تجتاز أندية القسم الأول في مدار البطولة الوطنية محطة تاريخية في موسم احترافي في كرة القدم. ويبدو أن التحول الذي طرأ على نقط ونظام الممارسة في كرة القدم الوطنية، كشف أشياء كثيرة تفرض الوقوف عند نهاية الموسم الحالي، للتأمل في قيمة المردود التربوي والرياضي مع وضع الحصاد في الميزان ورصد الايجابي والسلبي لدى هذه المؤسسات في تجربة غير مسبوقة تختلف عن الممارسة الهاوية. وعلى بعد مائة وثمانين دقيقة من انتهاء الدوري الاحترافي يتنافس فريقا المغرب التطواني والفتح الرباطي، بهدف انتزاع أول لقب بالنسبة لكل منهما.. ووجودهما في الصدارة يترجم الرغبة والاستعداد لولوج الاحتراف بشروطه الأولى، وتابعنا كيف عبر الطرفان محطات الموسم بخطى إيجابية، وظهرا ينعمان بالاستقرار والهدوء مع اعتماد عمل هادف. الفتح الرياضي انتقل من فريق إلى ناد متعدد الفروع يؤطره أشخاص لهم من الإمكانيات المطلوبة التي تخول لهم تسيير عقلاني، كما يتوفر على الهيكلة الضرورية لممارسة أفضل وتحقيق الأهداف المسطرة. وتعاقد مسؤولو فرع كرة القدم مع المدرب الشاب جمال السلامي، خلفا لزميله الحسين عموتة، كما جددوا الثقة في الإطار الوطني حسن مومن مديرا، وتابع الجميع المسار المتميز للفريق. المغرب التطواني بدوره يعيش صحوة ونقلة برمجها وحركها مسيروه، كما تخلى عن أربعة عشر لاعبا، كما عملوا بسرعة على بناء فريق من خلال انطلاقة متميزة رفقة مجموعة شابة فازت الموسم الماضي بدوري المستقبل (شالانجر)، تحت قيادة المدرب عزيز العامري ومساعديه ودعم الإطار العربي كورة المستشار التقني للفريق. وبعيدا عن النتائج التقنية والحضور المتميز ميدانيا، يحضر مسؤولو الفريق مشاريع تنموية للنادي، ويتوفرون حاليا على بنية تحتية قائمة على مساحة أربعة عشر هكتار (ملاعب ومركز للتكوين) في انتظار إحداث مركب تجاري ومطعم ومسبح وفندق وفضاءات تؤمن موارد قارة للمؤسسة. ويخضع الفريق لنظام يفرض الانضباط، والتعايش المنسجم، والأكيد أن نجاح مسؤولي المغرب التطواني والفتح في أول موسم احترافي يشد الانتباه والاهتمام، وخاصة أمام تراجع الأندية التقليدية التي عودوتنا الحضور في مراتب متقدمة والتباري من أجل الألقاب. فالرجاء بمشاكله التسييرية والتقنية تعذر عليه مواصلة المشوار ورسم علامات التالق قاريا ومحليا، ولم يقو على الحفاظ على اللقب، كما خرج من منافسات كأس العرش وكأس عصبة الأبطال الإفريقية. كما أن رئيس الفريق عبد السلام حنات، فشل في قيادة الفريق نحو الأفضل، حيث قرر التخلي عن التسيير في الجمع العام القادم، خصوصا بعد تيفو «باسطا» الذي رفعه أنصار الفريق خلال مباراة الديربي الأخير، والتي أعلنوا من خلالها وضع قطيعة مع الماضي برحيل كل رموز التسيير منذ سنة 95-96. الوداد من جهته، استقطب أسماء وازنة بالبطولة الوطنية، وكان الجميع يراهن على اكتساحه لكل الألقاب، لكن النتائج عاكسته وخرج خالي الوفاض باستثناء التأهل للدور الموالي في مسار كأس الاتحاد القاري، وذلك من خلال التسيير الإرتجالي الذي تعيشه القلعة الحمراء منذ السنوات الخمس الأخيرة، والتي تميزت بانتداب أزيد من 72 لاعبا والتعاقد مع 14 مدربا. أما الجيش الملكي الذي عودنا هو الأخر على المنافسة على الألقاب، فقد عانى الأمرين شأنه في ذلك شأن فرق أخرى تراجع مستواها، وهذا بطبيعة الحال يعود إلى غياب الإهتمام بالفئات الصغرى، بينما تفضل اللاعب الجاهز الذي أثقل خزينة هذه الأندية التي تعيش مشاكل متنوعة يهدد بتواجدها بدوري المحترفين. فماذا حدث إذن؟ وهل دخلت كرتنا عالم الاحتراف فعلا؟ وهل هي البداية فقط في معانقة نظام جديد؟ يبدو أن السلبيات تعلن فشل فرق في الاستئناس بالاحتراف، وظهرت وكأنها هاوية بامتياز. ويبقى الأهم أن يعمل الجميع في القسم الاحترافي على تقييم التجربة بهدف تحسين الوضع، لأن القادم أصعب.