تروي أسوار دمنات العتيقة ، تاريخ حاضرة عريقة كانت قديما حصنا قويا ضد الغزاة من السياب ، وشكلت الأبواب على الدوام شاهدا على الدور الذي اضطلعت به هذه البلدة قديما والمكانة التي حظيت بها كرمز للتعايش بين اليهود والمسلمين . حفظت لدمنات مكانتها كممر تجاري آمن وكمنبر ديني ذا إشعاع وطني . إذا كانت بعض المدن تفتخر اليوم بأبوابها التي ترفع رأس سكانها كدليل على عراقتها , فإنه يحق للمواطن الدمناتي الشريف أن يخفض رأسه و يحني هامته و يطوي قامته أمام الكثير من الأبواب وهو يعيش ضمن هذه المرحلة المفصلية , والمنعطف التاريخي الهام من حيا ته الذي لا ينتهي فيه من إغلاق "باب " حتى تبادره أبواب بالفتح على كامل مصراعيها ,! فباب يلفظه إلى باب ، فمن ملاحم “الباب” الذي لم يبق عالقاً منه في أذهان الدمناتيين سوى الاسم “باب اعرابن “ في طبعته الثانية المسماة "الأقواس" الدليل القاطع والبرهان الساطع على ضيق افق الابداع عند المسؤولين المنتخبين السابقين واللاحقين الذين أبانوا عن عجز وضعف وانعدام قدرة على مجابهة عوادي الزمن ففتحوا باب الاجهاز على هذا الباب المسكين ومعه باقي ابواب هذه البلدة تارة بالتواطؤ مع عوامل التعرية وتارة بالاهمال المكشوف وبنهج سياسة "كم حاجة قضيناها بتركها " ، وتارة بإلقاء المسؤولية على جهات اخرى وتارة أخرى بتزييف التاريخ بالتصريح علما وظلما بأن الأقواس إرث تاريخي ينتظر تدخل وزارة السياحة !!!!!!! . و يمكن اعتبار التعامل مع "ابواب دمنات" رمزاً لمقاربة "على باب الله" التي ينهجها على الدوام "الممثلون" في تدبير شؤون المواطنين الدمناتيين . وحتى لا تاخذنا الأبواب إلى متاهات كثيرة ومتشعبة دعونا واقفين على باب هذا الباب الذي كلما دق المواطنون الغيورون " بابا " لاحيائه إلا وصدت الأبواب في وجوههم . ويجب ان يعلم الشباب الدمناتي -الذي أحييه على غيرته على هذه البلدة اليتيمة - أن : "باب أعرابن " الذي بني حسب بعض الروايات في القرن التاسع عشر، هو الباب الرئيسي التاريخي للدخول إلى دمنات وعنده كان يستقبل السلاطين والعمال والوفود ....قد أعدم مع سبق الإصرار والترصد في سبعينيات القرن الماضي وكنت ومعي أبناء جيلي من الشهود على هذه الجريمة النكراء ، وحلت محله "الأقواس" لتلعب دور الممثل البديل كما في أفلام الحركة ، فلا تنعثوها بالتاريخية – من فضلكم- لأنه ليس بينها وبين التراث التاريخي غير الخير والإحسان . ان ما وقع لدمنات شبيه الى حد كبير بحكايات ألف ليلة وليلة ، فدمنات كانت محاطة باسوار عالية محروسة وابواب وحدائق غناء كما في قصص شهرزاد ، الى أن ابتليت برهط من السحرة فمسخوها الى صعيد زلق وجعلوا ماءها غورا وبفعل إهمالهم وسوء تدبيرهم تداعت اسوراها واختفت ابوابها، ونبت بفعل جشعهم في حدائقها الإسمنت الأسود المسلح عوض الياسمن والريحان وتحولت ساحاتها الجميلة وملاعبها الى ما يشبه مخيمات لاجئي قندهار ، وباختصار شديد حولوا دمنات الى "خرابة بلا باب" . وحتى نبقى في مجال الاساطير والحكايات لان واقع هذه البلدة اشبه بخرافات الجدات ، فلن نجد الجواب على ما يقع لدمنات ولأبوابها ، عفوا لأقواسها، الا في تفسير الاحلام، فقد جاء في تفاسير كثير من مفسري الاحلام -وما أكثرهم في أيامنا هذه - في باب "رؤيا الباب " : ان من راى في منامه بابا مفتوحا فهذا دليل على ان ابواب الرزق ستفتح في وجهه . فليبتهج سكان دمنات فسقوط هذه الاقواس سيمهد الطريق ان شاء الله في وجه الأرزاق التي تأتي محملة في الشاحنات الكبيرة و التي سوف لن تعود أدراجها -بعد اليوم- بسب صغر المدخل / الأقواس .فقد مهدت لها الطريق الشاحنة السكرانة التي تسير بماحيا بدل البنزين ، التي لا بد أن نشكرها على فعلتها في هذا المقام . ومن رأى في منامه أن باب داره قد سقط أو قلع إلى خارج أو محترقاً أو مكسوراً - وهو حال الأقواس التي اقتلعت من مكانها - فتلك مصيبة ستقع في الدار، والدار هنا المقصود بها "دمنات . حفظ الله اهل دمنات من كل مكروه فيكفيهم ما هم فيه من مصائب ، من انعدام الشغل لابنائهم وانقطاع مستمر للماء والكهرباء وانسداد جميع الأبواب في وجوههم . وإذا سقطت الأبواب ، فإن خيرات الدار ستخرج إلى الغرباء . خيرات دمنات دائما ما يستفيد منها الغرباء وأتمنى ألا يدل سقوط الاقواس على استمرار هذا النزيف بوتيرة أكبر . ومن رأى أن باب داره اتسع فوق قدره، يعني أكبر من حجمه وهو حال " الأقواس" اليوم ، فهذا دليل على دخول قوم عليه بغير إذن ، لاحول ولا قوة الا بالله فدمنات لا يكفيها القوم الذي سلطه الله عليها بل ستبتلى بقوم آخرين ، ويبدو والله أعلم أن المقصود بالقوم / الرهط الذين ينتظرون الإنتخابات المقبلة لينقضوا على ما تبقى منها . فانتظروا يا اهل دمنات قوما سيزيلون ما تبقى من الابواب والاقواس وسيقتلعون معها أشياء أخرى ..... هذا بعض ما جاء في باب تفسير سقوط أقواس دمنات . "فَّلْغْتِينْ كْالشَّرْ أَغُولْغْدْ سْ لَهْنَا تَمّنْتْ إِيْمِينُو، تَكْرْدْلَّاسْتْ إِ لْجْمَّاعْتْ "