في زمن تعيش فيه المنطقة العربية لحظات مصيرية بين معارك السيادة ومخططات التفكيك، تطل علينا إيرانوالجزائر كوجهين لعملة واحدة: مشروع تخريبي يسعى لضرب استقرار الدول وإعادة رسم الخرائط الوطنية على وقع الفوضى والدسائس. زيارة وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إلى الجزائر لم تكن مجرد محطة بروتوكولية عابرة، بل حلقة جديدة في مسلسل تحالفات الشر التي تنسجها طهران مع أنظمة تتقاطع معها في عدائها الصريح لوحدة الصف العربي. فطهران، التي احترفت توظيف الميليشيات وإشعال الحرائق الطائفية من بغداد إلى بيروت، وجدت في الجزائر شريكاً جاهزاً لتوسيع رقعة نفوذها داخل القارة الإفريقية، عبر استثمار الانفصال وتمويل النزاعات كما حدث مع جبهة البوليساريو. والمثير أن هذه الزيارة المشبوهة جاءت مباشرة بعد أن جددت الولاياتالمتحدةالأمريكية تأكيدها الصريح على سيادة المغرب الكاملة على صحرائه، في موقف أربك حسابات النظام العسكري الجزائري. وبدل أن تتعاطى الجزائر مع الواقع السياسي الدولي بحكمة ومسؤولية، لجأت إلى تحريك خيوط تحالفاتها المظلمة مع إيران، في محاولة بائسة إما لابتزاز واشنطن أو لمناكفتها، في خطوة تعكس مرة أخرى غباء النظام العسكري الذي يدمن الاصطفاف مع القوى المعزولة والمنبوذة دولياً. لقد كشف التاريخ القريب أن ما يجمع إيرانوالجزائر لم يعد مجرد ماضٍ ثوري مشترك، بل تحالف أهداف قوامه استهداف استقرار دول المنطقة، وضرب وحدة أراضيها، وفتح جبهات جديدة تخدم أجندة الهيمنة الإيرانية خارج حدود الخليج والشام. ولعل قطع المغرب لعلاقاته مع إيران سنة 2018، بعد إثبات تورطها بالتنسيق مع الجزائر و"حزب الله" في دعم الانفصال بالصحراء المغربية، كان أول تحذير صريح من هذه المؤامرة السوداء. اليوم، وأكثر من أي وقت مضى، تظهر زيارة عراقجي للجزائر كجرس إنذار للعالم العربي: محور الشر لا يكتفي بتخريب المشرق العربي، بل يمد يده الآثمة نحو شمال إفريقيا، تحت شعارات براقة لا تخفي جوهرها الحقيقي: نشر الفوضى، وتقويض وحدة الشعوب، وابتزاز الدول الطامحة إلى الاستقرار والتنمية. الرهان اليوم هو على وعي الشعوب، وقوة الدول العربية الحرة، في صد هذا المد التخريبي وكسر أوهام التمدد الإيراني حيثما وجدت. فلا مكان للمساومة على وحدة الأوطان، ولا تسامح مع مشاريع الفوضى المقنعة بثياب الدبلوماسية الكاذبة.