أعلن الزعيم الليبي معمر القذافي الأربعاء أن سيطرة المسلحين المعارضين له على مدن ليبية " لا يمكن أن تستمر ويجب القضاء عليها " ، محذرا من سقوط آلاف القتلى في حال حصول تدخل أجنبي ، وذلك بعد ساعات من محاولة قواته استعادة السيطرة على مدينة سقطت بأيدي الثوار في شرق البلاد . وقال القذافي ، الذي يواجه منذ أكثر من أسبوعين انتفاضة لا سابق لها ضد نظامه ، خلال حفل بمناسبة الذكرى ال34 لإقامة الجماهيرية في ليبيا " لا أحد يسمح أن تكون في بلاده مجموعات مسلحة ترهب السكان ، هذا لا يمكن أن يستمر ولا بد من القضاء عليه " . وتابع الزعيم الليبي في تهديد للمتمردين على سلطته " إذا عجزنا عن ذلك بالوسائل السلمية ، لا يجب أن نترك بلادنا على هذا الشكل " . وشدد القذافي على ضرورة استعادة الدولة الليبية للسيطرة على بنغازي بالذات كبرى مدن الشرق الليبي قائلا " لا نستطيع أن نسكت عما يجري في بنغازي أو نتهاون معه " ، واعدا بالعفو عن كل من يسلم سلاحه من الليبيين " الذين غرر بهم " وشاركوا في الانتفاضة ضد نظامه . وذكر القذافي في تهديد مبطن للثوار أن عدة دول لجأت للقوة لمقاومة الحركات المسلحة لا سيما الجزائر ضد الإسلاميين وروسيا ضد المتمردين الشيشان وحتى إسرائيل ضد حركة المقاومة الإسلامية حماس . وأضاف الزعيم الليبي " ليس الأمر ببسيط كي نتركهم . لن يحكموا ليبيا أو أي مكان يتواجدون فيه " . وأضاف " سنقاتل حتى آخر رجل وآخر امرأة دفاعا عن ليبيا من أقصاها إلى أقصاها . ليبيا قوية وستبقى وهم الذين سيسقطون " . كما حذر زعيم الثورة الليبية من أن " آلاف الليبيين سيموتون إذا دخلت أميركا أو حلف الأطلسي " إلى ليبيا . وأضاف في رد على المعلومات حول إمكانية حصول تدخل عسكري دولي في بلاده " لا يمكن أن نسمح للأميركيين أو الغرب أن يدخلوا ليبيا . يجب أن يعلموا أنهم يدخلون في جحيم وفي بحر من الدماء " . وهدد بتسليح ملايين الليبيين " لبدء فيتنام جديدة " . كما اتهم القذافي مجددا تنظيم القاعدة بالوقوف وراء حركة التمرد . وقال إن " الاضطرابات بدأت مع تسلل خلايا نائمة من القاعدة إلى ليبيا " نافيا حصول أي تظاهرات شعبية في ليبيا . كما اعتبر أن تجميد العديد من دول العالم أرصدة ليبية هو " عملية اغتصاب وسطو على أموال الشعب " ، مشددا على أن هذه الأرصدة تابعة للدولة الليبية وليست له أو لأفراد من أسرته . وأكد القذافي أنه لن يغادر ليبيا " حتى لو غادرها جميع الليبيين " واصفا القادة العالميين الذين ينادون برحيله ب " الأوغاد ". وأضاف موجها حديثه لهم " أنتم ترحلون والقذافي باق في أرض الأجداد " . وفي باريس أكد علي زيدان المتحدث باسم الرابطة الليبية لحقوق الإنسان الأربعاء في باريس أن ستة آلاف قتيل سقطوا منذ بدء الانتفاضة في ليبيا بينهم ثلاثة آلاف في طرابلس . وجاء حديث القذافي بعد ساعات من محاولة القوات الموالية له مدعومة بالدبابات والمدفعية الثقيلة استعادة مدينة البريقة الواقعة بين بنغازي وسرت ، التي يسيطر عليها المتمردون في شرق ليبيا . وبعد معارك عنيفة أوقعت حوالي 10 قتلى يبدو أن المعارضة استعادت السيطرة على المدينة . وقال ضابط في الشرطة في اجدابيا بين البريقة وبنغازي إن " البريقة باتت بأيدي قوات الثورة . وانطلقت عناصر من اجدابيا للمساعدة " . إلا أن طائرة ليبية أطلقت صاروخين قرب ساحة في البريقة بعد ظهر الأربعاء بحسب مراسل " فرانس بريس " . وكانت اجدابيا تعرضت أيضا لغارات جوية . وقال شاهد إن هذه الغارات استهدفت على ما يبدو مستودعا للذخيرة كان استهدف قبل يومين . وأكد سكان أن الهدف كان قاعدة للجيش وقعت بأيدي المتمردين على بعد ثلاثة كيلومترات من اجدابيا . وفي طرابلس بدا الوضع هادئا الأربعاء . وتحول مطار طرابلس إلى مخيم لاجئين حيث تجمع مئات الأشخاص وافترشوا الأرض بانتظار التمكن من مغادرة البلاد . وعلى الصعيد الإنساني بلغ الوضع مستوى " الأزمة " عند الحدود بين ليبيا وتونس . وكانت طوابير من الأشخاص تمتد على كيلومترات لمغادرة ليبيا بحسب المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة التي وجهت نداء جديدا " لاستئجار مئات الطائرات " لإجلاء النازحين . وستستخدم فرنسا طائرات وسفينة لإجلاء إلى مصر ما لا يقل عن خمسة آلاف مصري عالقين على الحدود الليبية- التونسية . كما أعلن رئيس الحكومة البريطانية ديفيد كاميرون أمام مجلس العموم " نطلق اليوم جسرا جويا لإعادة بضعة آلاف مصري إلى مصر يتواجدون حاليا على الحدود بين تونس وليبيا على أن تتم الرحلة الأولى اليوم " الأربعاء . وكانت سفينتا حرب أميركيتين بينهما حاملة المروحيات " يو اس اس كيرسارج " تبحران الأربعاء عبر قناة السويس إلى المتوسط للرسو قبالة السواحل الليبية . ويتوقع أن تصلا إلى المتوسط مساء . وصرح مسؤول في البنتاغون ل فرانس بريس : " ننقل عناصر ليكونوا أقرب إلى ليبيا " . وفي واشنطن وضع المسؤولون العسكريون لائحة خيارات للرئيس باراك أوباما ويجرون مباحثات مع نظرائهم الأوروبيين لكن الغموض لا يزال يلف احتمال التدخل عسكريا في ليبيا . ويدرس الأميركيون والأوروبيون احتمال فرض منطقة حظر جوي على ليبيا لمنع قصف المدنيين لكنهم لم يتوصلوا بعد إلى إجماع لأن الأميركيين يعتبرون أن إقامتها " عملية معقدة " . من جانبه اعتبر رئيس المفوضية الأوروبية جوزيه مانويل باروزو الأربعاء أن القذافي هو " جزء من المشكلة وليس الحل " وانه آن الأوان " لكي يرحل " . وقال باروزو أمام الصحافيين في ختام اجتماع للمفوضين الأوروبيين إن " الأحداث أظهرت بوضوح أن العقيد معمر القذافي هو جزء من المشكلة لكن ليس الحل . لقد آن الأوان لكي يرحل " . وأعلن مكتب مدعي المحكمة الجنائية الدولية لويس مورينو أوكامبو في بيان أنه سيعلن الخميس أسماء الأشخاص الذي يمكن أن يكونوا موضع تحقيق بشان ارتكاب جرائم ضد الإنسانية في ليبيا . وفي بنغازي " عاصمة " الثوار ، أعلنت المعارضة أن وزير العدل الليبي السابق مصطفى محمد عبد الجليل سيترأس " المجلس الوطني " المكون من 30 عضوا الذي شكله المنشقون الذين يسيطرون على شرق البلاد . كما دعت المعارضة الأممالمتحدة إلى السماح بتوجيه ضربات جوية للمرتزقة الذين يحاربون إلى جانب القذافي والذين لعبوا دورا كبيرا في قمع الثوار بحسب مصادر المعارضة .