تصاعدت المطالب بفرض حظر جوي على ليبيا لمنع قدوم المزيد من المرتزقة، ولحماية المدنيين من الضربات الجوية للنظام، في حين نفذت كتائب تابعة للعقيد الليبي معمر القذافي حملة اعتقالات للمناوئين له في طرابلس، وفي البريقة (غرب بنغازي) تمكن الثوار من استعادة السيطرة على المدينة بعد معارك كر وفر. وتفيد المعلومات الواردة من هناك أن القذافي يحشد آلافا من المرتزقة لمهاجمة المدينة ومدن محررة أخرى، في حين يستعين بنحو أربعة آلاف منهم لحماية منطقة العزيزية التي يتحصن بها في طرابلس. وكانت مصادرإعلامية في بنغازي ذكرت أن مدينة سبها تشهد حركة طيران مدني مكثف، وسط أنباء عن استعانة القذافي بعشرات الآلاف من المرتزقة الذين يجلبهم من دول أفريقية لمهاجمة المطالبين بتنحيه من أبناء شعبه. ومن هنا تأتي مطالبة المجتمع الدولي للتحرك لفرض حظر جوي على ليبيا، لمنع قدوم المزيد من المرتزقة الذين يستعين بهم القذافي لمواجهة شعبه، ولإجباره على وقف الهجمات الجوية التي يقصف بها المدن "المحررة". وفي هذا الصدد أكد وزير الدفاع الأميركي، روبرت غيتس، تصاعد الأصوات المطالبة بفرض حظر جوي على ليبيا، غير أنه أوضح أن تطبيق هذا الأمر يقتضي أولا تنفيذ ضربة عسكرية ضد دفاعات ليبيا الأرضية. ووافق مجلس الشيوخ الأميركي، من جهته، على قرار غير ملزم يدعو مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة إلى دراسة فرض منطقة لحظر الطيران فوق ليبيا لحماية المدنيين. وكان المجلس الوطني الانتقالي، الذي يمثل الثوار في ليبيا ، ويرأسه وزير العدل السابق مصطفى عبد الجليل، قد دعا المجتمع الدولي إلى توجيه ضربات جوية إلى قوات المرتزقة التي تعمل إلى جانب قوات القذافي. من جهة أخرى قال شهود عيان إن مليشيات القذافي اعتقلت أشخاصا في العاصمة طرابلس شاركوا في مظاهرات ضد الحكومة الأسبوع الماضي بعد التعرف عليهم من خلال الصور وتسجيلات الفيديو، وأكد آخرون أن قوات القذافي قامت أيضا باختطاف عدد من النساء. وعاد الهدوء نسبيا إلى مدينة البريقة التي تبعد 780 كلم إلى الشرق من طرابلس، بعد أن تمكن الثوار من صد هجمات للقوات الموالية للقدافي التي حاولت استعادة السيطرة على البريقة، وخلفت معارك الكر والفر التي استمرت عدة ساعات بين الجانبين مقتل ستة أشخاص وإصابة 18 آخرين. وقال شهود عيان إن آلاف الثوار هبوا من مدينة أجدابيا إلى البريقة لمساعدة الأهالي هناك بالدفاع عن المدينة، ونجحوا في إعادة بسط سيطرتهم على مطار البريقة ومنشآتها النفطية. وألقى القذافي خطابا ، تعهد خلاله بالقتال "حتى آخر رجل وامرأة والدفاع عن ليبيا من الشمال حتى الجنوب"، محذرا من أن الآلاف سيقتلون إذا تدخلت أميركا وحلف شمال الأطلسي (الناتو) عسكريا في بلاده. ودعا المتحدث الرسمي باسم المجلس الوطني الانتقالي في ليبيا ، عبد الحفيظ غوقة، إلى تسديد ضربات جوية تدعمها الأممالمتحدة، وتستهدف قوات المرتزقة الداعمين للعقيد معمر القذافي، في حين وافق مجلس الشيوخ الأميركي على قرار غير ملزم يدعو مجلس الأمن لفرض منطقة حظر للطيران فوق ليبيا لحماية المدنيين. وأشار غوقة إلى أن ما يطالب به المجلس لا يعني بأي شكل من الأشكال وجود قوات أجنبية على الأراضي الليبية. وقال إبراهيم الدباشي، نائب السفير الليبي لدى الأممالمتحدة، إن الأممالمتحدة قد تؤيد فرض منطقة لحظر الطيران فوق ليبيا إذا طلب المجلس الوطني الانتقالي ذلك بشكل رسمي. ووفقا للدباشي، المنشق عن النظام الليبي، فإن المنظمة الدولية "ستصل إلى قناعة" بأن هناك حاجة إلى مثل هذا الإجراء إذا طلبه المجلس الانتقالي. من ناحيته، أعرب رئيس المراسم الليبي السابق، نوري المسماري، عن اعتقاده بأن القذافي لن يتخلي عن السلطة طواعية ، ولن يرحل إلى أي بلد أجنبي وسيستمر حتى النهاية. وأشار المسماري، في مؤتمر صحفي عقده في العاصمة الفرنسية ، باريس، إلى أن قوى الثورة الليبية تتطلع إلى تحييد القوات الجوية الموالية للقذافي، ولا ترغب في تدخل عسكري دولي بري. في المقابل، حذر المستشار السابق في السفارة الليبية لدى الولاياتالمتحدة ، صالح المجبري، من أي عمل عسكري أجنبي ضد ليبيا، قائلا إنه سيحولها إلى صومال جديد. وقال المجبري، الذي قدم استقالته الأسبوع الماضي، احتجاجا على أعمال القمع والقتل التي تتهم كتائب القذافي الأمنية بارتكابها في حق المتظاهرين المطالبين بإسقاط النظام، إن التدخل العسكري الأجنبي، سيحوّل ليبيا إلى صومال أخرى ويقدم طوق النجاة لنظام القذافي. من ناحيته، أعلن الأمين العام لجامعة الدول العربية ، عمرو موسى، أن الجامعة والاتحاد الأفريقي قد يفرضان منطقة حظر طيران فوق ليبيا. وقال موسى إن الجامعة لن تقف مكتوفة الأيدي حيال إراقة دماء الشعب الليبي. يأتي ذلك في وقت استبعدت وزيرة الخارجية الأميركية ، هيلاري كلينتون، إقامة منطقة حظر طيران فوق الأجواء الليبية قريبا، وكثفت فيه واشنطن الضغوط على الزعيم الليبي لكي يتنحى. وقالت كلينتون، في جلسة عقدها مجلس الشيوخ، "أعتقد أننا بعيدون عن اتخاذ ذلك القرار"، وأعربت عن خشية بلادها من أن تنزلق ليبيا في فوضى وتتحول إلى ما سمّته صومالا كبيراً. غير أن رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأميركي، جون كيري، قال إن فرض حظر للطيران ليس أمرا بعيدا، قائلا "علينا أن نكون مستعدين لفرضه بحسب الضرورة". وأضاف في كلمته أثناء الجلسة، أن على المجتمع الدولي أن يكون مستعدا لفرض منطقة لحظر الطيران فوق ليبيا لمنع الهجمات التي يشنها الزعيم الليبي معمر القذافي على المدنيين. أما وزير الدفاع الأميركي، روبرت غيتس، فقال إن فرض أي حظر للطيران يستلزم هجوما لتدمير الدفاعات الجوية الليبية "بعدها يمكن فرض حظر للطيران في مختلف أنحاء البلاد". في غضون ذلك، عبرت سفينتا إنزال أميركيتان قناة السويس في طريقهما إلى البحر المتوسط للتمركز قرب السواحل الليبية. وقالت مصادر ملاحية في هيئة قناة السويس إن السفينة "كيرسارج" -وهي حاملة مروحيات، وعلى متنها نحو ألفي جندي- وسفينة الإنزال "بونسي" ، عبرتا قناة السويس ضمن أسطول قادم من البحر الأحمر.