عندما تعبر الخيال أغنية مغربية جميلة يفوح طيب زمن كان الأطلس يرقص فيه تحت قمر أحمر مرددا أنشودة حب، صبابة، أو حديث عيني رفيقة، أو آخر آه في معبد الرموش. في هذا الزمن كانت الأغنية المغربية، شعرا ولحنا وأداء، معلمة للنحو والقوافي، مربية للعواطف ومؤدبة للذوق والتعلق بالجمال. كل يوم يقترح هذا الركن نفحات من غناء عندما تسمعه الأذن يخفق القلب بالحنين. من أكمل قصائد الغزل المغناة هذه الأنشودة المقتطفة من ديوان مغمور، «السوانح»، لشاعركان يرعى أزهار الألم في أبياته ويؤدب على أمواج الإذاعة ناشئة الأدب، إدريس الجاي .يمتزج هنا التوشيح الموسيقي لعبد النبي الجراري ونبرات صوت عبد الهادي بلخياط في خلق تباريح تنساب حتما في دخيلة الوجدان0 لكم آمنت في عينيك بالأحلام والشعر لكم قدست في لألاء نورهما سنا الدهر لكم أوقدت في صدري لهيب الشهوة البكر لكم ضحيت بالسلوى و بالنعمى و بالبشر حسبتك آية كبرى هوت من عالم سحر وروحا من سماء الغيب خفاقا على الامر حسبتك ذلك النور الذي يلمع في البدر حسبتك ذلك العطر الذي يكمن في الزهر حسبتك ذلك اللحن الذي ألهم للطير وابحث عنك في قلبي و أبحث عنك في فكري ألا ما كنت روحا من سماء الغيب و الامر ولا كنت بذاك العطر أنفاسا من الزهر ولا كنت بذاك اللحن من أغنية الطير ولا كنت ثمثالا خشين الصنع من صخر ولكن ها أنا أصحو و أسبح في دنى فكري وأركع دون محراب الجمال الظافر الحر