السفر قطعة من العذاب، هكذا قال النبي عليه الصلاة والسلام، وصدقه الواقع اليومي. ومهما اجتهد المجتهدون في توفير وسائل الراحة للمسافرين في جو السماء أو في الجواري في البحر كالأعلام، أو في القطارات الحديدية أو سيارات الأجرة أو غيرها، فسوف يبقى السفر قطعة من العذاب. غير أن العذاب في السفر يضاعف أضعافا كثيرة لعامة المغاربة الذين تضطرهم شدة الحاجة وقلة المال إلى امتطاء الحافلات والقطارات وسيارات الأجرة. أشد أنواع العذاب في السفر يسهل ملاحظتها في المحطات الطرقية الخاصة بالحافلات، حيث تصبح الفوضى هي القانون السائد المعمول به، ويصبح المنحرفون وأصحاب السوابق العدلية هم سادة المحطات الطرقية والمتحكمين فيها تحت سمع وبصر المسؤولين الإداريين والأمنيين. وما أن يدخل المسافر إلى محطة، حتى تهجم عليه عصابات من الكورتية ومساعدي السائقين لاختطاف المسافرين رغما عنهم وتوفير البضاعة للحافلات بكل وسيلة ممكنة. وأصبح المسافر المسكين لا يأمن على نفسه ولا على أمتعته، ولا على الوصول في الوقت المطلوب، ولو كان مسافرا من الرباط إلى الدارالبيضاء، إذ قد يستغرق الانتظار ست ساعات. محطة القامرة بالرباط نموذج تقريبي لمجموعة من المحطات الطرقية المغربية التي يدخلها المسافر على تخوف، متعوذا من شرها المستطير وخطرها الكبير، فمن المسؤول عن هذا النوع من الإرهاب النفسي والجسدي أحيانا؟ الاستطلاع الذي أجرته التجديد بين الأطراف المسؤولة يجعلك تخرج بخلاصة مفادها التملص من المسؤولية لدى المسؤولين. ولا شك أن لكل طرف مسؤولية جسيمة بمن فيهم المسافرون أنفسهم الذين لا يعرفون حقوقهم وواجباتهم في التصدي للأخطار والتهديدات والتلاعبات التي يتعرضون لها، ولو علموا لاختفت كثير من مظاهر الفوضى في محطاتنا وفي حافلاتنا التي أصبحت حافلات للموت بامتياز، سواء في بلدنا أو تلك التي تنقل المهاجرين إلى بلدهم. أنشئت المحطة الطرقية القامرة بالرباط سنة ,1982 وهي شركة خاصة يساهم فيها المكتب الوطني للنقل ب (20%) وأرباب النقل ب 60%، تشغل 58 عاملا يختصون في المراقبة والسلامة والنظافة تنطلق منها 150 حافلة يوميا وتعبرها ما بين 140 و150 حافلة أخرى في اليوم. يقدر متوسط المسافرين الذين يستعملون هذه المحطة الطرقية منذ حلول فصل الصيف الحالي ما بين 9000 إلى 10000 مسافر بقيمة دنيا تصل إلى 8900 مسافر وقيمة قصوى تقدر ب 21000 مسافر. فوضى عارمة ومعاناة مستمرة يصاب المواطن بالذهول والحسرة بسبب الأجواء والمشاهد التي تؤثت فضاء المحطة الطرقية القامرة، فبمجرد أن يلج المسافر بابها الرئيسي حتى تتلقفه جحافل من الكورتية الذين لا يمنعهم حياء ولا خجل من مضايقات واستفزازات. ويقول سعيد العوفير، مدير المحطة، عن ذلك إن حركية المسافرين تزداد في فصل الصيف، مما يؤدي إلى نوع من الاضطراب والفوضى في المحطة. ويزيد أن الجهات المسؤولة في قطاع النقل لا تقدم المساعدة الكافية حتى تتمكن إدارته من تقديم خدمات جيدة للمواطنين، ويعترف أن مصدر هذا البلاء أصله فئة الوسطاء غير المنظمين. سيدة من قلعة السراغنة ترى أن هذا الضجيج عادي، وأن عمل الوسطاء يساعد المسافرين، خاصة الغرباء عن المدينة لمعرفة الشبابيك لاقتناء تذاكر السفر، فيما (م.م) من سطات يخالف هذه السيدة الرأي واصفا حالة المحطة بالمزعجة والمشينة قائلا: «عند النزول من الحافلة بهذه المحطة القديمة القامرة نفاجأ بكثرة الضجيج والصراخ من طرف الكورتية الذين يتزايدون بدافع الحاجة الله يحسن العون، ناهيك عن الاستفزازات التي يتعرض لها المسافرون خصوصا النساء». ويمضي (م.م) في توضيح الحالة: «في الحقيقة بعض الوجوه التي تقابلها في المحطة تزرع الرعب في قلوب المسافرين، مما تضطر معه أن تتحاشى الإجابة عن تساؤلاتهم حول الوجهة التي تريدها». أما حكاية الآنسة نجاة مع هذا الوضع السيء فأشد تعبيرا وأبلغ وصفا، حيث تقول: «ما إن تنزل من سيارة الأجرة حتى تعترضك قوافل من الكورتية تسألك أي وجهة تقصد، وقد يرتمي أحدهم على حقائب سفرك ليحملها». وتابعت قائلة «إن هذا الإزعاج يلاحقك حتى داخل المحطة، حيث لا تتوانى هذه الفئة في ابتزاز الركاب، خاصة إذا وضع أمتعتك في صندوق الحافلة. وإذا لم تؤد عنها، قد تتعرض للاستفزاز وأحيانا إلى التهديد». ويزيد عادل (13 سنة) من البيضاء أن ما تعيشه المحطة الطرقية القامرة يعبر عن سوء التدبير، وهذا الاضطراب يظهر نوعا من اللامسؤولية عند المواطنين والمسؤولين فيها، لمواجهة تصرفات فئة من الناس لا لهم له إلا تدبر على راسها. 6 ساعات للذهاب إلى البيضاء ولا تقف معاناة المسافرين عند هذا الحد، بل تتعداه إلى أن يضطر المواطن للانتظار ساعات طوالا ليستقيل الحافلة التي ستنقله إلى حيث يريد. يقول كمال (12 سنة)، وقد أعياه الجلوس: «هذه هي الحافلة الثالثة التي أركبها من دون أن تنطلق». وتقاطعه غزلان، التي تبدو أكثر منه سخطا على هذا الواقع المتخلف، قائلة: «إننا نأمل أن تتحرك هذه الحافلة علنا نصل إلى منازلنا، فقد أعيانا تلاعب وحيل هؤلاء الناس». وتضيف موضحة أكثر «إننا لأزيد من 4 ساعات ونحن في عمليات استبدال من حافلة لأخرى... وقبل ساعة تقريبا امتطينا أخرى ولم تستطع أن تتحرك». أما (ن) التي كانت تركب خلفها في هذه الحافلة الرابضة بالمحطة لأكثر من ساعتين، فقالت والدهشة تعلو محياها: «من السادسة صباحا والآن الواحدة بعد الزوال أنتظر للذهاب فقط إلى مدينة البيضاء». واعتبرت سيدة متوجهة إلى مدينة سطات احتجت بقوة على هذه الممارسات غير المقبولة أن هذا منكرا ومضت تحكي: «ركبنا الحافلة منذ 10 صباحا، وقد تجاوزنا ساعتين ولم تنطلق بعد، بل الأكثر من ذلك فقد وقع تفريغ الحافلة من الركاب وها أنت ترى هذه المهزلة». وأضافت أخرى قائلة: «طْلَعْ، هْبَطْ» هذا ما عانينا منه منذ الصباح». واحتجت أخرى بالقول: «نريد الذهاب، فالحافلة ملئت عن آخرها. فكفانا صعودا وهبوطا» وزادت: «واش كَتْشَطحونا». (أ.غ) اعتبرت هذا العمل تحايلا (تفلية) وتمنت لو تحرك المسافرون لدى الإدارة حتى تتحرك هذه المهازل. وإذا حدث أن تحرك المسافرون وطالبوا بانطلاق الحافلة، فإن أول من يتصدى لإخماد هذه اليقظة والانتباهة هم الكورتية والكريسونات، ومعهم السائق خوفا من أن تضيع منهم الدريهمات التي جمعوها. خليل من العرائش (أستاذ) لاحظ بدوره بأن المحطة الطرقية القامرة تعيش نوعا من الفوضى والاضطراب في التنظيم والمراقبة مع غياب تام للإرشادات. وزاد أن «هذه الأجهزة لا تقوم بدورها المطلوب». (س.أ) من القصر الكبير (طالبة في الحقوق) أكدت بدورها أن «هناك فوضى وأشياء غير ملائمة للسفر بتاتا في هذه المحطة الطرقية». وحسب رأيها، قد يتعرض المسافر إلى مناورات وتلاعبات إذا كان لا يعرف المحطة جيدا، خاصة من قبل من يسمون بالكورتية. كورتية من ذوي السوابق العدلية الكورتي هو وسيط بين حافلة النقل والمسافر، وقدرت مفتشية الشغل بالمحطة الطرقية القامرة عددهم بما يفوق 150 فردا يتناوبون على العمل بالمحطة. واعتبر مسؤول تابع لوزارة التجهيز والنقل أن أغلبهم من ذوي السوابق العدلية وأن تنظيمهم هو تحت مسؤولية الإدارة. هذه الأخيرة لا تعترف بهم، إذ نبه سعيد العوفير مدير المحطة الطرقية أن هذه الفئة: «لا توجد فقط داخل المحطة بل يتوزعون خارجها في شارع الكفاح وعبد الكريم الخطابي وشارع الحسن الثاني وفي حافلات النقل الحضري. وألقى مدير المحطة باللائمة على أرباب شركات النقل حسب قوله «هم الذين كانوا سببا في إيجاد هذه الفئة من العمال بعدما كانوا مستخدمين عندهم». كمال (20 سنة) من البيضاء يصفهم بالمحتالين قائلا: «إن لهم طرقا ذكية وحيلا خطيرة لاستدراج المواطنين لاقتناء التذاكر خارج الشبابيك»، ويواصل (كمال) شرحه لهذه الظاهرة المسكوت عنها من قبل الجهات المعنية، «وإذا كنت يقظا وفطنا فإنهم يلجأون إلى الإصرار أو الاستعطاف لكي تقتني التذكرة، وأحيانا يخفضون من الثمن». أحد الوسطاء استبعد أن يكون هو وزملاؤه سببا في الفوضى التي تعاني منها المحطة، وقال إن بعض المسافرين الطائشين هم الذين يساهمون في هذه الوضعية، إذ يلجأون إلى اقتناء تذاكرهم خارج الشبابيك، وعضد ذلك وسيط أعلى منه درجة، إذ أرجع كل ما يقع من مشاكل في السفر إلى عقلية المسافرين معترفا في نفس الآن أن الكورتية لهم سلوكات منحرفة قائلا: «هذه الحفرة (يعني المحطة) هي التي تدفعهم ليتعاطوا المخدرات ويلجأوا إلى الانحراف». الرأي نفسه ذهب إليه (ظ.خ) قيدوم الوسطاء بالرباط ( قضى40 سنة في العمل بقطاع النقل) حيث عارض بشدة أن يكون الوسيط فوضويا بل قال: «إن الحكومة هي التي تستحق هذا الوصف لأنها لم تحقق حاجيات المواطنين، وتركتهم يبحثون عن أرزاقهم، بهذه الطريقة». السائقون: أجر هزيل بدون حقوق بعد دقائق من وجودنا بالمحطة الطرقية، لفتت انتباهنا حركة غير عادية، حيث كان أكثر من 50 راكبا يطالبون السائق وبعض الكورتية من استرداد نقودهم بعد أن منعت مراقبة الطرق انطلاق الحافلة التي كانوا يستقلونها، والتي علمنا أن نقطة انطلاقها هي محطة البنزين شيل وليس محطة القامرة». نفى سائق هذه الحافلة الذي قضى أكثر من 30 سنة في هذه الحرفة أن يكون قد خالف القانون شارحا ذلك بقوله: «إنه تقدم إلى إدارة المحطة بطلب رخصة استثنائية حتى يستفيد من هذه الانطلاقة، لكن إدارة المحطة رفضت أن تمنحه هذه الرخصة» فهي بالنسبة إليه «تطبق القانون حينا وتخرقه أحيانا أخرى». وليعضد كلامه أرانا رخصة استثنائية كانت إدارة المحطة قد منحتها إياه سابقا». ومضى هذا الشخص يشرح دواعي عدم انضباطه للساعة المقررة له قائلا: «إن بعض أرباب شركات النقل أصبح لا هم لهم إلا الربح المادي، ويضرب مثلا بشركته التي ما فتئ صاحبها يطالبه بتكثيف الرحلات في الاتجاه الذي يعمل فيه»، ويرجع ذلك إلى أن سائقا آخر يعمل معه في الشركة نفسها ويستغل خط السفر نفسه فيقوم ب 6 رحلات يوميا في خرق سافر للقانون الذي يعطي له الحق في القيام برحلتين فقط في اليوم. ولما لاحظ رب الشركة يضيف السائق هذه الفروق طالبني أن أحذو حذوه وإلا سيكون مصيري الطرد فلجأت إلى هذه العملية. سائق آخر يبرر هذه السلوكات بهزالة الأجرة التي يتقاضونها مقابل عملهم المضني والمتعب فيقول: «أنا أتقاضى فقط 2000 درهم شهريا، ولا أتوفر على اشتراك في صندوق الضمان الاجتماعي وصندوق التقاعد». أما أحدهم فأقر بأن الذي يفسد التنظيم ويخلق حالات البلبلة والفوضى هو المحاباة وشيوع ظاهرة الرشوة داخل المحطة، فالمراقب لا بد له من 20 درهما وأخرى للحارس، أما رجال الأمن فحسب الأوقات والأحوال، ولو كنت مطبقا للقانون. وللكورتية 100 درهم عن كل رحلة، وإذا رفضت فإنه لا محالة ستدخل معهم في شجارات ومشادات كلامية. (ب.ز) سائق حافلة يشتغل في الخط الرابط بين الرباط وبني ملال عزز الكلام السابق واعترف بغياب التنظيم في المحطة، التي تعيش أجواء فوضوية وحركية عشوائية، خاصة في العطل والمناسبات قائلا: «إن المواطنين يسافرون دفعة واحدة». وتحدث بأسف عن مرتبه الشهري الذي قال عنه إنه لا يتجاوز 3000 درهم رغم المعاناة والمجهودات المضنية التي يبذلها، وأضاف أن الذي يزيد الوضع مرارة وقتامة أن «جميع السائقين بدون وثائق اجتماعية». ويرى سائق آخر أن هذه الممارسات تقوم بها أغلب الشركات، مستدركا أنه لما وقعت أخيرا حادثة بوسكورة تحركت إدارة المحطة لتطبيق القانون، وقال عنها: «إنها تطبق القانون أسبوعا ثم تخرقه بعدما تهدأ الزوبعة». يلجأ السائقون إلى بعض الحيل والطرق الملتوية حتى يمتصوا غضب الركاب الذين تأخروا في الوصول إلى مدنهم، ولما تكثر الاحتجاجات يشغل السائق الحافلة ويضغط على مسرعها (كسيراتور) ليوهم المسافرين بالانطلاقة ويسير لبعض الأمتار داخل المحطة ويتوقف. وقد علق أحدهم على هذه الوضعية بأن مصير هذه الحافلة رهين بمسافر واحد رغم مضي أكثر من نصف ساعة على موعد انطلاقتها. وإذا لم تنفع بعض السائقين حيلة للالتفاف على القانون فإنهم يتفقون مع الركاب أن ينتظروهم خارج المحطة، وهذا ما وقع مع حافلة متجهة نحو البيضاء. شاهد عيان يحكي هذه العملية: «اتفق الكورتية والكريسون مع الركاب الذين طال انتظارهم للذهاب إلى البيضاء، وبعدما لم ينجح في إقناع الجهات المسؤولة بالمحطة، استغل فراغ المحطة من رجال الأمن وابتعد بأمتار قليلة عن الباب الرئيسي وحمل الركاب الذين تأخروا عن السفر». وزاد هذا الشخص نفسه: «لقد عمت الفوضى أمام الباب وبدأ التدافع لركوب الحافلة وساهم فيها أيضا مجموعة من الكورتية الذين تجمعوا بشكل هستيري». ليس من اختصاصنا لاستجلاء هذا الوضع، سألنا أحد المراقبين، الذي رفض إعطاءنا أي توضيح عن المنع الذي تعرضت له الحافلة وقال بصيغة الأمر: «اتصل بمفتش المحطة، فهو وحده الذي له الصلاحية ليشرح لك هذا القرار». وقال سعيد العوفير مدير المحطة الطرقية القامرة إن «الحفاظ على مراقبة حركة النقل في المحطة من مسؤولية مفتشية الطرق في عين المكان. أما دورنا فيتجلى في النظافة والتسيير ومساعدة المسافرين». وأضاف أن إدارته استعانت بحواسب في تجربة أولى من نوعها في المغرب لضبط دخول وخروج الحافلات. وأكد أن من أكبر اهتماماته صون وحماية المسافرين من كل احتيال قد يتعرضون له، قائلا: «المهم أن يخرج المسافر من المحطة دون أن ينصب عليه أحد». ولهذا الغرض تابع العوفير: «ألزمنا الشبابيك بوضع لافتة في بهو المحطة تحث المسافرين على اقتناء التذاكر منها وعليها الخاتم والتاريخ والثمن وساعة الانطلاق. وحيال هذه الوضعية المزرية أهاب سعيد العوفير من المواطنين بتجاوز عقليات السائقين والعاملين ومن كل الفاعلين الآخرين محاربة الظواهر المنحرفة التي تسيء إلى سمعة المحطة، كالباعة المتجولين والمتسولين والمشعوذين والمنحرفين. من جهتها أكدت مفتشية الشغل بالمحطة أن عملها يتجلى في تدبير ومراقبة حركة الحافلات، وأفادنا المصدر نفسه أن سير الحافلات التي تم منعها من القيام برحلاتها راجع بالأساس إلى عدم انضباطها للقانون. وإزاء مثل هذه الخروقات تفضل المفتشية : «أن تتعامل بليونة مع مثل هذه الأحداث، وتكتفي بتوجيه إنذار شفوي في الموضوع». وتزيد موضحة: «وإذا تم تكرار المخالفة فإننا نضطر إلى حجز أوراق السياقة للسائق بنصف ساعة قبل الموعد المحدد لبداية سفر الحافلة». ولما سألنا أحد المسؤولين هل يلجأ إلى الوسائل الزجرية لأن مثل هذه الأعمال هي التي تحدث الفوضى في المحطة وتنغص على المواطن راحته، أجاب بدون تردد أنه يلجأ إلى إرسال مخالفة إلى من يهمه الأمر عبارة عن محضر احترام، يوجب على المخالف للقانون أداء غرامة مالية تختلف قيمتها باختلاف درجة وخطورة المخالفة. وفي موضوع الوسطاء غير المنتظمين، يقول مفتش الشغل بالمحطة الطرقية: هذا مشكل يؤرق جميع العاملين بالمحطة، لكنه ليس من اختصاصنا، فهو من اختصاص الإدارة «ومضى يسرد مهام مفتشيته التي تضم 6 أعضاء وحصرها في مراقبة الهيكل الخارجي للحافلة وأدوات إطفاء الحريق ووجود قرص تحديد السرعة، بالإضافة إلى حجز بعض الأشياء التي تشجع على الزيادة في عدد الركاب، كالكراسي البلاستيكية التي عايناها بمكتب المفتش». وفي ما يتعلق بظاهرة الزيادة في عدد الركاب أشار المسؤول نفسه أنها محصورة ونادرة، وغالبا ما تكون في الليل في غفلة من المراقبة الطرقية. وضع نفاه (ع) الذي عبر عن استيائه للزيادة في عدد المسافرين إلى درجة يقول «في هذه الظروف على المواطن استنشاق الهواء أو مد الأرجل»، وأضاف أن هذه الظاهرة غير المعقولة تتكرر دوما مع أوقات الذروة للسفر». غير أن هذا المسؤول استدرك الأمر وأشار أنه لا يمكن القبول بالزيادة إلا في حالات نادرة كالمناسبات الدينية». محطات بدون قوانين وتأمل المفتشية أن تتظافر الجهود للقضاء على بعض الظواهر الأخرى التي تساهم بشكل أو بآخر في استفحال الفوضى داخل المحطة وذكر بعضا منها كالباعة المتجولين والمشعوذين والمنحرفين، بالإضافة إلى الكورتية وفي هذا الإطار يعتبر الشاب (عادل ك) (13 سنة) أن المحطة الطرقية القامرة تعج بكثرة المتسولين والمشردين والمشعوذين، مما يجعلها فضاء خصبا لكل أنواع الانحراف والإجرام، ويجعل المواطن معرضا في كل وقت وحين إلى الأذى والاعتداء. ويرى (ع) أن الذي يزيد الطين بلة، والقلب علة هو الغياب شبه التام للمراقبة من طرف رجال الأمن الذين يبدو أنهم عجزوا عن التصدي لأمثال هؤلاء. وأضاف (م): «جئت قبل ساعة ولم أر أي رجل أمن ولما سألت أحد الكورتية قال لي إنهم في الطريق خارج المحطة». أجمع كل من اتصلنا بهم من إدارة المحطة الطرقية القامرة ومفتشية الشغل ووزارة التجهيز والنقل أنه لا توجد قوانين تنظم المحطات الطرقية بصفة عامة: وقال: سعيد العوفير مدير محطة القامرة إنه لا توجد قوانين إدارية تنظم المحطة، «كل ما هناك أننا في الطريق إلى إيجاد قانون داخلي يحكم العلاقة داخل الإدارة وليس خارجها». وزاد بالقول «إننا نكتفي بإصدار بيانات أو دوريات لتنظيم قطاع النقل في هذه المؤسسة». الاتجاه نفسه ذهب إليه قسم الدراسات والأنظمة بمديرية سلامة النقل الطرقي، حيث صرحت لنا إحدى المسؤولات أنه لا توجد قوانين تنظيمية، بل المديرية تصدر دوريات وتعليمات في هذا الصدد. في انتظار التنظيم لقد بات من الضروري أن تتجند كل الجهات المعنية لتجاوز حالات الاضطراب وسوء التنظيم التي تعرفها المحطات الطرقية للنقل البري بالمغرب وإصدار قوانين تنظيمية للعاملين بها، خاصة فئة الوسطاء الكورتية وتفعيل دور المراقبة حتى يتم التغلب على أسباب ودواعي حوادث السير التي تكلف 11 مليار درهم من الميزانية العامة للدولة كما صرح بذلك كريم غلاب وزير التجهيز والنقل في برنامج حوار الثلاثاء الماضي. وحتى يتم تشجيع السياحة الداخلية التي تساهم بدورها في تنمية المغرب. عبد الغني المرحاني