"دور الشباب في مناصرة حقوق الإنسان" موضوع الحلقة الأولى من سلسلة حوار القيادة الشبابية        واشنطن ترفض توقيف نتانياهو وغالانت    وفاة ضابطين اثر تحطم طائرة تابعة للقوات الجوية الملكية اثناء مهمة تدريب    المغرب التطواني يقاطع الإجتماعات التنظيمية مستنكرا حرمانه من مساندة جماهيره    أمن البيضاء يوقف شخصا يشتبه في إلحاقه خسائر مادية بممتلكات خاصة    أول دبلوم في طب القلب الرياضي بالمغرب.. خطوة استراتيجية لكرة القدم والرياضات ذات الأداء العالي    الحزب الحاكم في البرازيل يؤكد أن المخطط المغربي للحكم الذاتي في الصحراء يرتكز على مبادئ الحوار والقانون الدولي ومصالح السكان    توقيف الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال في مطار الجزائر بعد انتقاده لنظام الكابرانات    الحكومة تُعزز حماية تراث المغرب وتَزيد استيراد الأبقار لتموين سوق اللحوم    رسميا.. اعتماد بطاقة الملاعب كبطاقة وحيدة لولوج الصحفيين والمصورين المهنيين للملاعب    تعيينات بمناصب عليا بمجلس الحكومة    مجلس الحكومة يصادق على مشروع مرسوم بوقف استيفاء رسم الاستيراد المفروض على الأبقار والأغنام الأليفة    يخص حماية التراث.. مجلس الحكومة يصادق على مشروع قانون جديد    "بتكوين" تقترب من 100 ألف دولار مواصلة قفزاتها بعد فوز ترامب    الرباط : ندوة حول « المرأة المغربية الصحراوية» و» الكتابة النسائية بالمغرب»    الجديدة.. الدرك يحبط في أقل من 24 ساعة ثاني عملية للاتجار بالبشر    إتحاد طنجة يستقبل المغرب التطواني بالملعب البلدي بالقنيطرة    برقية تهنئة إلى الملك محمد السادس من رئيسة مقدونيا الشمالية بمناسبة عيد الاستقلال    المنتدى الوطني للتراث الحساني ينظم الدورة الثالثة لمهرجان خيمة الثقافة الحسانية بالرباط    بعد غياب طويل.. سعاد صابر تعلن اعتزالها احترامًا لكرامتها ومسيرتها الفنية    القوات المسلحة الملكية تفتح تحقيقًا في تحطم طائرة ببنسليمان    "الدستورية" تصرح بشغور مقاعد برلمانية    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    بإذن من الملك محمد السادس.. المجلس العلمي الأعلى يعقد دورته العادية ال 34    ميركل: ترامب يميل للقادة السلطويين    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    الاستئناف يرفع عقوبة رئيس ورزازات    المركز السينمائي المغربي يقصي الناظور مجدداً .. الفشل يلاحق ممثلي الإقليم    مؤشر الحوافز.. المغرب يواصل جذب الإنتاجات السينمائية العالمية بفضل نظام استرداد 30% من النفقات    طنجة.. توقيف شخصين بحوزتهما 116 كيلوغرام من مخدر الشيرا    المغربيات حاضرات بقوة في جوائز الكاف 2024    زكية الدريوش: قطاع الصيد البحري يحقق نموًا قياسيًا ويواجه تحديات مناخية تتطلب تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص    لأول مرة.. روسيا تطلق صاروخا باليستيا عابر للقارات على أوكرانيا        وزارة الإقتصاد والمالية…زيادة في مداخيل الضريبة    ارتفاع أسعار الذهب مع تصاعد الطلب على أصول الملاذ الآمن    مشاريع كبرى بالأقاليم الجنوبية لتأمين مياه الشرب والسقي    رودري: ميسي هو الأفضل في التاريخ    أنفوغرافيك | يتحسن ببطئ.. تموقع المغرب وفق مؤشرات الحوكمة الإفريقية 2024    ارتفاع أسعار النفط وسط قلق بشأن الإمدادات جراء التوترات الجيوسياسية    بعد تأهلهم ل"الكان" على حساب الجزائر.. مدرب الشبان يشيد بالمستوى الجيد للاعبين    8.5 ملايين من المغاربة لا يستفيدون من التأمين الإجباري الأساسي عن المرض    مدرب ريال سوسيداد يقرر إراحة أكرد    انطلاق الدورة الثانية للمعرض الدولي "رحلات تصويرية" بالدار البيضاء    الشرطة الإسبانية تفكك عصابة خطيرة تجند القاصرين لتنفيذ عمليات اغتيال مأجورة    من شنغهاي إلى الدار البيضاء.. إنجاز طبي مغربي تاريخي    تشكل مادة "الأكريلاميد" يهدد الناس بالأمراض السرطانية    اليسار الأميركي يفشل في تعطيل صفقة بيع أسلحة لإسرائيل بقيمة 20 مليار دولار    شي جين بينغ ولولا دا سيلفا يعلنان تعزيز العلاقات بين الصين والبرازيل    جائزة "صُنع في قطر" تشعل تنافس 5 أفلام بمهرجان "أجيال السينمائي"    تفاصيل قضية تلوث معلبات التونة بالزئبق..    دراسة: المواظبة على استهلاك الفستق تحافظ على البصر    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العالم بين الانحباس الحراري وعصر جليدي جديد
قمة كوبنهاغن.. البحث عن الحقيقة
نشر في العلم يوم 27 - 12 - 2009

انتهت يوم السبت 19 ديسمبر 2009 في العاصمة الدانماركية كوبنهاغن أشغال القمة العالمية بشأن التغير المناخي التي استغرقت 12 يوما وحضرها 130 من رؤساء الدول والحكومات وممثلون عن حوالي 70 دولة أخرى، إضافة الى مئات العلماء ورجال الأعمال ومديرو الشركات.
التقديرات والتصريحات بشأن نتائج المؤتمر العالمي تفاوتت بين التأكيد بإنجاز تقدم كبير، وبين الحسم بأن القمة كانت فشالة وكارثية.
الأمر الذي ربما يتفق عليه الجميع هو أن قمة كوبنهاغن شهدت إنقسام العالم الى معسكرين، أحدهما تشكل من الدول الصناعية المتقدمة وبعض حلفائها، والأخر من دول العالم الموصوفة بالنامية أو السريعة التصنيع. الطرف الأول حاول وضع قواعد سلوك عالمية الزامية لتخفيض الغازات التي تقول النظريات العلمية الأكثر ترويجا أنها سبب الإحتباس الحراري الذي يقود نحو تغييرات أساسية في مناخ الكرة الأرضية.
الخلافات كانت شديدة خلال القمة ولم تقتصر كما يحدث في الكثير من الأحيان على تصادم بين الدول التي توصف بالنامية وتلك الموصوفة بالمتقدمة والمصنعة. القمة كذلك ورغم الإعداد المعمق لها والإستقطاب الذي سبقها خاصة من جانب الدول المصنعة لم تسفر عن نجاح الأقلية في ترويض الأكثرية وإن كان قد تم نصب فخاخ عدة يمكن أن تثمر لاحقا.
سياسة الإملاء
رفض جزء هام من دول العالم لسياسة الإملاء، قادت يوم الاثنين 14 ديسمبر مجموعة أفريقيا ودول اخرى لمقاطعة المحادثات، ثم عادت بعد ساعات وفي نفس اليوم الى المشاركة بعد أن تلقت ضمانات بأن القمة ستولي مزيدا من التركيز لتمديد العمل ببروتوكول كيوتو وهو الاتفاق الدولي الوحيد حتى اليوم حول المناخ.
ويذكر أن الكرملين كان قد أعلن في الثاني من ديسمبر 2003، أن روسيا لن تصدق على بروتوكول كيوتو، التي ترى فيها تهديدا للنمو الاقتصادي الذي يعتمد بشكل كبير على الطاقة الأحفورية، حيث يضع قيودا كبيرة على النمو الاقتصادي لروسيا. في حين انسحبت الولايات المتحدة، صاحبة أكبر نسبة من الانبعاثات في العالم من المعاهدة.
في محاولة لإسترضاء دول العالم الثالث تعهدت رئيسة المؤتمر الدانماركية كوني هادغارد بتقديم الضمانات و»باتخاذ قرارين (في الاتفاق النهائي): الأول ينضوي تحت بروتوكول كيوتو والثاني تحت اتفاق «الأمم المتحدة للمناخ» حسب مندوب الغابون ماسار ماكاغا.
وقال ماكاغا «إنه (اتفاق كيوتو) الأداة الوحيدة التي تسمح بضمان التزام الجميع على أساس أرضية واحدة». من جهتهما رفضت اليابان وأستراليا مناقشة مرحلة ثانية من الالتزامات طالما أن المحادثات لا تتطور بالتوازي مع الولايات المتحدة والدول الكبرى.
وعارضت دول بينها فنزويلا والسودان وتوفالو الاتفاق الذي قادته في كوبنهاغن، الولايات المتحدة والصين والهند وجنوب إفريقيا والبرازيل. وذكرت أطراف اخرى في المؤتمر أن غالبية الدول الصناعية تريد صياغة إتفاق عالمي ملزم من شأنه تكريس هيمنة الدول الصناعية الكبرى وزيادة هشاشة إقتصاديات الدول النامية وذلك بتقييد قدراتها على التنمية الصناعية والزراعية بدعوى أن مشاريع في هذه المجالات تمثل تصعيدا لظاهرة الإحتباس الحراري وعلى الدول المعنية أن تبحث عن بديل. وأنه على هذا الأساس ستتوفر الدول الصناعية الكبرى على ما يشبه المقصلة تتعامل بها مع الدول النامية كلما أقدمت على تنفيذ مشاريع تنمية طموحة بما في ذلك بناء السدود والمصانع وإستصلاح الأراضي الى غير ذلك. ويضيف آخرون إن الإتفاقية الملزمة التي تريدها واشنطن تسير على خطى معاهدة منع إنتشار الأسلحة النووية التي غدت أداة عدوان وإجبار على بقية دول العالم وعلى أساس الكيل بمكيالين.
ويؤكد هؤلاء إن الهدف الأكبر لمؤتمر كوبنهاغن يدور حول تحقيق مخططات الدول الصناعية الكبرى لمنع دول العالم الثالث من محاولات تطوير قدراتها الصناعية تحت غطاء السيطرة على إنبعاثات ثاني أكسيد الكربون بينما تبقى هي في إطار الانبعاثات الكربونية الحالية أو تكاد، وتقدم للدول النامية بعض فتات الخبز على سبيل تعويضها عن التخلي عن مشاريع تنموية تحت مسمى المساعدات.
محرقة لأفريقيا
وكان وزير الطاقة الأمريكي ستيفن شو قد أعلن عن مخطط على مدى خمس سنوات تموله الدول الصناعية الكبرى، بهدف تنمية الطاقة النظيفة بالبلدان النامية.
وذكرت واشنطن أن هذا المخطط سيمكن من «تسريع التنمية والطاقات المتجددة والتكنولوجيا التي تعزز الكفاءة الطاقية» في هذه الدول.
ويرتكز المخطط على أربعة محاور أولها تنمية الطاقة الشمسية المنزلية بالمناطق غير المربوطة بالكهرباء، ثانيها النهوض بتكنولوجيا ترشيد استهلاك الطاقة، وثالثها بعث شبكة تبادل معلومات حول الطاقات النظيفة، ورابعها وضع برنامج للمساعدة لتعزيز هذه التكنولوجيا بالبلدان النامية.
وفي رد على التحركات الأمريكية قال مبعوث السودان الذي تمثل بلاده مجموعة ال 77 (130 بلدا ناميا) إن الخطة بالنسبة لإفريقيا بمثابة محارق، إذ ستسبب المزيد من الفيضانات والجفاف والانهيارات الطينية والعواصف الترابية وارتفاع منسوب مياه البحار.
وقال لومومبا ستانيسلوس دي أبينغ، المبعوث السوداني، إن «الوثيقة عبارة عن حل يعتمد في اعتقادنا على المعايير نفسها التي أرسلت ستة ملايين شخص في أوروبا إلى المحارق».
وقال رئيس جزر المالديف محمد ناشيد: «هناك خطر حقيقي بأن تسير المحادثات الخاصة بالمناخ في المسار ذاته الذي سارت عليه محادثات منظمة التجارة العالمية ومحادثات أخرى متعددة الجنسيات».
إتفاق حل وسط
ليلة الجمعة 18 ديسمبر والسبت 19 ديسمبر، تم تمرير إتفاق وصف بالحل الوسط من خلال الالتفاف على معارضة مريرة من جانب دول كثيرة لإتفاق رعاه الرئيس الامريكي باراك اوباما، وقد صادق عليه رؤساء 30 دولة صناعية وناشئة.
وأعلن مؤتمر الأمم المتحدة حول المناخ، انه «أخذ علما» بالاتفاق. وقال ديفيد دونيغر الخبير في مركز المناخ التابع لمجلس الدفاع عن الموارد الطبيعية في الولايات المتحدة، «لقد وجدوا وسيلة لمنح هذا الاتفاق اقرارا رسميا بحيث تم اقناع غير المقتنعين به بعدم رفضه». واحيل هذا «الاعلان السياسي» الذي تم التسرع في إعلانه بإعتباره «اتفاق كوبنهاغن»، على الجمعية العامة التي تضم 193 دولة.
ممثل مجموعة ال77، اعتبر أن الاتفاق هو «الاسوأ في التاريخ». وقال «حتى الأن، لا يوجد اتفاق» فقط مشروع إعلان يجب أن يقر. وأشار الى ان الصين «لم تعلن موقفها رسميا». واضاف «في حال قالت دولة واحدة «لا» فلن يكون هناك إتفاق وهناك دول عديدة قالت أنها سترفض».
عدد كبيرا من مندوبي دول الجنوب عارضوا بشدة مشروع الاتفاق معتبرين أنه «مغاير» لعملية الأمم المتحدة.
وأعربت بوليفيا عن «معارضتها التامة للوسائل التي اعتمدت» متهمة رئيس الوزراء الدنماركي لارس راسموسين، رئيس المؤتمر، بأنه «يقف عقبة أمام الديموقراطية والشفافية».
أما بالنسبة لكوبا، فقد قالت إن الرئيس باراك أوباما تصرف كامبراطور وأعلن عن اتفاق غير موجود.
سياسة خطوة خطوة
من جانبه أعلن الرئيس الامريكي قبل أن يغادر العاصمة الدانماركية ان اتفاقا «مهما» و»غير مسبوق» تم التوصل اليه ولكن التقدم المسجل غير «كاف». واضاف «لكن الاتفاق سيتيح لكل بلد ان يظهر ما قام به.... سوف نعلم من سيحترم ومن لا يحترم الالتزامات المتبادلة التي حددت». وقال اوباما ايضا «لقد تقدمنا كثيرا ولكن لا يزال امامنا الكثير كي نقوم به». واضاف «اعتقد ان ما حققناه في كوبنهاغن ليس النهاية ولكن بالأحرى البداية».
الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أعلن عن تنظيم محادثات جديدة في بون «خلال ستة اشهر» للاعداد للقمة المقبلة حول المناخ في مكسيكو. وحذر خلال مؤتمر صحافي من ان أي اتفاق ملزم شرعيا سيكون «صعبا جدا» وسيتطلب وقتا.
ملاحظون أشاروا الى انه من الواضح أن غالبية الدول المتقدمة بقيادة الولايات المتحدة قررت سلوك سياسة خطوة خطوة مع بقية دول العالم لتقودها تدريجيا الى اتفاق ملزم كما حدث مع اتفاقية حظر انتشار الأسلحة النووية.
وهنا من الواجب الإشارة الى أن خوسيه مانويل باروزو، رئيس المفوضية الاوروبية، وانغيلا ميركل، المستشارة الالمانية، وغوردون براون، رئيس الحكومة البريطانية، وباراك اوباما، الرئيس الامريكي استعملوا جملة تقول «اخترنا ان نقر هذا الاتفاق» الذي تم التوصل اليه بعد مفاوضات «صعبة للغاية لانه يلزم الكوكب باسره».
من جانبه أعلن الامين العام للامم المتحدة بان كي مون: «أخيرا حصلنا على اتفاق». وأضاف ان «اتفاق كوبنهاغن قد لا يشمل كل شيء يأمل فيه كل شخص لكن هذا القرار بداية مهمة». وأضاف «ان الاتفاق الذي تم التوصل اليه في محادثات مطولة شاركت فيها 193 دولة اكتفى بمجرد الاشارة الى الاتفاق الجديد وهو اتفاق غير ملزم لمكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري العالمية».
تكلفة باهظة
أشار مسؤولون ألمان الى أن الاتحاد الأوروبي وافق على مضض على الاتفاق الذي قلص بعض الأهداف التي ذكرت من قبل في مسودات نصوص مثل هدف خفض الانبعاثات العالمية للغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري إلى النصف بحلول عام 2050. وكانت دول أوروبية كثيرة تريد من أوباما أن يقدم عرضا بخفض أكبر للغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري بحلول عام 2020، لكنه لم يتمكن من ذلك لأسباب منها أن مجلس الشيوخ رفض التشريع الخاص بخفض انبعاثات الكربون.
ويشير مراقبون الى كثير من الثغرات وعلامات التشكيك، فمثلا رغم ان الاتفاق ينص على إنشاء صندوق خاص ومبلغ سيرتفع تدريجيا الى 100 مليار دولار بحلول العام 2020، لمصلحة الدول الاكثر ضعفا بشكل أولي، فإن هذا الاتفاق جرى التفاوض عليه سرا وراء الابواب المغلقة، وهو ما يتعارض مع القواعد المتعددة الأطراف للامم المتحدة.
في الوقت الذي كانت فيه المناقشات على أشدها في العاصمة الدانماركية، ذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن اتفاقية المناخ المثالية التي يتحدث عنها بعض المؤتمرين ربما تكلف باهظا ولا سيما أنها تفضي إلى تغييرات جذرية في إنتاج الطاقة وإختلال في حياة البشر، فضلا عن تغييرات ساحقة في الزراعة والحياة الحرجية وخلق أسواق جديدة ومعقدة من ديون التلوث الناجم عن الانحباس الحراري.
وطرحت تساؤلا عن ما ستكلفه تلك التداعيات، لتقول إن الجواب القصير يكمن في تريليونات من الدولارات خلال العقود القليلة المقبلة.
ومضت تقول إن ذلك المبلغ كبير جدا، وأن كان يبقى جزءا يسيرا من الناتج الاقتصادي الإجمالي في العالم، مشيرة إلى أن الطموحات التحويلية للبنى التحتية الخاصة بالطاقة التي يناقشها المؤتمرون قد تكلف وحدها ما يزيد عن عشرة تريليونات دولار ضمن استثمارات إضافية بدءا من 2010 حتى 2030، وفقا للوكالة الدولية للطاقة.
الوكالة لفتت إلى أن التكاليف سترتفع بشكل بطيء ويتم تعويضها من خلال منافع اقتصادية تتمثل في الوظائف الجديدة وتحسين أنماط الحياة وتأمين إمدادات آمنة من الطاقة فضلا عن تراجع الخطر الناجم عن الكارثة المناخية، مضيفة أن معظم الاستثمار سيقع على كاهل القطاع الخاص.
من جانبه قال كيفين باركر وهو مدير إدارة أصول دوتش بنك الذي يتابع سياسة البنك المناخية، إن الناس يتساءلون عن التكاليف، غير أن الأرقام التي يصدرونها لا تأخذ بعين الاعتبار مدى فعالية الإجراءات المتوفرة بسهولة، وهم لا ينظرون إلى التكاليف الناجمة عن التراخي والتي تتمثل في انقراض الجنس البشري».
وأشارت الصحيفة إلى أنه مهما كانت تأثيرات الانحباس الحراري، فإن هناك تقديرات مقلقة للتكاليف الاقتصادية ولكنها أفضل من الفشل في العمل من أجل التعاطي مع هذه المشكلة في أسرع وقت ممكن.
قصة الإحتباس الحراري
قبل فترة من عقد مؤتمر كوبنهاغن انفجرت عبر العديد من وسائل الإعلام الدولية فضيحة تكشف أن ما يسمى الإحتباس الحراري، هو في جزء كبير منه من صنع الساسة والشركات المتعددة الجنسية العالمية التي يزيد تحكمها في مصير العالم، وأن الهدف من ترويج معلومات عن أن الإنسان هو سبب تبدل المناخ وضرورة تكاتف العالم وإتباع نصائح وعلاجات وضعتها الدول المهيمنة على الساحة الدولية، يهدف فقط الى تمكين المهيمنين من توسيع سيطرتهم.
القضية عرفت بإسم فضيحة «بوابة المناخ» أو اختصارا «ووتر غيت»، وتدور الأحداث حول التزوير العلمي المتعمد في إحدى أعرق الجامعات العالمية صلة بدراسات المناخ وبالتحديد دراسات نظرية الإحتباس الحراري الخلافية.
دارت أحداث «كلايميت غيت» في الفضاء الافتراضي لشبكة الإنترنت حيث تمكن عدد من قراصنة الشبكة المعروفين إصطلاحا ب «الهاكرز» من إقتحام الحاسبات المركزية لجامعة بريطانية هي «أيست أنغيلا» والاستيلاء على ما يزيد عن ألف وثيقة ورسالة بريد الكتروني لعدد من أهم وأكبر أساتذة المناخ بالجامعة بل في العالم على مدى أكثر من عشر سنوات، وتسريب تلك الرسائل عبر الشبكة العنكبوتية.
تستمد هذه الحادثة أهميتها من أمرين أولهما أن جامعة «أيست أنغيلا» تشتهر عالميا بثروتها العلمية المناخية النادرة المتمثلة في قاعدة بيانات تاريخية عن سجلات متغيرات المناخ على مستوى كل مناطق العالم تعود لبدء رصد وتسجيل المتغيرات المناخية بشكل دقيق وعلمي منذ عام 1860، وهي لذلك مرجعية علمية عالمية بشأن دراسات المناخ، كما أنها قاعدة البيانات المناخية المعتمدة من قبل مجلس الحكومات للمتغيرات المناخية الراعي لمؤتمر كوبنهاغن، وهي الجامعة المتعاونة مع الجهات الرسمية الأمريكية والعالمية المتبنية لنظرية الاحتباس الحراري. والثاني هو اعتراف «العلماء» بصحة نسبة الرسائل الإلكترونية إليهم وبصحة ما جاء فيها من تلاعب بالبيانات المناخية للوصول إلى استنتاجات مسبقة من أجل أجندة سياسية.
وقد أقر المركز بأن المعلومات التي سرقها القراصنة حقيقية، لكنه قال إنها مجتزأة ومقتطعة من سياقها الأصلي بشكل يفقدها صدقيتها. وأضاف بيان للمركز: «نحن على اطلاع بأن معلومات من أحدى أجهزة الكمبيوتر في قسم من الجامعة تعرضت للسرقة عبر اختراق إلكتروني، ونحن نشعر بالقلق حيال إمكانية تعرض خصوصيات بعض الأشخاص للتهديد، وبسبب ضخامة حجم هذه المعلومات فإنه من الصعب حاليا تأكيد صحتها بشكل كامل».
وفي أحد الرسائل، يقول العالم فيل جونز: «لقد أنهيت الخدعة الطبيعية برفع درجات الحرارة المسجلة خلال العقدين الماضيين، اعتبارا من عام 1981، بعدما تسلمتها من مايك (مايكل مان، مدير مركز نظام الأرض بجامعة بنسلفانيا الأمريكية) وكذلك بالنسبة لتلك التي سلمني إياها كيث للعام 1961 لإخفاء الانخفاض».
وفي رسالة أخرى، يطلب جونز من مان حذف بعض المعلومات والرسائل الإلكترونية التي قد يضطر المركز لاحقا لكشفها، عملا بقانون حرية الوصول إلى المعلومات.
وقد رد مان بالقول إن «الخدعة» يقصد منها نظام جديد كان قد عمل عليه لإظهار درجات الحرارة بشكل أوضح، نافيا التلاعب بالمعلومات، كما أدعى أنه يجهل مضمون الرسائل التي طُلب منه حذفها.
كما نشر القراصنة رسالة من كيفين ترينبورث، مدير معهد أبحاث المناخ في ولاية كولورادو الأمريكية، يقول فيه إن مناطق واسعة في الولايات المتحدة سجلت خلال الفترة الماضية درجات حرارة هي الأدنى في تاريخها، ما يدفع للتشكيك بحقيقة وجود احتباس حراري.
علماء كثيرون قالوا إن العكس هو القادم: العالم مقبل على عصر جليدي جديد سيحول الجزء الأكبر من نصف الكرة الأرضية الشمالي الى صحراء جليدية وسيعيد الى صحراء شمال أفريقيا والجزيرة العربية وجنوب المكسيك وأرجاء واسعة من جنوب آسيا والصين اخضرارها وغاباتها وأنهارها كما كانت قبل ملايين السنين.
دور الإعلام
صاحب التزوير العلمي المتعمد، تغطية إعلامية غير متوازنة لنظرية الإحتباس الحراري ومحاولة فرضها عنوة على العقول والأذهان من خلال غسيل الدماغ المتمثل في التكرار الإعلامي الفائق والتعتيم المتعمد على آراء عشرات الآلوف من مناهضيها من العلماء بل واضطهادهم بل وحتى اتهامهم بالهرطقة والجنون.
فمثلا لا يكاد متابعو الإعلام العالمي العام يسمعون أن كل النشاطات الإنسانية على الأرض تقع ضمن الزيادة و النقصان في نسبة 2 في المائة من كمية ثاني أكسيد الكربون الموجود في الغلاف الجوي، و أن بخار الماء المنبعث من المحيطات والبراكين ... الخ يشكل نسبة 70 في المائة من غازات الإحتباس الحراري في الغلاف الجوي.
ويتعمد ما يسمى بالإعلام العالمي الإقتصار على ذكر جزء من الحقيقة بالنسبة لما يجري على كوكبنا الأرض بالنسبة للإحترار أو البرودة الكونية فعلى سبيل المثال سارعت مثلا الجهات الإعلامية عام 2007 بنقل الأخبار التي إنبثقت عن أبحاث جامعة «إلينوي» الأمريكية بأن ثلوج القطب المتجمد الجنوبي قد ذابت لحد أدنى مستوى لها منذ ثلاثين عاما، متجاهلة في نفس الوقت التقارير الصادرة عن نفس الجامعة و في نفس السنة بأن الزيادة في ثلوج القطب المتجمد الشمالي قد بلغت حدا قياسيا.
على الرغم من إنفاق ما يزيد عن 50 مليار دولار على «أبحاث» الإحتباس الحراري منذ عام 1990، فقد أخفقت كل تلك الأبحاث في التوصل إلى إيجاد علاقة نمطية بين النشاط الإنساني عموما والتغيرات المناخية، بمعنى أن التغيرات المناخية على سطح الأرض أكبر من التدخل الإنساني من خلال النشاطات الصناعية و الزراعية. ومن المهم أن يدرك الجميع أن مجلس الحكومات للمتغيرات المناخية تابع للأمم المتحدة و لذلك فهو مجلس سياسي أقرب منه علمي، وهو يستخدم البيانات العلمية بطريقة مسيسة، و ليس أدل على ذلك من وسم رئيس الوزراء البريطاني بمؤتمر كوبنهاغن للعلماء المعارضين لنظرية الاحتباس الحراري بأنهم «مخربون مناخيون» يسيؤون إستخدام البيانات لتضليل الناس.
محاولة لإستعادة الثقة
في مواجهة حملة تشكيك في مصداقية بحوث المناخ التي تتحدث عن الإنحباس الحراري، شرع مكتب الأرصاد الجوية البريطاني خلال شهر ديسمبر 2009 في اتخاذ تدابير عاجلة لتعزيز الثقة في علم تغير المناخ كما يراه أنصار نظرية الإنحباس، وتحسين سمعة هذا العلم بعد الضجة التي أعقبت سرقة الرسائل البريدية لخبراء المناخ بجامعة إيست أنغليا، وفي هذا الإطار تم جمع توقيعات مئات العلماء المؤيدين للدفاع عن مصداقية علم المناخ.
وخلال أربعة أيام استطاع المكتب أن يحصل على توقيع أكثر من 1700 عالم وخبير، على التماس يدافع عن «النزاهة المهنية» للبحوث المتعلقة بالانحباس الحراري.
وقد بعث مدير المكتب جون هيرست وكبيرة علماء الأرصاد بها البروفسور جوليا سلينغو بالالتماس المذكور إلى سبعين عالما من زملائهم طالبهم بتوقيعه «للدفاع عن مهنتنا ضد الهجوم غير المسبوق الذي يستهدف تشويه سمعتنا وبلبلة الثقة في علم تغير المناخ».
كما حثهم على تمرير هذا الالتماس إلى زملائهم لحشد مزيد من التأييد لنتائج البحوث العلمية التي تدل على أن ظاهرة الانحباس الحراري حقيقة أثبتها علم تغير المناخ، وأن هذا العلم جدير بالثقة.
غير أن أحد العلماء أخبر صحيفة «تايمز» البريطانية أنه لم يوقع الالتماس بإقتناع منه وإنما خشية أن يفقد وظيفته، مشيرا إلى أن مكتب الأرصاد الجوية معروف بالاقتصار في تعييناته منذ أمد بعيد على أولئك الذين يؤيدون نظريته بأن الانحباس الحراري هو من صنع الإنسان.
العصر الجليدي
يقول العالم دومينيك غييي وهو مختص في البيئة والتربة والبذور، وقد قضى عقودا من الزمن في البحث العلمي: اعترف أنني قد اعتقدت ولو إلى حد ما بسخونة المناخ الناتجة عن النشاط البشري وكنت أرى أن النضال ضد انبعاث ثاني أكسيد الكربون من شأنه أن يهدد أسس النظام الاجتماعي الغربي والعولمة الجارفة.
من ناحية أخرى جعلت المنظمات غير الحكومية «الرسمية» والمختصة في الاحتجاج من المطالبة بالحد من انبعاث ثاني أكسيد الكربون إحدى القضايا الأساسية في معاركها وقد ردد وتبنى العديد من المناضلين الشبان ذلك بدون وعي وبكل حسن نية.
بدأت الشكوك الأولى تخامرني بالأخص عندما اكتشفت في صالون الزراعة-السيارة في 2007 الأكذوبة الكبيرة حول المحروقات النباتية والتي كنت أطلق عليها في ذلك الوقت اسم المحروقات الناخرة. وقد اقتبست هذا التعبير من المفكر جانبيير بيرلان المهندس الزراعي والمختص في اكتشاف الأكاذيب السيميائية. في هذا الصالون العالمي كنت ترى وتسمع المؤسسات الدولية العالمية للسكر والبتروكيمياء ومصنعي السيارات تنشد سيمفونية المحروقات النباتية وكيف ستساهم في مقاومة سخونة المناخ وإنقاذ الأرض وهي تقسم أن المحروقات النباتية لن تزاحم المواد الغذائية وقد تجاوب معهما عديد من ناشطي البيئة.
بعد بضع أشهر وقع الإعلان عن برنامج خاص بالبيئة: «غرونيل» البيئة وقد تحمست له عديد المؤسسات البيئية المعروفة باحتجاجاتها مثل منظمة الدفاع عن الطبيعة والسلام الأخضر وأصدقاء الأرض ومنظمات غير حكومية أخرى عضوة في التحالف من أجل الأرض. في تلك الفترة كنت قد كتبت مقالا حول ضرورة تحويل كل الأراضي الزراعية إلى زراعات عضوية من أجل تثبيت 3.7 طن من ثاني أكسيد الكربون في الهكتار الواحد وفي السنة والقضاء بالتالي على انبعاث كميات هامة من ثاني أكسيد الكربون. فلقد صرحت المنظمة العالمية للأغذية آنذاك خلال ملتقى عالمي أن الزراعة العضوية قادرة على ضمان الغذاء لكل سكان المعمورة وحمايتنا من مخاطر التلوث البيئي.
منذ ذلك العهد التزمت الصمت ولم يخطر ببالي البتة التشكيك في الدعاية حول سخونة المناخ وارتباط ذلك بانبعاث ثاني أكسيد الكربون وقد مثلت هذه الدعاية سلاح ناشطي البيئة من أجل الوصول إلى السلطة. ثم جاء اعتماد «أداء الكربون» وكأنه الوسيلة لزعزعة أسس النموذج الغربي المبني على استغلال موارد الطاقة وتلويث المحيط. في خضم هذا الجو الذي أقل ما يقال عنه أنه هستيري ودغمائي إلى حد التخمر الصوفي يعجز الواحد منا عن اختيار أي من «الأولياء الصالحين». لقد انطلت علي مقولة سخونة المناخ إلى ان قمت بزيارة للنيبال في شهر مايو 2009 حيث لاحظت تجفف البحيرات.
تساءلت هل أن ذلك مرده ارتفاع حرارة المناخ؟ هل بلغت الحرارة مستوى أدى إلى ذوبان أكوام الثلج بالهيمالايا وتبخرها قبل أن تتحول إلى ماء يسيل ويزود البحيرات والأودية بالماء؟. لكن المزارع النيبالي يؤكد من ناحيته أن لا شيء قد تغير وأنه تعود على تغير المناخ. الحقيقة هي أن هذا المزارع النيبالي يدرك عبر الأجيال السابقة والموروث الشعبي للمعرفة أن هناك دورة مناخية متبدلة، وأن أكوام الثلج بالهيمالايا تتكثف عندما تقل المياه في البحيرات، وهو لا يهتم البتة بما يقال عن ذوبان الثلوج بسبب الاحتباس الحراري أو بالتمويلات والاستثمارات التي توظف للتدليل على العلاقة «العلمية» بين ارتفاع حرارة المحيط والزيادة المزعومة لانبعاث ثاني أكسيد الكربون وذلك منذ 1860.
تجاوز الذروة
يقول العالم الروسى كابيبولوعبدوساماتوف رئيس مختبر أبحاث الفضاء فى مرصد بولكوف فى سانت بطرسبورغ، أن المعلومات التى توصلت إليها الأبحاث الروسية والأجنبية، أكدت أن درجة حرارة العالم فى سنة 2007 كانت شبيهة بتلك التى كانت فى عام 2006، ومتطابقة مع درجات الحرارة خلال الفترة ما بين 1998 و2006.
وأضاف عبدوساماتوف «هذا يعنى أن الأرض تجاوزت ذروة الاحتباس الحرارى خلال الفترة الواقعة بين 1998 - 2005»، مشيرا إلى أن الارتفاع فى تركيز درجة ثانى أكسيد الكربون فى جو الأرض ارتفع إلى أكثر من 4 بالمئة خلال العقد الماضي، مؤكدا أن الاحتباس الحرارى قد توقف بشكل عملي، موضحا أن كمية الطاقة الشمسية التى تعرض لها كوكب الأرض نقصت بشكل كبير خلال نفس الفترة.
كما توقع عبدوساماتوف انخفاضا طفيفا فى درجة الحرارة هذا العام بسبب الاشعاع الشمسي الخفيف الذى شهدته الكرة الأرضية خلال السنوات الثلاثين الماضية.
الاحتباس الحراري ظاهرة طبيعية
علماء آخرون من بينهم عالم الفيزياء البروفيسور نير شافيف، أكدوا أن ظاهرة الاحتباس الحراري هي ظاهرة طبيعية تماما وليست من صنع البشر.
وقال هؤلاء العلماء: «السؤال المثير هو: هل السبب هو البشر أم كونها ظاهرة طبيعية ؟. من خلال البحث يظهر ان السبب هو ظاهرة طبيعية لأن الشمس كانت نشطة خلال القرن الماضي، وهذا الارتفاع ليس بسبب ثاني اكسيد الكربون فالتأثير ضئيل، ومن الصعب قياسه.. ولأن ارتفاع درجات الحرارة طبيعي فليس هناك ما يمكن فعله.. هذا جزء من التحول المناخي».
وأشار الباحثون إلى أن ظاهرة الاحتباس الحراري أرهقت العلماء في البحث عن ما يمكن فعله في المستقبل لوقفها، ولكن الكثيرين لا يخشون الأسوأ بل يؤكدون أن درجة الحرارة ستعاود الانخفاض، ويقولون: «إذا نظرنا إلى درجات الحرارة قبل 300 عام نجد أن الجو كان أبرد من الآن ولكن قبل ألف عام خلال العصور الوسطى كان الجو كاليوم أو ربما أكثر حرارة، فشعب الفايكنيغ كان يجول في غرينلاند بسبب قلة الجليد هناك في ذلك الزمان. دائما توجد تقلبات مناخية.. ونحن الآن نواجه ارتفاعا في درجات الحرارة وهذا طبيعي إذا نظرنا إلى التاريخ المناخي السابق للارض».
البروفيسور نير استعان بمعطيات علمية ومراقبة ودراسة للنجوم، ونتائج بحثه تؤكد أن الأرض ستبرد بعد عقود، ويؤكد: «ان التغيرات في المناخ هي بسبب نشاط الشمس المتغير، أحيانا نشط وأحيانا أقل نشاطا، وذلك يعني أنه بعد عقود يجب أن نتوقع من الشمس أن يقل نشاطها وبالتالي تنخفض درجات الحرارة».
الطقس البارد ينطق..
في بداية شهر ديسمبر 2009 وتزامنا مع مؤتمر كوبنهاغن ذكرت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية أن الطقس ربما يكون باردا في أوروبا وأمريكا الشمالية هذا الشتاء، ومع ذلك قالت المنظمة ان درجة الحرارة في العالم آخذة في الزيادة كما أن ارتفاع درجة حرارة الأرض مازال يمثل خطرا.
وقالت متحدث بإسم المنظمة في بيان صحافي أن «مايكل غارود الأمين العام للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية شدد على ضرورة ألا نخلط بين الطقس الحالي الذي نشهده وارتفاع درجة حرارة الأرض».
وهبطت درجات الحرارة إلى مستويات قياسية في ألمانيا وأدت تساقط الثلوج بشكل كثيف إلى توقف الحياة في مدينة مرسيليا المشمسة عادة في جنوب فرنسا يوم الخميس 17 ديسمبر كما هبطت درجات الحرارة في سويسرا إلى ما دون الصفر. وفي المانيا سجلت مستويات برد قياسية حين وصلت الى 34 تحت الصفر، وفي أيطاليا كان البرد قياسيا.
للدفاع عن نظرية الإحتباس ومنعا لنسفها من طرف موجة البرد، قالت المتحدثة بإسم المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، أن دراسات الطقس منذ عام 1850 تظهر زيادة لا يمكن إنكارها في درجات الحرارة. وأضافت أن «السيد غارود لاحظ انه لا يمكن أن يكون هناك شك في أن الاتجاه مازال نحو ارتفاع الحرارة وان درجة حرارة سطح الأرض ارتفع ثلاثة أرباع درجة منذ منتصف القرن التاسع عشر».
لعبة جديدة
المدافعون عما يسمى الحرب ضد الإحتباس الحراري كثفوا الدعاية بخصوص فضائل استخدام الوقود الحيوي.
لقد تتالت اللقاءات المنعقدة حول أزمة المناخ والطاقة وأزمة الغذاء، (قمة الفاو في شهر فبراير بروما، ومفاوضات التجارة الحرة وقمة الثماني باليابان في يوليو) لكن نتائجها لا تبشر بحل لهذه الأزمات والدليل موقفها السلبي وعدم اتخاذها لأي قرار بشأن فضيحة الوقود الحيوي.
الوقود الحيوي هو وقود سائل مستخرج من التحويل الصناعي للمواد الأولية الفلاحية كالذرة والصويا وزيت النخيل وقصب السكر ومن أهم أنواعه الايثانول والديزل الحيوي. وهو يقدم على أنه وقود أخضر وعلى أنه الحل لمشكل المناخ لأنه سيكون البديل للوقود الاحفوري الذي ينتج خاصة من النفط والغاز الطبيعي المتهم بالتسبب في الاحتباس الحراري. لكنه في الواقع ليس حلا بل هو مأزق تورطت فيه عدة دول نامية ستكون له آثار بيئية واجتماعية مدمرة على شعوبها.
يخدم الوقود الحيوي مصلحة الدول الصناعية في بحثها عن مصادر طاقة جديدة أقل كلفة خاصة مع ارتفاع أسعار النفط. ويهدف الاتحاد الأوروبي إلى أن يغطي الوقود الحيوي 10 بالمائة من حاجيات النقل لسنة 2020. كما تهدف خطة الحكومة الأمريكية إلى تخفيض الاعتماد على النفط بنسبة 20 بالمائة من خلال إنتاج 35 مليون برميل من الايثانول بحدود سنة 2017. هذه الأهداف تتعدى بكثير إمكانيات دول الشمال. حسب دراسة للمهندس الفرنسي جون مارك جانكوفيسي المختص في الغازات الدفيئة (الغازات المسببة للاحتباس الحراري). إذا تم استغلال كل المساحة الزراعية للاتحاد الأوروبي فلن تستطيع أن توفر سوى 30 بالمائة من الحاجيات الحالية للوقود. إذا سيكون الحل التوجه إلى دول الجنوب لتزويدها بالموارد الضرورية، وكالعادة ستصدر المواد الخام من البلدان النامية مقابل عائدات قليلة للمزارعين الصغار في هذه البلدان، وذلك سيدفع ببلدان العالم الثالث للتنافس. كل دولة تسعى للاستفادة من الطلب المرتفع على الوقود الحيوي. لقد طورت اندونيسيا وماليزيا غراسات النخيل بهدف تزويد السوق الأوروبية بنسبة 20 بالمائة من الديزل الحيوي. كما تهدف البرازيل إلى تغطية 10 بالمائة من الاستهلاك العالمي للوقود الحيوي حتى عام 2025. هذا التنافس لتلبية حاجيات الطاقة لمجتمعات صناعية فيها الاحتياجات للوقود لا تتوقف عن التزايد سيؤدي للتوسع أكثر على حساب الزراعات الموجهة للغذاء وعلى حساب الغابات وما سيرافقه من آثار سلبية على البيئة وعلى الشعوب المحلية. في المقابل تحافظ دول الشمال على مصالحها ومصالح مزارعيها فهي تقدم، وخاصة الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية، مساعدات وحوافز ضريبية لتشجع تطوير الوقود الحيوي المحلي وتمنحه الأفضلية إذ يفرض الاتحاد الأوروبي أداء بنسبة 60 بالمائة على واردات الايثانول.
إن إنتاج الوقود الحيوي يهدد الأمن الغذائي للشعوب فهو يتسبب في رفع أسعار المواد الغذائية، فالتسابق لإنتاج الوقود الحيوي يؤدي إلى تزايد الطلب على الخامات الزراعية كالحبوب والزيوت مما يرفع أسعارها وتقدر منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية أن الايثانول أحد الأسباب الرئيسية في الزيادة المحتملة من 20 بالمائة إلى 50 بالمائة في أسعار المواد الزراعية بحلول عام 2016.
لكن المستشارة الألمانية انجيل ميركل تصر على أن السياسات الزراعية السيئة وتغير العادات الغذائية في الدول النامية هو السبب في ارتفاع أسعار الغذاء وليس إنتاج الوقود الحيوي وهذا موقف الرئيس البرازيلي «لولا» كذلك، ولكن كثيرين غيرهم يفند ذلك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.