قدم المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي مخرجات رأيه حول "مشروع القانون المتعلق بالمسطرة الجنائية"، منتقدا في ذات الآن تعديل القانون بدل تغييره بشكل كامل، مشيرا أن تتميم عدد كبير من مقتضيات أي نص قانوني، بدل نسخه وتعويضه بنص جديد، قد يؤدي إلى عدم الانسجام بين المقتضيات القديمة والجديدة، وأحيانا إلى تناقضات وغموض. وأكد المجلس ضمن التوصيات التي قدمها لتجويد المشروع، على ضرورة ضمان التطبيق الصارم والممنهج لمبدأ قرينة البراءة، مع الحرص على احترام حقوق المواطنات والمواطنين وصون كرامتهم في مختلف مراحل المسار القضائي.
ودعا في جملة توصياته إلى العمل وبشكل استعجالي، على تدارك النقص الحاد في عدد القضاة مقارنة مع العدد الكبير للقضايا المعروضة، وتكوين القضاة في الاستخدام المستنير للتكنولوجيات الذكية، خاصة الذكاء الاصطناعي، في البحث في النصوص القانونية وقواعد الاجتهاد القضائي، وفي المساعدة في اتخاذ القرار وصياغة الأحكام والتقارير، بما يسهم في تعزيز الكفاءة وتحسين أداء منظومة العدالة. وشدد على أهمبة الإبقاء على حق الأفراد وهيئات المجتمع المدني في التبليغ عن الجرائم الماسة بالمال العام، مع إحاطة هذا الحق بما يلزم من تدابير لتحصينه من الاستعمالات غير المسؤولة ، وذلك تكريسا لانخراط المغرب دوليا في محاربة الفساد، وتعزيزا لدور المجتمع المدني، وحماية للمال العام من كل تبديد أو اختلاس، مع العمل على فعلية الآليات التي تُمكّن الأشخاص الذاتيين والمعنويين من تقديم التبليغات والشكايات بخصوص المخالفات الإدارية والمالية، وذلك على غرار الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، التي تضطلع بمهام التحقيق والتحري، وإحالة الملفات إلى النيابة العامة عند الاقتضاء. واعتبر رأن إيجاد التوازن بين سلطة الادعاء ممثلة في النيابة العامة والعمل بمبدأ قرينة البراءة للمتهم، هو أحد الرهانات الأساسية للمنظومة الجنائية، وبخاصة قانون المسطرة الجنائية باعتباره قانون إجراءات، الأمر الذي يتطلب نصا سهلا في قراءته، واضحا في معانيه، شفافا في مراميه، دقيقا في صياغة فصوله وأبوابه، بسلطات تقديرية أضيق للعنصر البشري، وغير حمال لأوجه عديدة في التأويل. كل ذلك لتسهيل قابليته للتطبيق. وسجل أن مراجعة مراجعة قانون المسطرة الجنائية من أجل مواجهة تنامي الجريمة وتحقيق العدالة وصون الحقوق، يقتضي إصلاح منظومة العدالة في إطار مقاربة أشمل تتسع لعدد من السياسات العمومية التي من شأنها معالجة الجذور الاجتماعية والاقتصادية للانحراف والجريمة. كما دعا المجلس في توصياته أيضا إلى تعزيز مؤسسة قاضي التحقيق، بتوفير الإمكانات المادية والبشرية لتمكينها من أداء المهام الموكلة لها قانونا وكما تقرها معايير حقوق الإنسان وقواعد المحاكمة العادلة، مع القيام بدراسات وأبحاث لتقييم أداء هذه المؤسسة بشكل موضوعي وعلمي قصد تيسير وتبسيط شروط المحاكمة، وعقلنة الموارد وتبسيط المساطر وتجويد أداء العدالة الجنائية.