200 عمدة مدينة يتعهدون بخفض الانبعاثات أسدل الستار الأشبوع الماضي عن مؤتمر قمة تغير المناخ الذي يسبق انعقاد مؤتمر الأممالمتحدة حول تغير المناخ المزمع عقده في نونبر القادم. ويعتبر هذا المؤتمر بمثابة منبر للمفاوضات الدولية الحكومية الرامية إلى إبرام اتفاق دولي جديد بشأن تغير المناخ، مع الإبقاء على مستويات حرارة تقل عن درجتين مئويتين على الصعيد العالمي. وقال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون: «أطالبكم بالتحلي بروح الريادة... لسنا هنا كي نتحدث، نحن هنا لكتابة التاريخ». ورأى أن «التغيرات المناخية تهدد السلام المكتسب غالياً والرخاء وفرص النجاح لبلايين الأشخاص». وأضاف أنه مع نهاية القرن «يجب أن لا تكون انبعاثاتنا من الكربون أكثر مما يمكن لكوكبنا أن يمتصه». وطالب الحكومات بضخ مئة بليون دولار سنوياً في الصندوق الأخضر للمناخ، علماً أن ألمانيا هي الدولة الوحيدة حتى الآن التي قدمت مساهمة كبيرة ببليون دولار، في حين وعدت فرنسا بتقديم بليون دولار. وقال الرئيس الأميركي باراك أوباما في كلمته إن إدارته ستعلن أهدافا جديدة لتخفيض الانبعاثات الكربونية السنة المقبلة، وسوف تفي بالتزامها الحالي تخفيض الانبعاثات بنسبة 17 في المائة بحلول سنة 2020. وأضاف أن «الولاياتالمتحدةوالصين هما أكبر اقتصادين وأكبر مطلقين للانبعاثات في العالم، وهما تتحملان مسؤولية خاصة للقيادة». واعتبر أن الصين لم تعد قادرة على الادعاء أن مسؤولية مكافحة تغير المناخ تقع فقط على عاتق البلدان الصناعية في أميركا الشمالية وأوروبا. ودعا رئيس وزراء بريطانيا ديفيد كاميرون قادة العالم إلى إنجاز اتفاق مناخي جديد في باريس، لكنه لم يقدم أي تعهدات إضافية لبلاده، مكتفيا بالقول إنها «تلعب دورها» وتسعى إلى تخفيض انبعاثاتها بنسبة 80 في المائة بحلول سنة 2050. وتعهد العديد من المشاركين في هذه القمة بالتزامات جديدة من قبيل إعلان عمدة مدينة نيويورك عن عزم المدينة تخفيض انبعاثات غازات الدفيئة بما نسبته 80 في المائة في أفق سنة 2050. كما التزم تحالف يضم أكثر من 200 عمدة، يمثلون 400 مليون نسمة بالتوقيع على «ميثاق العمدة» الرامي إلى خفض الانبعاثات سنويا بما تتراوح نسبته بين 12.4 و16.4 في المائة. واشتملت المناقشة خلال القمة مداخلات لمشاركين من جميع أرجاء العالم، بمن فيهم رئيس وزراء توفالو، وجون هلدرن، مساعد رئيس الولاياتالمتحدة لشؤون العلوم والتكنولوجيا، فضلاً عن البروفيسورة إ. كالنيي، من الأرجنتين، وهي من أعضاء المجلس الاستشاري العلمي التابع للأمين العام للأمم المتحدة. وأفاد المتحدثون في مؤتمر القمة على أن الانتفاع بالعلوم والمعلومات والخدمات المناخية على نحو رشيد إنما يشكل أمراً حاسم الأهمية بالنسبة إلى عمل في مجال المناخ يمتاز بالفعالية على المدى الطويل. ويقتضي ذلك القيام بقدر أكبر من الاستثمارات لتعزيز المعارف والحد من عوامل عدم اليقين، وذلك من خلال القيام بدراسات علمية أكثر رسوخاً والربط بينها وبين السياسات على نحو أوثق.و أبرزت مختلف النقاشات أن الأسس المعرفية التي يستند إليها العمل المدروس متاحة بالفعل لتوجيه السياسات والقرارات المتعلقة بالمناخ، وذلك من المستوى الوطني حتى المستوى المحلي؛ بيد أن كافة الأطراف المعنية يجب أن يكون في مقدورها تسخير هذا المجال بشكل كامل. وناقشت جلسة خاصة بعلم المناخ الكيفية التي يمكن لهذا العلم توجيه الأنشطة التي من شأنها أن تدعم تحقيق الهدف المذكور. وعرّفت مناقشة تفاعلية دارت حول تعزيز الروابط بين العلوم والسياسات والتركيز على الحاجة إلى اتخاذ قرارات عاجلة تستند إلى النتائج العلمية، وترأس هذه الجلسة كل من رئيس منغوليا تساخيغين البيغدورج ورئيس غيانا دونالد راموتار. كما تميزت بكلمات ألقاها كل من أليكا هاموند، رئيسة وزراء غرينلاند (الدنمرك)، وتوماس ستوكر، الرئيس المشارك لفريق العمل التابع للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، وجوليا مارتون لفيفر، المديرة العامة للاتحاد الدولي لصون الطبيعة، فضلاً عن باربارا فروست، المديرة التنفيذية لمنظمة «معونات المياه» (ووتر إيد). واستهل رئيس منغوليا الجلسة مشدداً على أن «علم المناخ إنما هو علم حاسم الأهمية بالنسبة إلى مستقبل كوكب الأرض ولذلك فإن مؤتمر القمة حول تغير المناخ يُعد بمثابة فرصة لا يمكن أن تفوتنا». أعقب ذلك مناقشة تفاعلية ركزت على النتائج الرئيسة لعلم المناخ التي تخص السياسات، وكذلك على كيفية تسخير المعارف والمعلومات على نحو أكثر فعالية، فضلاً عن تثقيف الناس وتمكينهم من العمل. فالربط بين نتائج العلوم والسياسات هو الدور الذي يضطلع به المجلس الاستشاري العلمي التابع للأمين العام للأمم المتحدة، والذي كلفت اليونسكو بقيادته واستضافة أمانته. وعالجت باربارا فروست المسائل المتعلقة بظاهرة تغير المناخ من زاوية المياه، مؤكدة بأن " ثمة ضرورة ملحة للقيام بعمل عاجل من أجل 750 مليون نسمة من الرجال والنساء المحرومين من الانتفاع بمياه آمنة". يذكر أن القمة ضمت مائة من رؤساء الدول والحكومات، إضافة إلى ممثلين عن الدوائر المالية وقطاع الأعمال والمجتمعات المدنية، وذلك لتوفير زخم جديد للتصدي للتحديات التي تطرحها ظاهرة تغير المناخ.