القذافي يحذر أميركا من فيتنام جديدة إذا ما فكرت في دخول ليبيا لوح وزراء الخارجية العرب في قرار اعتمدوه مساء أول أمس الأربعاء ب»فرض حظر جوي (عربي) على ليبيا بالتنسيق مع الاتحاد الإفريقي». ونص القرار، الذي تلا الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى فقرات منه في المؤتمر الصحافي الختامي للاجتماع، على أن «الدول العربية لن تقف مكتوفة الأيدي بما في ذلك فرض الحظر الجوي (على ليبيا) بالتنسيق مع الاتحاد الإفريقي». وأكد القرار «وقف مشاركة وفود ليبيا في اجتماعات مجلس الجامعة إلى حين استجابة السلطات الليبية للمطالبات» الواردة في القرار «بما يضمن تحقيق امن الشعب الليبي». كما قرر الوزراء «رفع توصية» إلى القمة العربية المقبلة التي ستعقد في بغداد في مايو المقبل ببحث تجميد عضوية ليبيا في الجامعة العربية. إلى ذلك، قال الزعيم الليبي معمر القذافي، الذي يواجه منذ أكثر من أسبوعين انتفاضة لا سابق لها ضد نظامه، خلال حفل بمناسبة الذكرى ال34 لإقامة الجماهيرية في ليبيا «لا احد يسمح أن تكون في بلاده مجموعات مسلحة ترهب السكان، هذا لا يمكن أن يستمر ولا بد من القضاء عليه». وتابع الزعيم الليبي في تهديد للمتمردين على سلطته «إذا عجزنا عن ذلك بالوسائل السلمية، لا يجب أن نترك بلادنا على هذا الشكل». وشدد القذافي على ضرورة استعادة الدولة الليبية للسيطرة على بنغازي بالذات كبرى مدن الشرق الليبي قائلا «لا نستطيع أن نسكت عمّا يجري في بنغازي أو نتهاون معه»، واعدا بالعفو عن كل من يسلم سلاحه من الليبيين «الذين غرر بهم» وشاركوا في الانتفاضة ضد نظامه. وذكر القذافي في تهديد مبطن للثوار أن عدة دول لجأت إلى القوة لمقاومة الحركات المسلحة لا سيما الجزائر ضد الإسلاميين وروسيا ضد المتمردين الشيشان وحتى إسرائيل ضد حركة المقاومة الإسلامية حماس. وأضاف الزعيم الليبي «ليس الأمر ببسيط كي نتركهم. لن يحكموا ليبيا أو أي مكان يتواجدون فيه». وأضاف «سنقاتل حتى آخر رجل وآخر امرأة دفاعا عن ليبيا من أقصاها إلى أقصاها. ليبيا قوية وستبقى وهم الذين سيسقطون». كما حذر زعيم الثورة الليبية من أن «آلاف الليبيين سيموتون إذا دخلت أميركا أو حلف الأطلسي» إلى ليبيا. وأضاف في رد على المعلومات حول إمكانية حصول تدخل عسكري دولي في بلاده «لا يمكن أن نسمح للأميركيين أو الغرب أن يدخلوا ليبيا. يجب أن يعلموا أنهم يدخلون في جحيم وفي بحر من الدماء». وهدد بتسليح ملايين الليبيين «لبدء فييتنام جديدة». كما اتهم القذافي مجددا تنظيم القاعدة بالوقوف وراء حركة التمرد. وقال إن «الاضطرابات بدأت مع تسلل خلايا نائمة من القاعدة إلى ليبيا» نافيا حصول أي تظاهرات شعبية في ليبيا. كما اعتبر أن تجميد العديد من دول العالم أرصدة ليبية هو «عملية اغتصاب وسطو على أموال الشعب»، مشددا على أن هذه الأرصدة تابعة للدولة الليبية وليست له أو لإفراد من أسرته. وأكد ألقذافي انه لن يغادر ليبيا «حتى لو غادرها جميع الليبيين» واصفا القادة العالميين الذين ينادون برحيله ب «الأوغاد». وأضاف موجها حديثه لهم «انتم ترحلون والقذافي باق في ارض الأجداد». وفي باريس، أكد علي زيدان المتحدث باسم الرابطة الليبية لحقوق الإنسان أول أمس الأربعاء في باريس أن ستة آلاف قتيل سقطوا منذ بدء الانتفاضة في ليبيا بينهم ثلاثة آلاف في طرابلس. وجاء حديث القذافي بعد ساعات من محاولة القوات الموالية له مدعومة بالدبابات والمدفعية الثقيلة استعادة مدينة البريقة الواقعة بين بنغازي وسرت، التي يسيطر عليها المتمردون في شرق ليبيا. وبعد معارك عنيفة، أوقعت حوالي 10 قتلى يبدو أن المعارضة استعادت السيطرة على المدينة. وقال ضابط في الشرطة في اجدابيا بين البريقة وبنغازي إن «البريقة باتت بأيدي قوات الثورة، وانطلقت عناصر من اجدابيا للمساعدة». وأطلقت طائرة عسكرية ليبية الأربعاء صاروخين بالقرب من ساحة في مدينة البريقة لكن يبدو أنهما لم يوقعا إصابات بين الأهالي الذين كانوا يحتفلون في هذه الساحة بفشل الهجوم الذي شنته قوات الزعيم الليبي معمر القذافي على المدينة، وفقا لمراسل فرانس برس. واحدث القصف حفرتين على بعد نحو 20 مترا من هذه الساحة القريبة من الجامعة التي شهدت خلال النهار معارك بين أنصار القذافي ومعارضيه. وقبل هذا القصف كان عشرات الرجال تجمعوا في الساحة وهم يرفعون أيديهم بعلامة النصر ويطلقون النار في الهواء مؤكدين أنهم طردوا المهاجمين من هذه البلدة الأكثر تقدما في المناطق الخاضعة لسيطرة الثوار في شرق البلاد. وعند القصف لجأ هؤلاء الرجال إلى الاحتماء قبل أن يطلقوا نيران الرشاشات باتجاه الطائرة وهم يكبرون. وكانت اجدابيا تعرضت أيضا لغارات جوية، وقال شاهد إن هذه الغارات استهدفت على ما يبدو مستودعا للذخيرة كان استهدف قبل يومين. وأكد سكان أن الهدف كان قاعدة للجيش وقعت بأيدي المتمردين على بعد ثلاثة كيلومترات من اجدابيا. وفي طرابلس بدا الوضع هادئا الأربعاء. وتحول مطار طرابلس إلى مخيم لاجئين حيث تجمع مئات الأشخاص وافترشوا الأرض بانتظار التمكن من مغادرة البلاد. وعلى الصعيد الإنساني بلغ الوضع مستوى «الأزمة» عند الحدود بين ليبيا وتونس. وكانت طوابير من الأشخاص تمتد على كيلومترات للمغادرة ليبيا بحسب المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة التي وجهت نداء جديدا «لاستئجار مئات الطائرات» لإجلاء النازحين. وستستخدم فرنسا طائرات وسفينة لإجلاء ما لا يقل عن خمسة آلاف مصري عالقين على الحدود الليبية-التونسية إلى مصر. كما أعلن رئيس الحكومة البريطانية ديفيد كاميرون أمام مجلس العموم «نطلق اليوم جسرا جويا لإعادة بضعة آلاف مصري إلى مصر يتواجدون حاليا على الحدود بين تونس وليبيا على إن تتم الرحلة الأولى اليوم» الأربعاء. وكانت سفينتا حرب أميركيتان بينهما حاملة المروحيات «يو اس اس كيرسارج» تبحران الأربعاء عبر قناة السويس إلى المتوسط للرسو قبالة السواحل الليبية. ويتوقع أن تصلا إلى المتوسط مساء. وصرح مسؤول في البنتاغون لفرانس برس «ننقل عناصر ليكونوا اقرب إلى ليبيا». وفي واشنطن وضع المسؤولون العسكريون لائحة خيارات للرئيس باراك اوباما ويجرون مباحثات مع نظرائهم الاوروبيين لكن الغموض لا يزال يلف احتمال التدخل عسكريا في ليبيا. ويدرس الأميركيون والأوروبيون احتمال فرض منطقة حظر جوي على ليبيا لمنع قصف المدنيين لكنهم لم يتوصلوا بعد إلى إجماع لان الأميركيين يعتبرون أن إقامتها «عملية معقدة».