أن يضطر الأئمة والعلماء والمؤطرون الدينيون إلى الاحتجاج من أجل التوصل بتعويضاتهم، الهزيلة أصلا، هو أمر غير مقبول ويفرض على القائمين على وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ضرورة إيجاد حل عاجل لهذا المشكل الذي يؤرق مئات الأئمة المغاربة الذين لم يتوصلوا بتعويضاتهم في الوقت المحدد. وما يزيد الأمر غرابة أن يحدث هذا لشريحة تقوم بمهمة نبيلة تؤطرها وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية التي تعد من أغنى الوزارات في المغرب وفي ظل ظرفية داخلية ودولية دقيقة تعرف انتشارا مضطردا للفكر المتطرف. إن شعار حماية الأمن الروحي للمغاربة الذي ترفعه وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية لا يستقيم مع الأوضاع الهشة، بل والمزرية، التي يرزح تحتها بعض الأئمة والمرشدين الدينيين؛ ويجب على الوزارة والقائمين عليها أن يمتلكوا قناعة راسخة بأن الدور الذي يلعبه هؤلاء الأئمة والمرشدون أساسي في استمرارية الدولة ومواجهة الفكر المتطرف من خلال نشر فكر ينهل من منابع الوسطية والاعتدال التي يقوم عليها الدين الإسلامي. ويجب، أيضا، على الوزارة، التي لا نعتقد أنها تفتقر إلى الإمكانات المالية اللازمة، السهر على توفير التكوين الملائم لهؤلاء الأئمة من أجل مواكبة التغيرات العلمية والتكنولوجية التي يعرفها العصر حتى لا يكون خطابهم بعيدا عن الأجيال الجديدة التي تتربص بها الأفكار المتطرفة من خلال وسائط التواصل الاجتماعي. من المؤكد أن المقاربة الأمنية وحدها لن تستطيع محاربة التطرف، بل يلزم، إلى جانب ذلك، اعتمادُ مقاربة أخرى تقوم على نشر إسلام متسامح؛ وهذا الدور من المفروض أن تقوم به وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، لكن حتما ليس من خلال أئمة يحصلون على تعويضات زهيدة لا تتجاوز 400 درهم في الشهر.