أصبح الإعلام اليوم في السنوات الأخيرة يشكل رافدا أساسيا في بلورة تصورات تنموية تعمل على تعميق سياسات تنموية تساهم في إرساء دعائم المغرب الديمقراطي الحداثي التي وضعها ملك البلاد لكن نجاح الإعلام بمدينة الجديدة للقيام بدوره التنموي الحقيقي تعترضه عدة معوقات أولها يتجلى في الصعوبات التي يواجهها ممثلو وسائل الإعلام في الحصول على المعلومة نتيجة افتقار الجماعات المحلية والإدارات العمومية لمكاتب الاتصال التي يمكن أن تشكل المخاطب الرسمي مع وسائل الإعلام المكتوبة والالكترونية من خلال ترويج أعمالها وتقديم خدمة إعلامية موجهة إلى الرأي العام وتزويد حملة الأقلام بالمعلومات والأنشطة الخاصة بهاته الإدارات والجماعات لتقريبها من المواطنين،هذا مايجعل المراسل الصحفي يعتمد على مصادر غالبا ترفض الكشف عن هويتها ومن هنا تصبح المعلومة التي يقدمها موضوع شك قد يؤدي به وعن حسن نية إلى نشر إخبار زائفة،مقابل ذلك هناك بعض المنابر الإعلامية تحظى بالأسبقية في الحصول على المعلومة الأمر الذي يكرس التعامل الانتقائي مع وسائل الإعلام،هذا الانغلاق الإعلامي يجعل المواطن لايعرف أي شئ عن أعمال الإدارات العمومية وعن مايتم تداوله في دورات المجالس الجماعية ولا عن المقررات التي تتخذها واتفاقيات الشراكة التي تبرمها وقيمة المساعدات المالية التي تتوصل بها،هذا الانغلاق غالبا مايكون مقصودا من طرف فئة عريضة من الرؤساء الجماعيين الذين يرفضون التعامل مع الإعلام كشريك أساسي في التنمية هذا مع العلم أن الدستور المغربي في مادته27يعطي للمواطنات والمواطنين حق الحصول على المعلومات،الموجودة في حوزة الإدارة العمومية،والمؤسسات المنتخبة،والهيئات المكلفة بمهام المرفق العام،لكن على ارض الواقع استهتار الساهرين على الشأن العام والمحلي بهاته المقتضيات الدستورية. ثاني المعيقات يكمن في تمييع العمل الإعلامي بسبب اقتحامه من طرف بعض الأشخاص الذين تحولوا بقدرة قادر إلى صحفيين لايفارقون إدارات الأمن الوطني والدرك الملك وقصر العدالة بمبرر البحث عن الخبر، حينما يعلمون بوجود وجبة غداء أو عشاء بقاعة جواد أو بمنتجع مازكان تراهم ستسابقون لحجز الكراسي وأثناء انعقاد الاجتماعات بمقر عمالة إقليمالجديدة،وخلال الندوات الصحفية خاصة تلك المتعلقة بمهرحان جوهرة، لقاءات الدفاع الجديدي بملعب العبدي يحضرون بالعشرات وفي بعض الأحيان يفوق عددهم عدد المسؤولين المدعوين لهاته الاجتماعات،وحينما تضطلع على ورقة الحضور تكتشف وجود خمسة أشخاص يمثلون منبرا إعلاميا واحدا،لكن الطامة الكبرى هي حينما تتصفح الجرائد تفاجئ بنشر خمسة مقالات،وما يدعو إلى الاستغراب ونحن نتحدث عن المشهد الإعلامي أن العديد من هوائك يحضرون ويقدمون أنفسهم كصحفيين دون التأكد من توفرهم على البطاقة المهنية للصحافة التي تسلمها وزارة الاتصال بعد تحققها من توفر المعني بالأمر على مؤهلات علمية وتجربة في المجال الإعلامي وتوصلها بعدة وثائق منها جذاذة لتقاضي الأجر ونسخة لبطاقة الانخراط في صندوق الضمان الاجتماعي وشهادة تثتبث العمل بالمؤسسة الإعلامية،ومنهم من يدعي توفره على اعتماد مسلم له من طرف جريدة ما رغم انه يجهل أركان الخبر ومقومات الأجناس الصحفية كالتحقيق والاستطلاع والتقرير،وهاته مسؤولية المؤسسات الإعلامية مانحة الاعتماد،كل هذا يجعلنا امام أشباه صحفيين يكتبون تحت الطلب لخدمة مصالح هذا الرئيس الجماعي أو ذاك أو لتلميع صورة برلماني على حساب برلماني أخر أو التشهير بهذا المسؤول بإيعاز من جهة معينة، ومن جهة أخرى يجعلنا أمام كتابات تفتقر لمقومات الإعلام الجاد والقوي كالنهج العلمي الذي يستوجب حضور البعد العلمي في الأداء الصحفي مضمونا وأسلوبا،والحس الموضوعي الذي يكرس إعلاما منفصلا عن ماهو ذاتي وشخصي،وتفتقر أيضا للمصداقية التي تستلزم الصدق،هاته الكتابات تجعل المتتبع يستحضر وبافتخار كبير العصر الذهبي للصحافة بالجديدة التي لازالت تحتفظ بالكتابات الجميلة للمرحوم إدريس حنبالي،والزملاء:احمد شهيد،احمد امشكح،مصطفى لخيار،عبد المجيد النجدي،مصطفى عشماوي،عزيز منير،عبد اللطيف مومن،احمد منير،عبد الله غيثومي،قيري بوشعيب،إبراهيم ازباير،عز الدين حنيين، ومعذرة لعدم ذكر أسماء أخرى، فكتاباتهم أثرت في الواقع،وزلزلت كراسي المسؤولين والعابثين بخيرات الإقليم والمتلاعبين بالإرادة الشعبية خلال الاستحقاقات الانتخابية ،وأزعجت كبار الوجوه الحزبية التي كانت لها امتدادات داخل مراكز القرار على الصعيد المركزي،وأزعجت أيضا شخصيات نافدة تعاقبت على تسيير الدفاع الحسني الجديدي لكرة القدم وعلى تدبير الشأن المحلي انطلاقا من حبهم الجنوني لعاصمة دكالة أما العائق الثالث والذي يخص الصحافة الجهوية والمحلية والالكترونية فيتجلى في المشكل المالي الذي يعترضها بسبب انعدام الدعم من طرف الجهات المختصة،وعدم انفتاح قطاع الخاص عليها من خلال تزويده بمواد اشهارية للتعريف بمنتوجه وخدماته ،هذا الإكراه المالي يؤثر سلبيا على مردودية وجودة الإعلامي لعدة منابر التي منها من يتعذر عليها الصدور بشكل منتظم،وأخرى لا تصدر إلا خلال الأعياد الدينية والوطنية بعد التوصل بمستحقات نشر التهاني لتسديد مصاريف الطبع والتنقل،أما منابر أخرى فقد توقفت عن الصدور بسبب الصعوبات المالية التي واجهتها،وفي هذا الإطار يمكن الإشارة على سبيل الذكر لا الحصر إلى جريدة المحيط التي شكلت وبشهادة الجميع تجربة إعلامية متميزة ،لذلك على الجميع من سلطات،وزارة الاتصال،المؤسسات المنتخبة والقطاع الخاص أن يعمل على المساهمة في إيجاد الحلول لتمكين الصحافة الجهوية والمحلية والالكترونية من تجاوز الإكراه المالي كي تعزز طاقمها التحريري بصحفيين محترفين يساعدونها على الرفع من مستوى منتوجها الإعلامي وتكوين العاملين فيها خاصة ونحن مقبلون على تنزيل القانون التنظيمي للجهة المتقدمة التي بدون إعلام قوي لايمكن أن تحقق أهدافها التنموية. أما العائق الرابع فهو الوضعية التنظيمية للإعلام،حيث يلاحظ تعدد الهياكل التنظيمية الامرالذي تكون له انعكاسات سلبية منها السقوط في التشردم وضعف قوة الجسم الصحفي الذي لايمكن أن يلعب دوره التنموي في ظل هذا الانقسام التنظيمي الذي غالبا ما تترتب عنه تطاحنات والسقوط في مايمكن أن اسميه البولميك الإعلامي أو الارتماء في احضان جهة في مواجهة جهة أخرى بحثا عن التمويل،ومن طبيعة الحال هذا لن يخدم الإعلام بالمدينة بل يفقده مصداقيته لدى الرأي العام المحلي. . . هاته إذن أهم العوائق الموضوعية والذاتية التي أفرزتها هاته القراءة للمشهد الإعلامي بالجديدة ، وهي العوائق التي تستدعي من الجميع العمل على إيجاد الحلول الناجعة لها بقرارات جريئة وفعالة ومبادرات جادة من طرف الجهات المختصة، حملة الأقلام بدورهم مطالبون بالمساهمة في وضع حد للوضع المختل للإعلام بالجديدة من خلال الإسراع في عقد جلسة مكاشفة تمكنهم من القيام بتشخيص موضوعي لواقع الصحافة المحلية،وذلك من اجل وضع خطة عمل ترمي إلى تأهيلها و توحيد صفوفها من خلال وضع هيكل تنظيمي واحد بطريقة ديمقراطية يعمل في إطار أخلاقيات المهنة ويقوم باتصالات جادة بالمسؤولين لتوفير مقر يخصص لحملة الأقلام لعقد الاجتماعات والقيام بعملهم في ظروف جيدة عوض الجلوس اليومي بمقاهي المدينة خاصة تلك القريبة من بعض الإدارات المهمة كالمحافظة العقارية والرهون،جماعة الجديدة،قصر العدالة وعمالة الإقليم، وتنظيم دورات تكوينية حول جميع الأجناس الصحفية،دورات تمكنهم من تطوير قدراتهم وتنمية رصيدهم القانوني والمعرفي،وفي هذا الإطار يمكن إبرام اتفاقيات شراكة مع النقابة الوطنية للصحافة المغربية و المعهد العالي للصحافة،والمعاهد والمؤسسات المتخصصة في هدا الميدان،واعتقد انه إذا نجح الإخوة حملة الأقلام في بلورة هاته الأفكار على ارض الواقع سيتمكنون من خلق إعلام قوي قادر على مواكبة التحولات الايجابية العميقة التي تعرفها بلادنا في ظل القيادة الرشيدة لجلالة الملك محمد السادس،إعلام قادر ايضاعلى الانخراط في المعركة التنموية وفي بناء المجتمع الديمقراطي التنموي وإرساء دعائم الديمقراطية المحلية والمساهمة في توطيد الدولة القوية،بالملكية الدستورية المواطنة،وبالمؤسسات الديمقراطية المسؤولة والناجعة،والتنمية البشرية المستدامة،وتعزيز الحكامة الجيدة،كل هذا لن يتحقق إلا من خلال وجود إعلام قوي وجاد ومسؤول يخدم التنمية بكل تجلياتها وينغمس في المشاكل الحقيقية للمواطنين،وينقل ما يجري في الواقع،وذلك في احترام تام للقانون ودون المساس بالثوابت الأساسية للبلاد. .