يبدو مثل خلية نحل نشيطة، أو مثل مكتبة متنقلة، حيث يحاول أن يُظْهر أينما حل وارتحل، بصفته أحد المسؤولين عن تدبير الحقل الديني بالمغرب، لإشرافه على تسيير الرابطة المحمدية للعلماء، دور المملكة في إشاعة خطاب متنور، مشبع بالقيم الوسطية والاعتدال، ومحاربة التطرف عن طريق الفكر، أكثر من أية وسيلة زجرية أخرى. وفي خضم الهجمات الإرهابية التي ضربت فرنسا، خلال الأيام الأخيرة، وأسفرت عن مقتل وجرح المئات من الضحايا، مثلما ضربت من قبل وربما بعد ذلك بلدانا أخرى، جاء أحمد عبادي، الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء، ليعلن عن إطلاق منصة إلكترونية، تروم صد الفكر المتطرف عند المغاربة، حتى لا يتحول شبابه إلى "مشاريع داعشية". ويركز مؤلف كتاب "الإسلام وهموم الناس" على الأدوار التي يمكن أن تضطلع بها الشبكة العنكبوتية في مواجهة الإرهاب الذي صار ظاهرة متفشية في العالم، حيث أدرك ما للانترنت من وظائف تؤدي إما إلى نهج الاعتدال والوسطية، أو إلى طريق التشدد والتطرف الديني، بحسب الوعاء الديني الذي يروج في هذه الشبكة، وباقي وسائط التكنولوجيا الحديثة. ويُحسب لعبادي أنه تفطن مبكرا لدور الانترنت، إذا ما أسيء استخدام منصاته، في زرع الكراهية وتفشي الفكر المتطرف، فحاول قدر إمكانات المؤسسة الدينية التي يرأسها، بأن يدفع في اتجاه "تمكين رواد الشبكة الرقمية من تلقي المعرفة الدينية الآمنة والسليمة من كل أنواع الغلو والتطرف"، و"تمنيع قيم الدين الحنيف من ذرائع الزيغ والانحراف والجمود"، وذلك من خلال منصة "الرائد" التي تصدر بأربع لغات عالمية، وتمزج بين الكبسولات المعرفية الخفيفة والمقالات والبحوث الفكرية الدسمة.