هل يجوز قصر الصلاة في التخييم؟ وما هي مدة الإقامة المسموح بها في حالة القصر؟ أما بعد فمن الرخص الشرعية التي يحرص البعض على إحيائها وبعثها قصر الصلاة في السفر والجمع بين الصلوات جمع تقديم أو تأخير وهذا عمل جيد مطلوب فقد أحاط الله سبحانه الصلاة برخص كثيرة حتى لا يحرم من أدائها العبد إلى درجة يمكن أن نقول معها إن مجمل العبادات إما ان يقدر عليها العبد أو تسقط عنه، أما الصلاة فإن كل أعمالها يجوز أن تؤدى بصور متعددة بحسب حالة المصلي ،فلقد يسر الله أداءها وتوعد المضيع لها بأشد العذاب كما في قوله تعالى: فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً (مريم : 59 ) ومما يساعد على المحافظة على الصلاة تعلم ما فيها من الرخص ومن ذلك قصر الصلاة بمعنى صلاة الرباعية ركعتين وقد دل عليه قوله تعالى: وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ الصَّلاَةِ إِنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُواْ لَكُمْ عَدُوّاً مُّبِيناً (النساء : 101 )ومن المسائل المتعلقة بالقصر مدته. وأحب هنا أن أذكر بما أورده القرطبي في المسألة، فقد قال في تفسيره : اختلف العلماء من هذا الباب في مدة الإقامة التي إن نواها المسافر أتم فقال مالك والشافعي والليث بن سعد والطبري وأبو ثور : إن نوى الإقامة أربعة أيام أتم الجامع لأحكام القرآن 3/1557 ، ثم قال بعد عرضه للخلاف الوارد في المسألة : والصحيح ما قاله مالك لحديث ابن الحضرمي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه جعل للمهاجر أن يقيم بمكة بعد قضاء نسكه ثلاثة أيام ثم يصدر. ونقل عن ابن العربي دليلا طريفا في المسألة في غاية الأهمية قال: قال ابن العربي وسمعت بعض أحبار المالكية يقول : إنما كانت الثلاثة أيام خارجة عن حكم الإقامة لأن الله تعالى أرجأ فيها من أنزل الله به العذاب وتيقن الخروج من الدنيا، فقال تعالى: فَقَالَ تَمَتَّعُواْ فِي دَارِكُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ (هود : 65 ) والمشاركون في المخيم إذا طالت مدة إقامتهم فوق ثلاث يكون مما يجب الحرص عليه المحافظة على أداء الصلاة الرباعية تامة من غير قصر والله أعلم.