طالبنا أمام التعسف والاستبداد والظلم والجور والاتهام بأن تقدم الصحافة المغربية استقالتها وتكسر الأقلام , لكن مع الخطاب الجديد وسياسة التصحيح والتغيير قلنا نتريث قليلا لنرى ما صدق المغرب الجديد ؟! فأولى المبادرات تجلت في خطابات ملك البلاد حيث استبشر الجسم الصحفي خيرا وأملا في غد مشرق تتولى فيه الصحافة السلطة الرابعة او كقوة كما هو عليه صحافة الدول الديمقراطية () وفعلا كان الشعور بالتفتح والانفتاح وغدا الصحفيون ينتقلون بكتاباتهم من المألوف والإملاء إلى خدمة الرسالة الإعلامية بكل نزاهة . لكن الملاحظ أن صحافة أحزاب الأغلبية بقت على حالها وكرست نفس الاسلوب ونهجت نفس الخط القديم وظهر بعض الصحفيين كألة جاهزة للكتابة حيث تكتفي بما يملى عليها من قيادة الحزب او من قبل رئيس التحرير المعين كرقيب يمرر ما يوافق الخط السياسي وما دون ذلك مرفوض وغير قابل للنشر وفي حالة اصرار الصحفي على حرية ما يكتب يمنع من دخول مقر الجريدة ويجد نفسه امام البرلمان لكن هذه المرة ليس كصحفي بل كمعطل يطالب بالإنصاف ...! "" وفي الجهة الثانية فالأقلام الصحفية التي رفضت أسلوب " إبقاء الحال على ما عليه " , فقد أسست منابر صحفية لمراقبة أشغال الحكومة ملحة على أن تقول " نعم " في الوقت المناسب وأن تقول " لا " في الوقت المناسب فتمتعت بمصداقية القراء وأصبحت الصحافة المستقلة في وقت وجيز الصحافة المقروءة خاصة بعد أن تمسك الصحفيون بحرية الرأي والتعبير وانتقاد سياسة حكومة أحزاب الأغلبية وفضح بعض المسؤولين القابعين على كراسيهم لحماية الفساد والمفسدين لكن الأقلام كانت بالمرصاد فتنامت ظاهرة انتشار وتأسيس الصحف المستقلة واشتغلت بديناميكية جديدة مكنت صحفيين أن يصعد نجمهم وأصبحت أعمدة مقروءة ومرجعا تاريخيا يقتدى به فتحدثت المنظمات الدولية عن الانفتاح التاريخي للحريات بالمغرب لكن سرعان ما كانت النكسة أقوى من زلزال أكادير ومن تسونامي إندونيسيا لأن حكومة أحزاب الأغلبية استعملت فتوى " الردة " مع الاحتفاظ بنفس اللغة والخطاب الذي يكرسه وزير الإتصال الناطق باسم الحكومة فلماذا حمل بعض الوزراء كلما يجري من إحباط داخل المجتمع للصحافة المستقلة واتهمت الأقلام الجادة بتهمة التيئيس والظلامية والسوداوية واستثنيت صحافة الوزراء الناقلة للأنشطة الوزارية والحزبية إذا كان هدف حكومة أحزاب الأغلبية أن تكبل حرية الصحفي داخل مساحة محددة فعلى الأقلام المغربية الغيورة والوطنية والحرة أن تستقيل , عليها أن تكسر القلم وتجفف المداد وتمزق الورق وأن تصمت ما دامت حرية الرأي والتعبير تتمتع بحقوق الأموات ومصيرها محكوم عليه مسبقا بالصمت الأبدي فإذا كان الصحفي له دور في الحياة وفي التنمية فرسالته مقدسة وشخصيته محصنة وكلمته مدوية ذات مفعول فمانراه ونحياه ونعيشه ونعايشه أمر مرفوض باعتباره إهانة للجسم الصحفي وتحقير لما يكتب فكم هي المقالات التي كشفت عن الحقائق وظلت حبيسة الرفوف ولم تلق اي اهتمام فكان مصيرها سلة المهملات بمكاتب الجبارين من أصحاب النفوذ. وكم من صحفي أهانته أيدي "المخازنية " وتحرشت به هروات التدخل السريع فكان مصيره سرير بمستشفى وكم من صحفي صدمته الكلمات الساقطة من مسؤولين وكأن البلاد لهم والمغرب لا لغيرهم. فالصحفي الذي لا يٌحترم عليه أن يغير مهنته والأفضل له أن يختار الوظيفة صاحبة الكرامة بدلا من الذل والعار والإهانة أو أن يستخدم " نكافة " لتضليل الأمة. فإذا كانت البطاقة المهنية للصحفيين ليست بجواز المرور واليس حصانة فأن تمزق أفضل من حجبها داخل الجيب دون مفعول . نعرف بأن الصحفيين اليوم ثلاثة أصناف فمنهم "لحاسين الكابا" سواء لبعض المسؤولين او لبعض الوزراء ومنهم صحفيين الأظرفة باعتبارهم أقلام تكسبية وصحفيين اولاد الناس الذين يخدمون الرسالة بكل نزاهة واستقامة مع العلم أن هذا الصنف الأخير هو المتضرر والمنبوذ ليس من قبل الامة ولكن من قبل بعض القابعين على كراسي المسؤولية والمتمرسين في كتابة التقارير المغلوطة وتوهيم الجهات المسؤولة بخطر إسالة المداد. فعندما يطالب الشعب المغربي والممول الرسمي للمركز السنمائي بحجب بعض الأفلام المخلة بالاداب العامة وعندما تقول الصحافة المغربية رأيها الذي لا يتنافى ورأي الشارع فالجهات المسؤولة تكرس ساعتها سياسة الأذان الصماء وتغني شعار القافلة تسير. وعندما نشكو الله والمسؤولين عما تقدمه القناتين المغربيتين من برامج لا تخدم البلاد والعباد رغم هي الاخرى ممولة من دافعي الضرائب فشعار لا ارى لا اسمع لا أتكلم هو السي السيد. فكم من الأمور نبهت عنها الصحافة قوبلت بالإستهزاء واللامبالاة حتى تفشت وأصبحت مرضا مزمنا. فأغلب الصحفيين يشتغلون من مكاتبهم لأن الإدارة لم تفتح أبوابها من أجل إعطاء الخبر والمعلومة التي يبحث عنها الصحفي " اللي فراسهم فراسهم ولو طارت معزة " الأمر الذي يجعل الصحفي يهان ألف مرة في اليوم وتبقى الخطابات عبارة عن تغطية لإقناع الرأي العام الدولي دون حمرة الخجل إن مجال حرية الرأي والتعبير لا يزال يعاني من التعقيدات وما تأخير إخراج قانون الصحافة للوجود هو انتقام للأقلام الصحفية الجادة والوطنية وعليه لابد من استقالة جماعية للإعلام بجميع مكوناته حتى يكون المغرب البلد الأول بدون صحافة. فإذا كانت حكومة أحزاب الأغلبية تعتبر الأمر مزايدة ومغالطة وتضخيم فما عليها إلا أن تستقيل. وتترك المقاعد والمناصب لمن أراد للمغرب إصلاحا وتغييرا بعيدا عن تجار الديمقراطية وحقوق الإنسان كما هو الحال لمجالس لا تلقى الترحيب لفقدانها المصداقية ولنا عودة في الموضوع [email protected] mailto:[email protected]