في كل عام، يعود الحديث عن يوم 8 مارس بوصفه "عيد المرأة"، حيث تقام الاحتفالات وتوزع الورود، ولكن هل يكفي يوم واحد لتكريم المرأة؟ أم أن هذا الاحتفال مجرد غطاء لمجتمع لا يمنحها حقها الفعلي؟ احتفال ليوم... وتهميش لباقي السنة من المفارقات الغريبة أن المرأة في المغرب يحتفل بها ليوم واحد فقط، بينما تخصص للفرس فعاليات تستمر أسبوعا كاملا تحت مسمى "أسبوع الفرس". وكأن تكريم المرأة أقل أهمية من الاحتفاء بالخيول! هذا يعكس ازدواجية في التعامل مع المرأة، حيث يرفع شأنها نظريا ليوم واحد، ثم تعاد إلى الهامش بقية الأيام. الإسلام جعل كل أيام المرأة عيدا على عكس هذه المناسبات الرمزية، منح الإسلام المرأة تكريما دائما. فجعل الجنة تحت أقدام الأمهات، و أوصى النبي صلى الله عليه وسلم بالنساء خيرا، وأعطاها حقوقها كأم وزوجة وابنة، بحيث يكون احترامها واجبا مستمرا وليس مجرد احتفال موسمي. لم يكن الإسلام حكرا على الرجال في مجالات العلم والعمل والدعوة، بل فتح المجال للمرأة لتكون شريكة أساسية في بناء المجتمع. فقد كانت النساء في عصر النبي صلى الله عليه وسلم يشاركن في التعليم، والتجارة، وحتى في ساحات القتال كممرضات ومساعدات. فالسيدة خديجة رضي الله عنها كانت تاجرة ناجحة، والسيدة عائشة رضي الله عنها كانت فقيهة تعلم الناس أمور الدين، وأسماء بنت أبي بكر كانت مثالا للمرأة القوية التي وقفت مع والدها في أصعب الظروف. هذا التكريم الذي منحه الإسلام للمرأة لم يكن يوما واحدا في السنة، بل كان نظاما حياتيا يحفظ حقوقها ويجعلها جزءا أساسيا من المجتمع. لذلك، حينما يأتي البعض ليحتفل بالمرأة ليوم واحد فقط، بينما يتم تهميشها بقية العام، ندرك أن الإسلام كان أكثر عدلا حين جعل كل أيامها تكريما واحتفاء. التكريم الحقيقي يتجاوز الشكليات المرأة لا تحتاج ليوم عالمي تتكرر فيه الشعارات، بل تحتاج إلى تقدير فعلي يترجم إلى قوانين عادلة، واحترام في الأسرة والمجتمع، واعتراف بدورها الأساسي في بناء الأجيال. فالمجتمع الذي يكرم المرأة حقا هو الذي يمنحها حقوقها طوال العام، وليس الذي يتذكرها ليوم واحد ثم ينساها. مكانة المرأة لا تنفصل عن مكانة الأسرة لا يمكن الحديث عن تكريم المرأة بمعزل عن الاهتمام بالأسرة ككل، لأن المرأة جزء أساسي في هذا البناء المتكامل. فالارتقاء بمكانة المرأة يبدأ بضمان استقرار الأسرة وتوفير الظروف التي تجعلها تعيش في كرامة وطمأنينة. عندما يمنح الرجل حقه في العمل الكريم والراتب العادل، فإنه سينفق على زوجته وبناته، ويوفر لهن حاجياتهن، مما يخفف عن المرأة الكثير من الأعباء ويمنحها الفرصة للتركيز على أدوارها الأساسية في التربية والبناء. فالمرأة لا تحتاج فقط إلى شعارات المساواة، بل تحتاج إلى مجتمع عادل يحمي الأسرة، ويضمن العيش الكريم لكل أفرادها. الاهتمام بالرجل، وتوفير فرص العمل له، هو في الأصل تكريم غير مباشر للمرأة، لأن الأسرة المتماسكة هي البيئة الحاضنة التي تزدهر فيها المرأة وتحقق ذاتها. إذا كان الهدف من 8 مارس مجرد احتفال رمزي، فإنه لا يغير شيئا في واقع المرأة، بل يظل حبيس الشعارات الاستهلاكية والزائفة التي سرعان ما تنسى. أما التكريم الحقيقي، فهو ما جاء به الإسلام، حيث منح المرأة مكانتها كاملة كأم وزوجة و ابنة وأخت، وجعل احترامها ورعايتها واجبا دائما لا يرتبط بيوم معين. ولأن المرأة جزء أساسي من الأسرة، فإن ضمان حقوقها لا يكون بشعارات موسمية، بل ببناء مجتمع متوازن يولي الأسرة اهتمامها الحقيقي. فمنح الرجل حقه في العمل والعيش الكريم يجعله قادرا على الإنفاق على أسرته، مما ينعكس إيجابا على المرأة ويضمن لها حياة مستقرة وكريمة. فالتكريم الأصدق للمرأة لا يكون في يوم عابر، بل في مجتمع يصون كرامتها من خلال دعم الأسرة وحماية دورها فيها. محمد بنصديق