يبدو أن محاربة التطرف والأفكار الإرهابية أصبح استراتيجية عملية لدى المؤسسات الدينية الرسمية المغربية، التي انخرطت مؤخرا في حرب معلنة على الفكر المتطرف الذي يهدد المغرب، فقد شرعت الرابطة المحمدية للعلماء، وبإشراف مباشر من أمينها العام أحمد عبادي منذ الأسبوع المنصرم، في تنفيذ دورات تدريبية، من أجل تمكين العلماء ورجال الدين من مختلف الآليات الفكرية والعملية لمواجهة الفكر الجهادي المتطرف، وقد استقدمت الرابطة لهذا الغرض خبراء من الولاياتالمتحدةالأمريكية في مجال الحماية الأمنية والفكرية ضد أفكار التنظيمات الإرهابية، وعلى الخصوص ما يسمى بتنظيم الدولة الإسلامية «داعش»، إضافة إلى خبراء من بعض الدول العربية مثل تونس وسوريا ومصر، حيث تم الشروع في التهيئة النفسية والعلمية لجميع الباحثين والأئمة والمرشدين داخل المساجد والمجالس العلمية، كجزء من الاستراتيجية العامة التي بدأ المغرب تنفيذها منذ تنامي الفكر المتطرف، وانتشار المد الذي يتبنى الإرهاب والتطرف . وحسب مصدر مسؤول بالرابطة تحدث إلى « اليوم24»، «فإن هؤلاء الخبراء سيقومون بتكوين رجال الدين وتمكينهم من مهارات من أجل مواجهة فكر تنظيم داعش الذي اكتسح شبكات التواصل الاجتماعي، والتعرف على مواقفه وتصوراته وجرائمه التي يمارسها في العراق وسوريا وليبيا، وبالتالي دحضها ومقاومتها.» ويقدم الخبراء، خلال الدورات التي تنظم بمقر المؤسسة الدينية بالرباط، نماذج من المنتجات الإعلامية للتنظيم المتطرف لدولة البغدادي، وتحليلها بغية تحديد طرائق مواجهتها والتعامل معها بالاحتياطات والحرص اللازم، وأكد مصدر « اليوم24» أن من بين التكوينات التي يتلقاها أعضاء رابطة العلماء، خلق صفحات على الفايسبوك وتويتر، ومتابعة مواقع التواصل الاجتماعي. وفي سياق متصل، قال أحمد عبادي، الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء، إنه يجب اقتراح خطاب بديل وتحيين معارف الممثلين الدينيين والتحلي بالإبداع من أجل التصدي لخطاب التطرف الديني، سواء على الأنترنيت أو في الحياة اليومية، واعتبر عبادي، الذي كان يتحدث خلال اجتماع الدورة ال26 لمنتدى كرانس مونتانا، التي انعقدت بحر الأسبوع الماضي ببروكسيل، أن هذا العمل يتم على جميع مستويات المجتمع، وليس فقط من الناحية الدينية. ونبّه إلى أنه من الضروري أن يتحرك الجميع من نشطاء ومتطرفين سابقين تراجعوا عن أفكارهم، أو معدي البرامج على الأنترنيت من أجل محاربة المد المتطرف، وأشار إلى أن الشباب اليوم يمل من طريقة تقديم الخطابات الدينية، مشددا على ضرورة القيام بأبحاث جدية حول النصوص الدينية. وقال في كلمته إنه «انطلاقا من كون السياق تغير اليوم بشكل أساسي، نحن بحاجة لملاءمة خطابنا وتعزيز قدرات المسؤولين الدينيين على فهم السياق الراهن لنشر المعرفة في صفوف الممارسين والتصدي لجميع أشكال التطرف». وتجدر الإشارة إلى أن وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية كانت شرعت فعليا في إعداد أئمتها ومرشديها من الذكور والإناث لمواجهة الأفكار المتطرفة، بحسب ما أعلنت عنه مؤخرا، وذلك عبر آليات تكنولوجية حديثة، حيث كشفت الوزارة عن شروعها في إطلاق سلسلة من الدورات التدريبية الأسبوعية للأئمة المرشدين والمرشدات داخل مقرات المجالس العلمية المحلية بمختلف المدن المغربية. وتهدف تلك الدورات أيضا إلى اطلاع الأئمة والمرشدين على أفكار المتطرفين التي تتخذ من الأنترنيت مجالا للنشر، إلى جانب التعرف على الآليات التكنولوجية الحديثة التي يمكن للمشرفين على الجانب الديني الرسمي استخدامها للتصدي لتلك الأفكار ونشر المعتدلة منها.