هل ينتصر اجتماع الفرصة الأخيرة لمستقبل الأرض؟ افتتحت بنيويورك أول أمس الثلاثاء أشغال قمة المناخ 2014 تحت شعار "تحفيز العمل"، وهي القمة التي تهدف إلى حشد الجهود السياسية للتوصل إلى اتفاقية دولية للحد من انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري. ويشارك في قمة "تحفيز العمل" أكثر من 125 رئيس دولة وحكومة لبداية محادثات ستستغرق 15 شهرا حول اتفاقية دولية من المنتظر التوقيع عليها في باريس عام 2015 وتلزم الدول بالحد من انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري. وتتناول القمة الإجراءات والحلول التي اتخذت أو التي سيتم اتخاذها وتساهم بدرجة كبيرة في التصدي للتغيرات المناخية وتشمل المجالات الزراعية والمدن والطاقة والغابات و التصدي للملوثات والتغير المناخي والنقل. وفي هذا الصدد شدد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون على ثلاث أولويات مع اقتراب الموعد النهائي لتحقيق الأهداف الإنمائية للألفية، أولها إعطاء دفعة أخيرة لجهود تحقيق تلك الأهداف، وثانيا إطلاق أجندة تنمية جديدة تنبني على إنجازات الأهداف التنموية، وثالثا ضرورة وفاء الدول الأعضاء بتعهداتها المتكررة بشأن التوصل إلى اتفاقية شاملة ذات مغزى حول تغير المناخ بنهاية العام المقبل. وأكد بان كي مون أن "الدول يجب أن تعمل بشكل بناء معا لتحديد أهم التحديات التي يتعين مواجهتها وأن فريق الأممالمتحدة المكلف بأجندة التنمية لما بعد عام 2015 قدم في هذا الإطار خبرات رفيعة من مختلف أنحاء أسرة الأممالمتحدة". وشدد بان على ضرورة بناء إطار عمل يكمل ما تم إنجازه في إطار الأهداف الإنمائية للألفية لمحاربة الفقر والجوع والجهل والمرض. ويؤكد آخر تقرير للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ بعنوان "تغير المناخ في عام 2014: الحد من آثار تغير المناخ" والذي صدر في برلين مؤخرا، إن "الانبعاثات العالمية لغازات الدفيئة آخذة في الارتفاع بخطوات متسارعة"، مشددا على ضرورة العمل العاجل لتحديد الزيادة في متوسط درجة الحرارة العالمية بدرجتين مئويتين وأن العمل الآن سيكون أقل تكلفة مما لو أرجيء للمستقبل". من جانبها قالت كريستيانا فيغوريس الأمينة التنفيذية لاتفاقية الأممالمتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ في بيان لها إن "هذا التقرير الجديد يتحدى صانعي القرار واضعا أمامهم بدائل للمستقبل وموضحا المسارات التي تؤدى إلى كل منها(...) و أن المسار الآمن الوحيد للسير قدما هو التوصل إلى عالم متعادل الأثر الكربوني في النصف الثاني من هذا القرن". وذكرت المنظمة الدولية في بيان نشرته على موقعها الإلكتروني، أن «تغير المناخ واقع حقيقي يحمل عواقب على حياة الناس فهو يتسبب في تعطيل الاقتصادات الوطنية ويكلفنا غالياً اليوم وسيكلف البشرية غدا أكثر". وأضافت أن ثمة احترارا واضحا للمناخ وأن هذا ينعكس في ارتفاع المتوسط العالمي لدرجة حرارة الهواء والمحيطات وانتشار ذوبان الثلج والجليد وتزايد متوسط مستوى سطح البحر على الصعيد الشامل. تغير المناخ .. واقع وعواقب وأصبح اضطراب المناخ واقعا حقيقيا يحمل عواقب حقيقية على حياة الناس، وفي المقابل هناك اعتراف متزايد بوجود حلول قابلة للتطوير لتصبح متاحة بأسعار معقولة، من شأنها أن تمكننا جميعا من التوجه نحو اقتصادات أكثر مرونة واستمرارية. وتغير المناخ هو أي تغير مؤثر وطويل المدى في معدل حالة الطقس يحدث لمنطقة معينة. ويمكن أن يشمل معدل حالة الطقس معدل درجات الحرارة، معدل التساقط، وحالة الرياح. هذه التغيرات يمكن أن تحدث بسبب العمليات الديناميكية للأرض كالبراكين، أو بسبب قوى خارجية كالتغير في شدة الأشعة الشمسية أو سقوط النيازك الكبيرة، ومؤخراً بسبب نشاطات الإنسان. و أدى التوجه نحو تطوير الصناعة في الأعوام ال150 المنصرمة إلى استخراج وحرق مليارات الأطنان من الوقود الأحفوري لتوليد الطاقة. هذه الأنواع من الموارد الأحفورية أطلقت غازات تحبس الحرارة كثاني أوكسيد الكربون وهي من أهم أسباب تغير المناخ. وتمكنت كميات هذه الغازات من رفع حرارة الكوكب إلى 1.2 درجة مئوية مقارنة بمستويات ما قبل الثورة الصناعية. ولكن إذا أردنا تجنب العواقب الأسوأ ينبغي أن نلجم ارتفاع الحرارة الشامل ليبقى دون درجتين مئويتين. جدير بالذكر ان 20% من الأنواع الحية البرية مهددة بالانقراض مع حلول العام 2050 كما تتكبد صناعات العالم خسارات بمليارات الدولارات كالصناعات الزراعية إضافة إلى تكلفة التنظيفات جراء ظروف مناخية قصوى. ويرى الخبراء أن ما حدث ويحدث ليس بهول ما قد يأتي في المستقبل. فأذا تقاعسنا عن التحرك لكبح سرعة عواقب التغير المناخي سوف يتفاقم عدد البشر المهددين وترتفع نسبة الأنواع المعرضة للانقراض من 20% إلى الثلث بينما من المتوقع أن تؤدي العواقب المالية للتغير المناخي إلى تجاوز إجمالي الناتج المحلي في العالم اجمع مع حلول العام 2080. إلا أننا لدينا الفرصة لوقف هذه الكارثة إذا تحركنا على الفور. تهديد للسلم العالمي استحوذت قضية تغير المناخ بقوة علي اهتمام العالم خلال عام 2007، وانعكس ذلك في بذل جهود دولية حثيثة -خاصة من قبل الاتحاد الأوروبي- للاتفاق على إجراءات فعالة تحد من انبعاث الغازات المتسببة في ارتفاع درجة حرارة الأرض والآثار المترتبة عليه. وقد نبهت التقارير الدولية، التي صدرت أخيرا في هذا الصدد، إلى أن الدول النامية - رغم أنها الأقل إنتاجا لهذه الغازات- سوف تكون الأكثر تأثرا بنتائج هذا التغير المناخي. وقد أثارت توقعات هذه التقارير المتعلقة بأثر التغير المناخي علي مياه النيل جدلا في الأوساط السياسية والعلمية في مصر، بين من يؤكدون صحة هذه التوقعات، ومن يشككون في الأسس العلمية والرياضية التي بنيت عليها. اتفاقية كيوتو تمثل هذه الاتفاقية خطوة تنفيذية لاتفاقية الأممالمتحدة المبدئية بشأن التغير المناخي وهي معاهدة بيئية دولية خرجت للضوء في مؤتمر الأممالمتحدة المعني بالبيئة والتنمية ، ويعرف باسم قمة الأرض الذي عقد في ريو دي جانيرو في البرازيل، في الفترة من 3-14 يونيه 1992. هدفت المعاهدة إلى تحقيق "تثبيت تركيز الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي عند مستوى يحول دون تدخل خطير من التدخل البشري في النظام المناخي. نصت معاهدة كيوتو على التزامات قانونية للحد من انبعاث أربعة من الغازات الدفيئة (ثاني أكسيد الكربون، والميثان، وأكسيد النيتروس، وسداسي فلوريد الكبريت)، ومجموعتين من الغازات (هيدروفلوروكربون، والهيدروكربونات المشبعة بالفلور التي تنتجها الدول الصناعية، ونصت أيضا على التزامات عامة لجميع البلدان الأعضاء. واعتبارا من عام 2008 م، صادق 183 طرفا على الاتفاقية، التي كان قد اعتمد استخدامها في 11 ديسمبر 1997 في كيوتو في اليابان، والتي دخلت حيز التنفيذ في 16 فبراير 2005. وافقت الدول الصناعية في إطار اتفاقية كيوتو على خفض الانبعاث الكلي للغازات الدفيئة بنحو 5.2 %مقارنة بعام 1990. ألزم الاتحاد الأوروبي بتخفيض قدره 8 %، والولايات المتحدة بنسبة 7%، واليابان بنسبة 6 %، وروسيا بنسبة 0 %. سمحت المعاهدة بزيادة انبعاث الغازات الدفيئة بنسبة 8 % لأستراليا و 10 % لأيسلندا. وتتضمن التزامات كيوطو قيام 38 دولة متقدمة بتخفيض انبعاثات الغازات المسببة لتأثير الدفيئة وذلك بنسب تختلف من دولة لأخرى، على أن يجرى هذا التخفيض خلال فترة زمنيه محددة تبدأ في عام 2008 وتستمر حتى عام 2012.