الفكر الإسلامي بشعبة الأدب الإنجليزي (كلية الآداب والعلوم الإنسانية، مراكش)، كما اشتغل منذ سنة 1995 كأستاذ لعلم اجتماع إفريقيا الشمالية ضمن برنامج التعاون بين جامعة القاضي عياض وجامعة « دي باول بشيكاغو »، حيث درس أيضا بجامعتها الشهيرة. صدر للدكتور أحمد عبادي من الكتب « الإسلام وهموم الناس » و«منهج ابن الجوزي في التفسير من خلال زاد المسير في علم التفسير ». و »مفهوم الترتيل في القرآن الكريم النظرية والمنهج »، و » الوحي والإنسان: نحو استئناف التعامل المنهاجي مع الوحي »، كما كتب عدة مقالات علمية باللغات العربية والإنجليزية والفرنسية، منشورة بمجلات محكمة، وطنية ودولية. وبالإضافة إلى ترأسه للرابطة المحمدية للعلماء، يشتغل أحمد عبادي كخبير متخصص بالمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، و رئيسا للجنة الثقافة والتكنولوجيات الحديثة بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، وعضوا فاعلا بالمجلس الوطني لحقوق الإنسان. قبل أيام سطع نجم أحمد عبادي من جديد بعد أن أعلن عن إطلاق منصة علمية الكترونية بعنوان « الرائد »، هدفها كما يقول « ترسيخ الإسلام الوسطي المعتدل، ومحاربة وتقديم بدائل علمية ومعرفية للشباب في المجال الرقمي، الذي يعج بألغام ». وهي الخطوة التي رأى فيها المتتبعون للشأن الديني رسالة مشفرة لتنظيم الدولة الإسلامية « داعش » الذي يزحف على « النت ».