تشكل البيئة إحدى المشكلات الأساسية التي يرتبط بها حاضرنا، و مستقبل الأجيال القادمة. فالبيئة هي استمرارية الحياة فهي مصدر للغذاء والكساء والظل ، و بالتالي فحمايتها، هي حماية لنا، و للأجيال اللاحقة. وقد حث الإسلام على أن يعمر الناس الأرض بالغرس والزرع المثمر وتبارك الله أصدق القائلين في محكم كتابه (ونزلنا من السماء ماء مباركاً فأنبتنا به جنات وحب الحصيد والنخل باسقات لها طلع نضيد رزقاً للعباد وأحيينا به بلدة ميتاً كذلك الخروج)، ان معظم العادات الشعبية في مجال البيئة غير جيدة، بل إنها تؤدي إلى تدهور البيئة.. ويظهر ذلك في ازدياد نسبة التلوث والنقص في كمية المياه الصالحة للشرب، و تقلص المساحات الزراعية.. كما أن التلوث ازداد بشكل خطير نتيجة لتطور أنماط حياة الإنسان، وزيادة الكثافة السكانية، وازدياد التلوث بالفضلات، والنفايات الصلبة.... إن الزائر لدمنات التي كانت في ما مضى جنة خضراء ، سيلاحظ للأسف الشديد وفي ظل لامبالاة الجميع، اقتراف جريمة بيئية نكراء دون أن يحرك أحد ساكنا ودون أدنى مسؤولية أو تأنيب ضمير. سيقف المتتبع والمهتم والملاحظ العادي على جريمة اغتيال المجال الأخضر في أكثر من موقع بالمدينة. جريمة بطلها القائمون على الشأن العام، سواء كانوا منتخبين أو إداريين أو سلطة محلية. إن هذه الجريمة البيئية تذكرنا بالجرائم الإجتماعية والإقتصادية التي نالت من دمنات وساكنتها و نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر :جريمة هدم الباب التاريخي باب اعرابن تحت جنح الظلام و جريمة تحويل حديقة عمومية إلى دكاكين ومخادع هاتفية يستفيد منها بعض النافذين ، و جريمة تحويل عرصة البيلك إلى مستوصف وجريمة تحويل مجرى ساقية مدلالة ....و جريمة تحويل ملعب كرة القدم لافرض نايت بوشو إلى سوق عشوائي ملاصق لمؤسسة تربوية(مدرسة ميمونة ) وهو أشبه بمخيمات لاجئين فروا لتوهم من حرب طاحنة عوض تهيئته لإيواء عشرات الشباب الذين لا يجدون فضاء لائقا لممارسة كرة القدم هواياتهم الرياضية المفضلة ... هذا ناهيك عن اغتيال الاشجار التي كانت تزين مدخل تيزغت ......مرورا بجريمة غض الطرف عن اختفاء احدى نفائس التراث الدمناتي ويتعلق الأمر باختفاء مريب لمدفعين من النحاس الخالص .... ولم يقف الأمر عند هذا الحد عند هذه الجرائم بل إن دمنات تعرف حاليا إحدى أخطر الظواهر وتتمثل في تفريغ المياه العادمة في الهواء الطلق والتي لا يمكن اعتبارها فقط مجرد كارثة بيئية أو مخالفة قانونية فحسب بل إنها اكبر من ذلك بكثير اذ تمثل كارثة أخلاقية وخيانة وطنية صارخة يمارسها بعض الخارجين عن الأنظمة والأعراف بلا رادع ولا رقيب ، فخلال احد الجولات الميدانية التي قمت بها إلى بساتين " داو طالسمات "DAW TLMSMAT (خلف المحطة الطرقية للذين لا يعرفون المنطقة جيدا) رصدت مثل هذه الممارسات التي قد تؤدي مع مرور الزمن إلى التدهور البيئي بهذه البساتين التي كانت في ما مضى جنة غناء ونموذجا للتوازن البيئي, اود أن أسلط الضوء على هذه المعضلة وأن أنقلها بالصورة الحية ( أنظر الفيديو المرفق ) للمسؤولين ثم للغيورين على البيئة وعلى هذه المدينة التي كانت أراضيها زراعية خصبة خضراء...وهذا يعلمه كل من عايش ذلك منذ عشرات السنين .. وفي جولة تفقدية يمكنك الوقوف على أنابيب مياه الصرف الصحي من الفنادق والمقاهي ودور المواطنين وهي تصب السموم والفضلات مباشرة في البساتين ومنها إلى الفرشة المائية والباقي يأخذ مجراه في اتجاه ما تبقى نهر ورتزديك ... لعلّ الجريمة التي اقترفها المسؤولون بدمنات بحقّ البيئة سواء بالسماح بالبناء في المجال الأخضر او تفريغ المياه العادمة في الانهار وفي الحقول تعد جريمة شنعاء في حقّ البيئة يرتكبها للأسف الشديد مسؤولون عن الشأن العام انعدمت لديهم ثقافة و سلوك المحفاظة على البيئة ان هذه المأساة البيئية ستبقى راسخة في التاريخ والسؤال الذي يفرض نفسه في ظل هذا الإغتيال الممنهج للبيئة ، هو ماذا نحن فاعلون لفضح هذه الجريمة و لردع هذا العمل العدواني الذي يقترف ضد بيئتنا الدمناتية التي تعتبر إطاراً لحياتِنا . إنها ليست المرة الأولى التي تعاين فيها مدينة دمنات جريمة بيئية بشعة، فهناك الكثير ممّا تم اقترافه وممّا لا زال يتم اقترافه إلى حدّ اليوم في صمت مطبق. ولعل أخطر هذه الجرائم البيئية الجارية المفعول، ما يتعرض له نهر مهاصر الذي يعتبر من أهم المصادر الحيوية كونه يسقي الزرع والضرع والإنسان معاً ويمتد من مصبه بامي نفري imi nifri نحو الحقول والمزارع في كل الاتجاهات حتى وصوله لمنطقة اولاد خلوف مرورا بمنطقة لحرونة التابعة ترابيا لدمنات ان هذا النهر الخالد يستغيث ويصرخ ويشكو حاله للمعنيين جراء تعرضه لمصبات الصرف الصحي لدمنات المركز والتجمعات السكنية المحيطة به من ناحية الشمال الشرقي ومخلفات معاصر الزيتون التي تصب جميعها في مجراه دون أية معالجة تذكر بسبب عدم وجود محطات معالجة لتلك المياه الملوثة التي يتعرض لها بالإضافة إلى ازدياد عدد السكان وانخفاض منسوب مجرى النهر كما يلاحظ أن ضفافه تحتاج إلى اهتمام كبير من قبل المعنيين من خلال تنظيفه و زراعة المتبقي منه بالأشجار لمنح جمالية للنهر ولتسليط الضوء على واقعه. إن جل إن لم تكن كل التجمعات السكنية المحيطة بدمنات والتي اصبحت داخل المجال الحضري للمدينة لا تتوفر على قنوات للصر ف الصحي تلقي بفضلاتها في الطبيعة العذراء وفي الأنهر المحيطة بالمدينة التي تحمل بدورها هذه السموم إلى الحقول والمزراع التي تمر بها . ولا يعبأ الكثير من سكان القرى المقامة على النهر من توجيه شبكات الصرف الصحي والمياه الثقيلة الى النهر، ناهيك عن قيام الكثيرين منهم برمي المواد الغير مرغوب فيها في النهر. وفي غياب تام لأي معالجة لمياه الصرف الصحي في دمنات يتم صرفها مباشرة إلى مياه النهر وقد تضررت من ذلك كثيرا لحرونة التي كانت مشهروة بزيت زيتونها ذي المذاق الرفيع ومنتوجاتها الفلاحية الرفيعة اصبح الناس يعزفون عن تناول منتوجاتها بسبب تلوث المزروعات بالمياه العادمة لدمنات التي تصب في واد مهاصر الذي يعتبر المورد الرئيسي لمياه الري لهذه المنطقة برمتها فهل ليس هناك من حل غير تفريغ هذه السموم في واد يعيش منه البشر والنباتات والحيوانات إنني لا أتوفر على احصائيات عن نسب انتشار امراض في هذه المنطقة ولكن المؤكد أن تجمع المياه العادمة على سطح الأرض مكونة مستنقعات وتناول الاغذية المروية بهذه السموم تشكل مصدرا لانتشار العديد من الأمراض مثل: الدزينطاريا والتهاب الكبد الفيروسي (أ) والتيفوئيد. كما أن الانعكاسات السلبية والأضرار لم تقتصر على المواطنين الذين أصيبوا بأمراض الربو والحساسية والأمراض الجلدية... بل شملت المجال البيئي إذ أن المياه الجوفية ستتضرر بشكل كبير . في اعتقادي فإن العد العكسي لتدمير المجال الأخضر بدمنات قد بدا ، فجشع وطمع بعض من ابتليت بهم دمنات استبدل المجال الأخضر بكتل اسمنتية صماء بليدة أنشأت بشكل عشوائي بدون تخطيط بسبب جشع تجار الأراضي ومَن تعاون معهم وتحول هذا المجال الحيوي بفعل فاعل مع سبق الإصرار والترصد إلى بناء ومعمار يدعو إلى الموت أكثر مما يدعو إلى الحياة، إلى اليأس عوض الأمل، إلى الخوف بدل الإطمئنان، إلى الصخب عوض الهدوء بنايات تكرس القبح عوض الجمال، إنه بكلمة واحدة لا يوفّر الحد الأدنى لشروط معمار إنساني، بقدر ما هو طريق تكديس اموال البعض في البنوك ومطية إلى تنمية مشاريع الشخصية هنا وهناك بعيدا عن الأعين .... وإلى مزيد من حياة الترف واللهو والمجون .... ان الزحف العمراني الوحشي غير المدروس الناتج عن تزايد البناء المخالف وازدياد الطلب على السكن واصل مسيرته المتسارعة بدمنات خلال العقود الأخيرة و قد نجح في تضييع هوية هذه المدينة وهتك المساحات الخضراء ، و بدأ يجرّ المدينة باتجاه مزيد من الاختناق البيئي واصبح يؤثر بشكل سلبي على الأراضي الزراعية ، حيث أن مساحتها اصبحت تقل بشكل كبير سنة بعد سنة . ويمكن القول وبدون مواربة ان زمن الخضرة و الحدائق والمناطق الخضراء قد ولى في دمنات إلى غير رجعة ؟ بحيث ان مدينة دمنات التي كانت فيما مضى محاطة بالعديد من البساتين والمناطق الخضراء زحفت عليها التجزئات والأحياء والمباني حتى ان المدينة أصبحت عبارة عن ترسانة إسمنتية ، وبدأت البساتين والحقول التي كانت تعتبر متنفسا للمدينة ولسكانها في الإختفاء ، فأمام ارتفاع ثمن المتر من الأرض كثرت المضاربات في العقارات ، بحيث تكونت في المدينة طبقة من اصحاب رؤوس الأموال والأثرياء والسماسرة على حساب المناطق الخضراء ، نظرا لما اصبحت تجنيه هذه الطبقة من ارباح وراء إحداثها لتجزئات سكنية ليس لها من اسم التجزئة إلا الاسم ....تجزئات تجعل المرء يتساءل : كيف ان المجالس البلدية وافقت على الترخيص لها ببيع البقع الأرضية لكونها لم تحترم اطلاقا دفتر التحملات ؟ ...ولو ان لجنة تم تكوينها لمعاينة هذه التجزئات لوقفت على حقائق غريبة ومخالفات تستدعي تقديم ارباب هذه التجزئات والمسؤولين عليها والمجالس التي وافقت عليها إلى المحاكمة نظرا لأن الأمر كان فيه ما فيه ... والغريب في الأمر اننا لا نجد اي تجزئة او حي من الأحياء التي انشئت منذ عقد من الزمن خصص مساحة خضراء لأنشاء حديقة ، بل لا نجد ومنذ اكثر من نصف قرن ان مدينة دمنات قامت بانشاء ولو حديقة واحدة او ملعب واحد او فضاء واحد خاص سواء بالكبار او بالصغار بل وحتى لرقعة يذكر فيها اسم الله ، وانما صار همهم ..هم.... هو تشجيع التجزئات العمرانية على حساب المجال الاخضر حتى أضحت دمنات غابة اسمنتية بعد ان كانت غابة خضراء ، ، فعلى المضاربين العقاريين الذين يتفنون في إيجاد مخارج لاحداث تجمعات سكنية توزع الى بقع ارضية أن يفكروا في وضع سياسات تتعلق بإدارة واستخدام الأراضي الموجودة حول المدينة وأن يأخذوا بعين الاعتبار امتداد ونمو التجمعات السكنية ووضع قوانين تنظم حدود المدينة وأن يعملوا على إنشاء التنظيم العمراني للضبط والسيطرة على هذا الامتداد العمراني بذل الإستغلال المتوحش للتطور الاجتماعي ولحاجة الانسان للسكن ، هذا الانسان الذي لا هم له الا للحصول على السكن وباية وسيلة وباي ثمن ، وليس مهما أين ؟وكيف ؟ وما النتائج المترتبة على ذلك ؟ ومع ذلك وحتى الآن لا تزال مساحات كبيرة في دمنات والتي من المفترض أن تتحوّل إلى مساحات خضراء تنتظر.. منطقة إكاداين IGADAYN على سبيل المثال وأخوف ما نخاف أن تتحوّل هي الأخرى إلى غير ما هو مخطط له، حيث تلوح في الأفق بوادر التحايل المكشوف على قرار اعتبار هذه المنطقة مجالا أخضر وذلك بالترخيص لبعض المضاربين ببناء مستودعات (انظر الصور رقم 1 و2 و3 و 4 و 5 و6) محاطة بالقصب أو الخشب و التي ستتحول ذات يوم –ليس ببعيد- و تحت جنح الظلام إلى بنايات اسمنتية وبعدها إلى تجزئات لتصبح أمرا واقعا ....وهكذا تموت إكداين IGADAYN وحبذا لو تحولت إلى مقبرة تأوي أمواتنا بعد أن ضاقت بهم المقابر الموجودة على أن تصبح تجزئات سكنية على غرار رديفتها التي تتناسل يوما عن يوم . إن جريمة اغتيال البيئة بدمنات تُقترف في الوقت الذي ترتفع فيه ارتفعت الأصوات في أماكن أخرى قائلة إنه لا مندوحة عن البحث عن السبل الناجعة لحماية البيئة والإنسان، سيما وأنه اليوم أضحى الأمن البيئي يشكل ركناً أساسياً من أركان ضمان شروط استمرار الحياة وبات التدهور البيئي هماًّ حاضراً رغماً عن أنفسنا ويستدعي الإهتمام بأمور البيئة والتوازنات البيئية. إن إدارة البيئة وتدبير شؤونها ليس ترفاً وإنما أصبح اليوم ضرورة بل حتمية أكثر من أي وقت مضى، إنه شرط حيوي للبقاء. لقد بدأت المناطق الخضراء في التقلص واضحت دمنات من أفقر المناطق من ناحية المصادر المائية .. بعد أن كانت تعرف بوفرة هذه المادة الحيوية ... إن صحة ساكنة دمنات في خطر نتيجة لعدم القدرة على معالجة المشكلات البيئية،بسبب التدهور العام في المجال البيئي بدمنات وعدم التزام المسؤولين والمنتخبين وغيرهم بسياسات بيئية تسمح بالتصدي لهذا التدهور المستمر. فمياه الشرب تتضاءل بشكل مقلق، و عدد الناس الذين لا يحصلون على مياه صالحة للشرب ونقية في ازدياد مستمر.بالإضافة إلى أن التنوع الإحيائي سوف يتناقص تدريجياً، وهذا يعني انقراض بعض الأحياء النباتية والحيوانية.. إنها صورة قاتمة فعلا و لابد من تغييرها بمزيد من العمل والتضحيات من طرف الجميع ... إن مسؤولية الحفاظ على المجال الاخضر ليست مهمة المسؤولين والمنتخبين وحدهم ، فالمواطن الدمناتي مطالبٌ أيضاً بالحفاظ على هذه الثروة التي تغذي دوام الحياة في مجاله .. ولكن ما نجده من تصرفات مستهترة بجمال الغطاء الأخضر من مساحات خضراء يجعلنا نوجه أصابع اللوم إلى أولئك الذين لا يقدّرون عواقب تلك التصرفات التي ستجرّ الحياة في هذه المدينة إلى حافة الهاوية... هي بعض أفكار تنبثق من جراء صدمة أتعرض لها باستمرار عندما أقارن دمنات مع بعض المدن القديمة والحديثة والتي يتم تشيديها بناء على مخططات شمولية تهتم بكل صغيرة وكبيرة وتهيأ لبنية تحتية متينة .. وتحافظ على مجالها الاخضر وان لم يكن موجودا تخلقه وتتفنن في الاعتناء به .....لا ان تجعله مطرحا للنفايات وللواد الحار وتجزئات سكنية وبالوعة للقاذورات، فهل يحافظ العقلاء على البيئة من أجل المحافظة على الحياة، ومستقبل الأجيال القادمة؟!! SITECODE] أولا : الصور التي تظهر زحف البناء على المجال الأخضر ببساتين أكداين IGADAYN وهو ينهشها من جميع الجوانب إيذانا بإعلانها مجالا للمضاربات والسمسرة في أفق تحويلها إلى كتل أسمنتية ، يستفيد منها المضاربون والسماسرة الذين لا هم لهم سوى تنمية أرصدتهم وإن على حساب حياة الناس ومستقبل الأجيال ....عار عليكم...... عار .... ثانيا :الفيديو وتظهر فيه المياه العادمة تجري فوق سطح الأرض وأترك التعليق لكم ولمن أوكل لهم تسيير الشأن المحلي بهذه المدينة . Dimofinf Player يمكن مشاهدة الفيديو بواسطة الرابط التالي : [/