إعادة انتخاب المغرب عن جدارة ضمن اللجنة الفرعية لمنع التعذيب بجنيف    بايتاس يستعرض استراتيجية الحكومة لضبط أثمان اللحوم الحمراء    عدد زبناء اتصالات المغرب بلغ 79,7 مليون عند متم شتنبر 2024    سبع ترشيحات مغربية ضمن القوائم الأولية لجوائز "الكاف 2024"    زياد فكري.. قصة بطل انطلق من أكاديمية محمد السادس إلى الولايات المتحدة الأمريكية    لامين يامال يرد على مشجع لريال مدريد سخر من أدائه أمام بايرن    جورجينا رودريغيز تستعيد عافيتها بعد تغلبها على أزمة صحية خطيرة    مهنيو أرباب المقاهي والمطاعم بالمغرب في وفقة احتجاجية جديدة على قرارات CNSS    دعوات للاحتجاج ومطالب بلجنة تقصي الحقائق في اختلالات بمستشفى مولاي يوسف    ماسك يتبرع بملايين الدولارات الإضافية لحملة ترامب في أكتوبر    العمال الكردستاني يتبنى "هجوم أنقرة"        "أمو تضامن": تحويل 15,51 مليار درهم من اشتراكات المستفيدين من طرف الدولة إلى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي    الصورة والأسطورة في مواجهة الموت        الأميرة للا حسناء وسعادة الشيخة المياسة بنت حمد آل ثاني تترأسان بمراكش حفل العشاء لتظاهرة 'فاشن تراست أرابيا'    طنجة…إحباط محاولة تهريب 209 ألف قرص مهلوس    كيوسك الجمعة | المغاربة أجروا 164 مليون عملية أداء بواسطة البطاقات البنكية        حفل عشاء بمناسبة "فاشن تراست أرابيا"    مقتل 3 صحافيين في جنوب شرق لبنان    الجيش الإسرائيلي يٌعلن مقتل 5 من جنوده في جنوب لبنان.. وحصيلة خسائره ترتفع إلى 890 قتيلا وأكثر من 12 ألف مصابا    إسرائيل تغتال 3 صحافيين من قناتي "الميادين" و"المنار" استهدفت قصف مقر إقامتهم جنوبي لبنان    التهمت ميزانية ضخمة من المال العام.. فشل ذريع لأسواق القرب بمدينة الجديدة    الموثقون الموريتانيون يطلبون الاستفادة من الخبرة المغربية في مجال الرقمنة    ندوة علمية تقارب "الفلسفة الوسيطية"    مغاربة الإمارات يحتفون ب"أبطال القراءة"    الانتقاء الأولي لمشاريع إنتاج الهيدروجين الأخضر تغطي جهات كلميم والعيون والداخلة    باريس: المغرب يدعو إلى احترام سيادة لبنان ووقف كامل لإطلاق النار    نقابي لناظور سيتي: نرفض إصدار قانون الإضراب وإصلاح التقاعد تنفيذا لإملاءات دوائر عالمية    جوائز (الكاف 2024) .. سبع ترشيحات مغربية ضمن القوائم الأولية للمرشحين (فئة الرجال)    الوظيفة العمومية: توقع إحالة أزيد من 65 ألف موظف مدني على التقاعد خلال الفترة 2024-2028    اللحوم الحمراء.. بايتاس: التحكم في الأسعار يمر عبر الحفاظ على القطيع وتوفير العرض    اللاعب المغربي السابق برادة في ذمة الله    المغرب يدعو إلى احترام سيادة لبنان ووحدته الترابية    "لارام" ترفع أسعار تذاكر الخط الجوي بين الحسيمة وتطوان رغم دعم الدولة            الشيخة مهرة وفرنش مونتانا يلتقيان في دبي (صور)        بايتاس يدافع عن تعيين برادة صاحب شركة "المصاصات" وزيراً للتعليم: "الكفاءة لا ترتبط دائماً بالتخصص"    لا أريد جوائز    شُجُون…    يوم السبت ... يوم عشتار السيء    مختارات من ديوان «أوتار البصيرة»    المنتخب المغربي يرتقي في تصنيف "فيفا"    لجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب تصادق بالأغلبية على مشروع القانون المتعلق بالصناعة السينمائية وإعادة تنظيم المركز السينمائي المغربي    فرط صوديوم الدم .. الأعراض والأسباب    التغير المفاجئ للطقس بيئة خصبة لانتقال الفيروسات    تقرير: مؤشر أسعار الخدمات البنكية ينخفض بنسبة 1% عند نهاية 2023    مصطفى الفن يكتب: هكذا تصبح وزيرا بوصفة سهلة جدا    استطلاع: المغاربة يعتبرون الصلاة متفوقة على التلقيح في الوقاية من "كوفيد"    منظمة الصحة العالمية تعلن تعليق حملة التطعيم ضد شلل الأطفال في غزة    وفاة وحالات تسمم ببكتيريا في أحد منتجات "ماكدونالدز"    وهي جنازة رجل ...    أسماء بنات من القران    نداء للمحسنين للمساهمة في استكمال بناء مسجد ثاغزوت جماعة إحدادن    الملك محمد السادس: المغرب ينتقل من رد الفعل إلى أخذ المبادرة والتحلي بالحزم والاستباقية في ملف الصحراء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من نائج الفساد بمراكش إتلاف تراث ثقافي و طبيعي جد ثمين

تخريب 800 كلمتر من الخطارات عمرها مئات السنين و إتلاف مئات الهكتارات من واحة النخيل
التخطيط للإجهاز على آخر محمية بيئية رطبة بالمدينة *
نظم مركز عناية للتنمية و الأعمال الاجتماعية مساء السبت 26 مارس بمراكش 2011 ندوة علمية حول" التنمية البيئية و التدبير المؤسساتي " بمساهمة أحمد الشهبوني رئيس مركز التنمية بجهة تانسيفت و محمد الفايز الباحث و الخبير في قضايا التراث و الإيكولوجيا
و محمد الإفريقي رئيس جمعية أصدقاء المتحف الطبيعي و التاريخي و عبد الكريم الخطيب المنسق المحلي لمذكرة 21 و يوسف السفري رئيس جمعية أمل ممر النخيل و سيرها الباحث عبد الصمد الكباص
وسجل المشاركون في الندوة أن ولجة تانسيفت تواجه خطرا كبيرا يستلزم تدخلا سريعا لإنقاذها .
كما عبروا عن قلقهم البالغ إزاء التدهور المتسارع الذي لحق هذه الواحة الفريدة التي تعتبر الواحة الرطبة الوحيدة بالمنطقة ، بسبب تجاهل المسؤولين وضعها كمحمية بيئية مصنفة دوليا كموقع طبيعي ذي أهمية بيولوجية ، فانطلق مسلسل تدهورها مع إصرار الوالي السابق لجهة مراكش على أن يخترقها الطريق المداري رغم وجود بدائل كثيرة وبالتالي تعريضها لمخاطر المضاربات العقارية و استمر بقطع موارد المياه عنها و تحويلها إلى واحة جافة بما يستتبع ذلك من قتل الحياة بها و القضاء على تنوعها البيولوجي مصدر تميزها الأصلي سواء على المستوى الحيواني أو النباتي . فعرفت هذه المحمية بسبب ذلك حرائق متتالية لم تكن معهودة من قبل .
و اعتبر المشاركون في الندوة أن ولجة تانسيفت تمثل آخر ما تبقى من تراث طبيعي بمراكش يجب التحرك بقوة و بشكل استعجالي لاسترجاعه بعدما باتت ملامح إتلافه الأكيد واضحة بفعل عدم اكتراث مسؤولي المدينة لأهميته .
و طالبوا بتمكين الواحة المذكورة و بشكل مستعجل من حصتها في الموارد المائية ،على الأقل من مياه محطة المعالجة المتواجدة بطريق تمنصورت . و إصدار قانون يحرم بشكل نهائي البناء فيها لقطع الطريق على المضاربات التي تستهدفها .
كما دعوا إلى ضرورة تكتل المجتمع المدني من أجل الدفاع عن هذا الإرث الهام الذي في حالة ضياعه سيكون خسارة عظمى لن تغفرها لنا الأجيال القادمة .
و في إطار نفس الغاية أوصت الندوة بتكوين شبكة الصحافيين المدافعين عن البيئة بمراكش و إنقاذ ولجة تانسيفت لتمكين الرأي العام من الاقتراب من حقيقة الوضع البيئي بالمدينة و مده بالمعلومات الكافية .
كما سجل المشاركون استمرار تدهور الجوانب البيئية بمراكش و تقهقر جودة الحياة بها و تباطؤ المسؤولين في الاستجابة لتنبيهات الخبراء و الهيئات المهتمة بالقضايا البيئية . مقدمين عدة ملفات تثبت ذلك منها استمرار تجاهل مخاطر تحويل ضفة وادي تانسيفت إلى مطرح عمومي للأزبال و تأخر تدخل الجهات الوصية لحله لأزيد من عشر سنوات خلفت انعكاسات كارثية على الفرشة المائية و جودة الهواء من خلال حرق النفايات المطاطية و البلاستيكية و غيرها .
و اعتبر بعض المتدخلين أن ضعف الدولة أمام المضاربين و عجزها على الدفاع عن حق المواطن في بيئة سليمة مقابل الاستسلام إلى فسح المجال إلى توسع عمراني غير مضبوط و لاعقلاني ، وكذا وضع الاستثمار السياحي كتابو اقتصادي لا يقبل المناقشة من دون تقدير كلفته بالنسبة للبيئة ، كانت الملمح الأساسي لمراكش في العقد الأخير . حيث تم استغلال غياب تصميم مديري للتهيئة و العمل بلجنة الاستثناءات لتمرير مشاريع مدمرة للبيئة و مُجهزة على حق السكان في حياة ذات جودة .
و كما لفتوا الانتباه إلى أنه رغم أن المغرب يتوفر على ترسانة قانونية متطورة في مجال البيئة إلا أن هذه القوانين تفتقر للفعالية بسبب تأخر إصدار مراسيمها التطبيقية .
و وقف المشاركون في اللقاء الهام على ما تعرفه مراكش من نزيف حاد على مستوى مواردها الطبيعية و تبديد خطير لتراثها البيئي و الثقافي ، حيث أن المدينة تشهد زيادة سنوية في استهلاك الإسمنت تقدر بثلاثة بالمائة تصرّف طبعا و بشكل مباشر في استنزاف المساحات الخضراء و تحويلها إلى مركبات إسمنتية . إضافة إلى الإجهاز النهائي عن الحزام الأخضر الذي سبق أن رسخه تصميم التهيئة لمراكش سنة 1990 ، و عدم احترام مقتضيات ظهير حماية واحة النخيل الذي كان قد صدر إبان الحماية و لم ينسخه أي ظهير آخر بالسماح بتحويلها إلى مركبات سياحية و سكنية .
و من مظاهر التدمير التي تعرض لها التراث الطبيعي و الثقافي بمراكش في هذه المرحلة ، أن المدينة إلى غاية مطلع القرن العشرين كانت تتوفر على 600 خطارة بطول 800 كيلومتر ، قضي عليها نهائيا في العقدين الأخيرين علما أن الخطارات مثلت تراثا قويا في مجال تقنيات الري بالمدينة منذ تأسيسها و شدت انتباه كل الباحثين و المهتمين بهذا المجال على مستوى العالمي . لكن قيمتها هذه لم تشفع لها لدى مسؤولي المدينة الذين استسلموا أمام إغراءات المضاربات و المصالح السريعة محكومين برؤية تنتصر للنمو الأعمى و ليس للتنمية ذات الأهداف البشرية .
و رغم أن الباحثين الداركين لقيمة هذا الإرث سبق أن طالبوا مرارا و تكرارا بحماية آخر خطارة بالمدينة التي كان طولها يبلغ كيلموتر واحد إلا أن المسؤولين عجزوا حتى عن الاستجابة لهذا المطلب فكان الإجهاز النهائي على هذا الإرث الثمين .
مراكش العتيقة كانت إلى غاية منتصف القرن العشرين تؤمن أزيد من ستين مترا مربعا من المساحة الخضراء لكل مواطن و هو معدل تجاوز عدة مرات المعدل المنصوص عليه عالميا و هو عشرة أمتار لكل فرد . اليوم المدينة لا تؤمن حتى متر واحد بعد الإجهاز على العراصي و التمادي المتطرف في اكتساح كل المساحات الخضراء المحيطة بالمدينة من قبل المركبات الإسمنتية التي لا تسهر لا الجماعة و لا الولاية و باقي المصالح المعنية على ضمان إنجاز المساحات الخضراء بها التي توجد في التصاميم المرخصة و لا توجد على أرض الواقع .
و خلص المشاركون في الندوة إلى أن مشكل البيئة بمراكش يعتبر من أخطر المشاكل التي تتجمع فيها كل المعضلات المطروحة على الحكامة العمومية من تخليق للحياة العامة و محاربة الفساد الذي كان حق الساكنة في بيئة سليمة ضحيته الأساسية .
عبد الصمد الكباص
صحافي و باحث في الفلسفة
ا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.