المصطفى سنكي "الفلوجةّ" مدينة عراقية دونت اسمها بدماء مقاومتها الباسلة تصديا للغزو الأمريكي، وفي الوقت الذي ضربت فيه القوات الأمريكية الغازية حصارا إعلاميا طمسا لمعالم الصمود الشعبي للمدينة من جهة، وإخفاء لبشاعة الهمجية الأمريكية تنكيلا بأهاليها وعمرانها دون التمييز بين مدنيين ومقاومين، راح أهالي المدينة يبتكرون وسائل للتعبئة والصمود، فكان أن كتبوا في مدخل مدينتهم: "ارفع رأسك إنك في الفلوجة". "الفلوجة" إذن موقع من مواقع صمود المقاومة الشعبية العراقية، حوصرت أمريكيا عقابا لها على إيواء رجال المقاومة واحتضانهم، ولبني ملال "فلُّوجتها" تعاني من الحصار والتهميش والعقاب الجماعي على مستوى الخدمات الحضرية؛ تعاني من الحصار رغم أنها في المحيط الحضري للمدينة. فعلى الورق وفي المخططات العمرانية، ترتبط "الفلوجة" بثلاثة منافذ تربطها بشارع محمد الخامس لم ينجز منها منذ أكثر من عشر سنوات ولا منفذ واحد ليُضطر السكان لاستعمال مسلك عبر حي المسيرة "1" الذي صمم لبضع مئات منازل الحي خلال منتصف ثمانينيات القرن الماضي مرورا بطريق تاكزيرت. "الفلوجة" الملالية تعاني اليوم وفي إطار الاستعداد للزيارة الملكية من الإقصاء، في وقت تبرمج فيه إصلاحات كبرى في مواقع متعددة في المدينة لاعتبارات لم تعد تخفى على الصبيان؛ إقصاء وعزلة تراكم معانات الأهالي: خدمات حضرية رديئة إذا لم تنعدم، صعوبة في التنقل، بحيث وهروبا من ضغط الازدحام خلال أوقات الذروة، يضطر السكان ومستعملو السيارات لاستعمال أزقة ضيقة وملتوية أو مسالك وعرة عبر ودادية الرياض أو ودادية الشباب والمستقبل، كما أن واقع العزلة وفر شروطا لتنامي حالات السرقة والاعتداء على الساكنة. "فلوجة" بني ملال التي تتكون من مجموعة من وداديات حي أم ظهر ومنها: الوفاق، التوفيق، النخيل، القاضي عياض، الفرح، الزهراء، أم الربيع، التيسير، الضحى، ... تعاقب ومنذ ولايتين للمجلس البلدي بشكل جماعي، ذنبها الوحيد والأوحد أنه يقطنها مجموعة من المستشارين الجماعيين لحزب العدالة والتنمية المعارض في المجلس البلدي. "فلوجة" بني ملال وأهاليها يرفضون أن يكونوا حطب صراع انتخابوي، مثلما يرفضون أن يوظف حل مشاكلهم تصفية سياسوية مع أي طرف سياسي آخر، بل يطالبون فقط ودون مزايدات بنصيبهم من الخدمات الحضرية التي يؤدون رسومها كغيرهم من سكان المدينة.