دعا المدير التنفيذي للقطب الصناعي في المجمع الشريف للفوسفاط عمار الدريسي إلى إقامة شراكة صناعية مغربية جزائرية قوامها الغاز والفوسفاط، تتيح مقاربة رابحة لكلا الطرفين يتم من خلالها تجاوز حالة الجمود وبناء تعاون طاقي بين البلدين، قال الدريسي، في مقال يعبر عن وجهة نظره الشخصية نشرت له في مركز الأبحاث الإسباني «سيدوب» ضمن سلسلة مقالات تحليلية الشهر الماضي، إنه في حال بناء الثقة بين البلدين فإن المغرب يمكنه ملاءمة كل مصانعه لإنتاج الطاقة لربطه بشكل كلي مع إمدادات الغاز الجزائري، واعتبر المتحدث نفسه أن التعاون الطاقي قد يولد مشاريع صناعية صاعدة بين المغرب والجزائر، خصوصا وأن المغرب يتضرر من الكلفة العالية لإنتاج الكيلواط الواحد، حيث تصل إلى 9.6 سنت من الأورو لكل كيلواط مقابل 7.3 في تونس و3.5 في الجزائر و1.6 في جنوب إفريقيا، وأضاف عمار أن تصور مشروع صناعي مغاربي بين البلدين يمكن أن يستند على معطى أن الجزائر منتج كبير للغاز والمغرب من كبار منتجي الفوسفاط ومشتقاته، حيث يحتاج لإنتاج الحمض الفوسفوري والأسمدة لقرابة 450 طنا من مادة الأمونياك 20 التي تستورد أساسا من دول الخليج وترينداد... وعوض اللجوء للاستيراد يمكن أن ينخرط المغرب والجزائر في مشروع لإقامة مصنع للأمونياك بعد إجراء الدراسات الاقتصادية والتقنية اللازمة ويمكن أن يقام المصنع في الجرف الأصفر لتوفر المتطلبات اللوجيستية الضرورية له. ومن شأن هذه الشراكة المغربية الجزائرية أن تتيح ولوجا تفضيليا للغاز بالنسبة للمغرب وولوجا تفضيليا للفوسفاط بالنسبة للجزائر من خلال أثمنة تفضيلية للمنتجين مقارنة بالأسعار العالمية وفق معادلة مربحة للطرفين، ويتم تحقيق هذه المعادلة من خلال المساهمة المتوازنة للبلدين في إنجاز الشركة المختلطة، خصوصا وأن مختلف النماذج لمثل هذه الشركات قد لاقت نجاحا مع الهنديين (شركة إماسيد) ومع الباكستانيين (بي.أم.بي) والألمان (إيمافوس) والبلجيكيين (برايون) وأخيرا مع البرازيليين (شركة بانغ). وأشار عمار الدريسي أن محور الجرف الأصفر يمكن أن يستقطب مثل هذه الشراكات الصناعية ليس فقط مع الجزائر ولكن مع مرشحين محتملين كليبيا والأردن وقطر... وأضاف عمار الدريسي أنه لمن السخرية أن يظل المغرب يستعمل في محطاته لإنتاج الطاقة مادة الفحم في حين أن الغاز صار المصدر الأول لإنتاج الطاقة النظيفة في العالم، وفي وقت يخترق أراضيه أنبوب غاز ضخم، وهو الذي أقيم في سنة 1992 لنقل الغاز إلى إسبانيا، وتبلغ القدرة الحالية للأنبوب 12 مليون متر مكعب مع خطط سابقة لتوسعته ليصل إلى 18 مليونا وربما إلى 24 مليونا، غير أن هذه الخطط تم التخلي عنها لأن الجزائر فضلت الانخراط في أنبوب آخر يربطها مباشرة بإسبانيا (ألميريا) وقد شرعت في مشروعها في سنة 2006 وتم الانتهاء منه في آخر 2009 بطاقة استيعابية تصل إلى 8 ملايين متر مكعب، غير أن مشروع أنبوب الغاز الجزائري الإسباني، الذي انطلق في ظروف جيدة بعد التوتر بين غاربروم الروسية والدول الأوربية حول إمدادات الغاز واجه ظروف متغيرة بشكل كلي لغير صالحه، لسببين أساسيين أولهما أن السوق الإسباني لن يستهلك 12 زائد 8 ملايين متر مكعب أو هي الكمية التي يوفرها أنبوبا الغاز العابر للمغرب والمتجه مباشرة من الجزائر إلى إسبانيا، وثانيا بسبب حدوث ثورة تكنولوجية كبيرة في ميدان استغلال الصخور النفطية. وفي ظل هذه الظروف يبقى من المناسب أن تستغل الجزائر الفرص التي يتيحها المغرب من الناحية التجارية، حيث لا تستطيع الجزائر بيع كل الغاز المنقول عبر الأنبوب في السوق الإسباني، إذ لا تتجاوز الكمية 7 ملايين متر مكعب، في حين بإمكانها بيع ما لا يقل عن 3 ملايين متر مكعب بدون استثمار ضخم في التجهيزات، وبمقدورها مد ربط بين الأنبوب والمنشآت الصناعية في الجرف الأصفر التي تستهلك الغاز.