حذّر رئيس لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ الأميركي جون ماكين من «حكومةٍ راديكالية» تقود ليبيا، ودعا المجلس الوطني الانتقالي إلى السيطرة على المجموعات المسلحة، في وقت قال فيه رئيس المكتب التنفيذي لهذه الهيئة إنه لن يكون جزءا من الحكومة المقبلة. وقال السيناتور الجمهوريُ ماكين -الذي قاد وفدا إلى ليبيا هو الأرفع منذ سقوط نظام معمر القذافي في مؤتمر صحفي في طرابلس- إنه سعيد بالعودة إلى ليبيا «محررةٍ»، بعد أن زار في أبريل بنغازي -وكانت حينها معقلا للمعارضة-، وإن ثوار ليبيا «إلهام» لمعارضين في دول كسوريا وإيران وحتى روسيا والصين، لكنه أبدى قلقا من أن تصل إلى الحكم حكومة «راديكالية إسلامية». وقال في المؤتمر الصحفي -الذي أعقب لقاءات بمسؤولين في المجلس الانتقالي بينهم رئيسه مصطفى عبد الجليل ورئيس مكتبه التنفيذي محمود جبريل- إن بلاده على استعداد للعمل مع أية حكومة يختارها الليبيون، لكن العلاقات ستتأثر إن كانت الحكومة «راديكالية إسلامية»، وإنْ أبدى ثقته في أن «الليبيين ليست لهم رغبة» في مثل هذه الحكومة. وحث ماكين المجلس الانتقالي على السيطرة على المجموعات المسلحة، وعلى مواصلة البحث عن القذافي، وإنهاء الحرب «بشكل حاسم ومشرف» و»محاكمة العقيد المخلوع وعائلته ومقاتلين «مع ضمان ألا تتحول أخطاء الماضي إلى صك لتنفيذ جرائم مستقبلية خاصة ضد الأقليات». كما أبدى أمله في الوصول إلى متهمين آخرين في قضية لوكربي، وعبر عن رغبة الشركات الأميركية في الاستثمار، وقال إنه يأمل ويعتقد أن سلطات هذا البلد ستمنح هذه الشركات فرصة القيام بذلك، وإن رجح ألاّ تستطيع بدء عملها قبل تأمين البلد تماما. وتأتي زيارة ماكين -وهو مرشح رئاسي سابق- بعد 25 شهرا بالضبط من زيارة تاريخية إلى طرابلس التقى حينها القذافي ونجله ومستشار أمنه القومي المعتصم -المطلوب للمجلس الانتقالي- بحث خلالها تسليم أسلحة غير قتالية إلى القذافي -وكان حينها قد قطع شوطا بعيدا في رأب صدع علاقاته مع الغرب- وامتدح دور نظام العقيد في تنفيذ مهام حفظ السلام في أفريقيا. وكان برفقة ماكين ثلاثة من أعضاء مجلس الشيوخ هم ليندساي غراهام وماركو روبيو ومارك كيرك، الذي قال في طريق عودته إنه يتوقع نهاية المعارك بنهاية أكتوبر على الرغم من مخاوفَ من تمركز أنصار القذافي على الجانب الآخر من الحدود الليبية، مع النيجر أو الجزائر. وتحدث كيرك في مؤتمر صحفي بالهاتف من مالطا أمس عن رغبة المجلس الانتقالي التي عبر عنها جبريل رئيس المكتب التنفيذي في «تنظيم انتخابات سريعا». ونقل عن جبريل توقعه بألاّ يحصل الإسلاميون في الانتخابات على أكثر من 10% إلى 15%. وأقر المجلس الانتقالي في غشت انتخاب مجلس تأسيسي بعد ثمانية أشهر يتكون من مائتي شخصية يصوغون دستورا، على أن تنظم انتخابات عامة بعد سنة من ذلك. وردد كيرك المخاوف التي عبر عنها ماكين في قضية انتشار السلاح، وأشار إلى مخاطر وقوع صواريخ أرض جو في أيدي «عصابات إجرامية وشبكات إرهابية»، وهي مسألةٌ قال إن واشنطن بدأت تهتم بها، ولا بد لها من تحرك أميركي «حاسم» بسبب العدد الكبير من الصواريخ الموجودة في ليبيا. وبالتزامن مع الزيارة، أعلن جبريل أن المكتب التنفيذي الذي يقوده سينتهي عمله بمجرد تحرير سرت وبني وليد وتأمين منافذ البلاد، وتحدث عن تعديلٍ سينال بعض الحقائب، دون أن يعني ذلك تشكيل حكومة جديدة، وهي حكومةٌ قرر المجلس الانتقالي تأجيل إعلانها إلى ما بعد تحرير ليبيا. وقال إنه لن يكون جزءا من الحكومة المستقبلية، التي اتهم الأسبوع الماضي أطرافا سياسية كثيرة بالتنافس عليها حتى قبل استكمال تحرير الأراضي الليبية»، وشبّه الأمر بصراع على «كعكة قبل أن تدخل الفرن». وقبل أيام قليلة أكد رئيس المجلس الانتقالي أن إعلان حكومة مؤقتة سيتأخر بسبب خلافات المرشحين. وكان جبريل بين شخصيات وصفت ب»الليبرالية والعلمانية» هاجمها بعض الإسلاميين كالداعية علي الصلابي -وهو عالم دين نافذ كان في المنفى- الذي دعا إلى رحيل جبريل ووجوه أخرى من المكتب التنفيذي. وفي سياق آخر، نفى موقع قناة الليبية الموالية للعقيد معمر القذافي الجمعة اعتقال الناطق باسم النظام المخلوع على يد قوات المجلس الانتقالي. وقال الموقع الذي يستمر في نشر أخبار متعلقة بالقذافي ونظامه بالرغم من توقف القناة نفسها عن البث منذ سقوط طرابلس الشهر الماضي «لم يتم القبض على الدكتور موسى إبراهيم وهذه الإشاعة الكاذبة ما هي إلا خطة لجذب الأنظار عن تحركات ثوار الناتو وهزيمتهم أمام قوة أبطال سرت».