بدأ الاشتغال ببرنامج مدن بدون صفيح على المستوى الوطني منذ سنة ,2004 ووضع له سنة ,2010 سقفا زمنيا للقضاء نهائيا على مدن الصفيح بالمغرب، كان من المفروض أن تعلن عمالتي فاس ومولاي يعقوب، أقاليم بدون صفيح خلال السنة المنصرمة، انتهت 2010 واستقبلنا ,2011 ولغة الأرقام تكشف أن نسبة الإنجاز بعمالة مولاي يعقوب بلغت 26 في المائة فقط، لماذا تعثر إذا برنامج عمالة مولاي يعقوب بدون صفيح؟ وما حقيقة الاختلالات التي ترصدها الساكنة في تدبير هذا الملف؟ ولماذا طرد العامل السابق لإقليم مولاي يعقوب، ممثلة مكتب للدراسات المكلف بالمواكبة الإجتماعية، باللجنة المختلطة المشرفة على برنامج الإقليم بدون صفيح؟، أسئلة نطرحها خلال هذا الاستطلاع الميداني، ونرصد معاناة مآت الأسر، منهم من أصبحت حياتهم في خطر، وآخرون تقع دورهم الصفيحية فوق برك مائية. لغة الأرقام حدد برنامج ''مدن بدون صفيح'' في البداية، سنة ,2010 سقفا زمنيا للقضاء نهائيا على دور الصفيح، البرنامج انطلق منذ سنة ,2004 وبعدما تجاوزنا سنة ,2010 بدأ الحديث عن تواريخ بديلة لبلوغ هاته الغاية الأولى، وبجهة فاس بولمان، تم إبرام أربعة ''عقد المدن'' لكل من فاسوصفرو وميسرور وإقليم مولاي يعقوب، همت 13196 أسرة، بكلفة مالية تقدر ب1022 مليون درهم، وبينما أعلنت مدينة صفرو بدون صفيح سنة ,2007 كان مرتقبا الإعلان عن كل من فاس وبولمان بدون صفيح، وكذا تفعيل برنامج مولاي يعقوب بدون صفيح، خلال السنة المنصرمة، حسب وثيقة الأطلس الجهوي، لحصيلة إنجازات الإسكان والتعمير والتنمية المجالية لسنة ,2009 وتوقعات 2010 لجهة فاس بولمان، وهو ما لم يتحقق لحد الساعة، بينما تضمن برنامج عمل النصف الثاني من سنة ,2010 إنهاء العمليات التي في طور الإنجاز، من إعادة الإسكان والإيواء، وفتح ورش جديد بالقطب الحضري رأس الماء، ويسعى برنامج إقليم مولاي يعقوب بدون صفيح، إلى تحسين ظروف السكن لحوالي 3598 أسرة، تخص بالأساس 450 أسرة بدوار الكيفان، و450 بدوار الكبانية، و1685 بدوار الزليليك، وكشفت المعطيات التي حصلت ''التجديد'' عليها، بخصوص سير عمل برنامج إعادة الإيواء والتأهيل والإسكان بعمالة مولاي يعقوب، إلى حدود يوم الإثنين 10 يناير الحالي، -كشفت- تعثرا كبيرا على المستوى الإجرائي، إذ لم تتجاوز نسبة التنفيذ بالنسبة لدوار الزليليك نصف نقطة في المائة، ثم ثلاثون في المائة بدوار الكبانية، وسبعون بالمائة بدوار الكيفان، بينما لم تعالج أي وحدة بخصوص 14 جيب صفيحي على مستوى الإقليم، يضم 533 أسرة، أما النسبة العامة لتقدم البرنامج، والمتعلق بإعادة الإسكان والإيواء وإعادة الهيكلة، فبلغت حوالي 26 في المائة، إذ تمت تسوية 938 حالة من أصل 3598 حالة تم إحصائها منذ عدة سنوات. اليوم، ومع توالي السنوات، بدأ يبرز جيل جديد داخل الأحياء الصفيحية، أصبح يعبر عن احتياجات تتشابه مع مطالب الجيل الأول، أي الحصول على السكن اللائق، غير أنه يتميز عنه من حيث مطالبته بالاستقلال عن الآباء، وهو ما طرح إشكالا تمثل في تضاعف عدد ''البراريك''، وضع يراه السكان استغل في اتجاه ''استفادة عدد من المضاربين، بينهم رجال سلطة ومنتخبون''، فتزايد عدد ''البراريك'' التي استغلت فيها النفوذ، في الوقت التي لم تحرك فيه الجهات المختصة ساكنا أمام التزايد اليومي لدور الصفيح، وذلك على حساب الجيل الجديد، من الأبناء الذي تربوا في تلك الأحياء الصفيحية، وتزوجوا وكونوا أسرا جديدة، ويتحدث بعض المسؤولين عن وجود نحو 3000 منزل صفيحي بدوار الزليليك مثلا، وهو ما يعادل ضعف الرقم الذي يتوفر عليه الإحصاء الأولي ''.''1685 ''براريك'' فوق الماء جولة ميدانية بعدد من الأحياء الصفيحية التي توجد بعمالة مولاي يعقوب، تكشف حجم المعاناة التي تعترض مآت الأسر، معاناة تزداد مع حلول فصل الشتاء، ''عبد الحق'' من دوار الكيفان، يقطن في بيت لا يتجاوز أربعة أمتار مربعة، هو وزوجته وثلاث أبناءه، يقول أنه يشتغل في البناء، ولم يتمكن لحد الساعة من الاستفادة من برنامج إعادة الإيواء، بينما تحدثت السيدة العبودي فاطمة، ذو السبعون سنة، ولها ثلاث أبناء، عن ضغوطات تتعرض لها من أجل أن تستفيد من بقعة واحدة، لا تتعدى ستون مترا مربعا، رفقة ابن آخر لها متزوج وله ثلاث أبناء، تقول السيدة أنها تطالب بأن تستفيد لوحدها، وهي التي لا تملك ثمن بناء البقعة الأرضية، إذ تلجأ أغلب الأسر إلى بيع الطابق الأول أو الثاني، -حتى قبل بناءه-، لكي تتمكن من توفير ثمن البناء، من جهة أخرى، تحدث الناجم عبد الإلاه، عن معاناة استمرت لأزيد من 14 السنة، إذ أقدم هذا الشاب على بناء محل للحلاقة سنة 1996 بدوار الكيفان، ومنذ ذلك الوقت وهو يستغله وتم إدراجه في الإحصاء الذي أنجزته السلطات المحلية، حسب قوله، قبل أن يتفاجئ مؤخرا بإقصائه والامتناع عن تسليم والده رخصة البناء وتصميم القطعة، بعد إقدامه على هدم ''براكته'' المتواجد على بعد 500 متر من محل الحلاقة، كوسيلة للضغط عليه لإرغام ابنه الحلاق على الهدم دون الاستفادة، ليضطر الأب إلى كراء محل يأويه رفقة زوجته وأبنائه الأربع، في انتظار أن تفرج له السلطة المختصة عن وثائقه. إذا كان هذا هو وضع دوار الكيفان الذي انطلقت به عملية إعادة الإيواء منذ أشهر، فإن حال دوار ''مشرع كريم'' أكثر مأساوية، وهو الذي يعتبر جزء من حوالي 14 جيب صفيحي على المستوى الإقليم، ويقع بجماعة سبع رواضي، زيارتنا لهاته المنطقة، قادتنا إلى اكتشاف وجود جزء كبير منها فوق برك مائية، إذ يضطر عدد من الساكنة إلى استعمال ممرات خشبية تربطهم بمساكنهم، بينما يضطر أغلبهم إلى الانتقال إلى الطوابق العليا، بعدما غمرت المياه الطوابق السفلى، بالمقابل، أقدم عدد منهم على بناء دور صفيحية جديدة بعيدا عن جنبات الواد، حيث تتواجد مساكنهم الأصلية التي غمرتها المياه، ويعتبر عدد من الساكنة الذين التقيناهم بعين المكان، أن ما تتعرض له منازلهم بدوار ''مشرع كريم''، من غرق، يأتي ''نتيجة لفيضانات واد الجواهر، وما رافقها من أشغال لإحداث ما يعرف بالشاطئ الاصطناعي بوسط مدينة فاس''، وأجبرت هذه العائلات على السكن في ''براريك'' تفتقر للحد الأدنى من الكرامة الإنسانية، ومنعتها السلطات من إعادة بناء مساكنها بمبرر الحد من تنامي البناء العشوائي. تعثر واختلالات تحدث سكان دوار الكيفان في رسالة وجهوها يوم 16 دجنبر الماضي، إلى كل من عامل عمالة إقليم مولاي يعقوب، ورئيس مجلس مدينة فاس، تحدثوا فيها عن استفادة مواطنين لا يقيمون بالمنطقة، ولا بمدينة فاس، ''منهم من قدم من مدينة مكناس ومن مناطق أخرى بتواطئ مع السلطات بالمنطقة''، تقول الرسالة، التي تحدثت أيضا عن تسجيل عائلتين في قطعة واحدة من طرف لجنة الإحصاء، وتطالب الساكنة باتخاذ إجراءات زجرية في حق حالات التجاوز التي يتم ضبطها، ومن بينها حالة الشخص ''و-خ'' من دوار الكيفان، فتح دكان بعد الإحصاء واستفاد من بقع تجارية، بينما منع المسمى ''الزعيم عبد السلام'' من الاستفادة من البقع التجارية، بالرغم من أنه يتوفر على وثيقة تنازل، حصلت ''التجديد'' على نسخة منها، تثبت أنه يستغل المحل المتنازل عنه للسكن، ويضم دكانا للتجارة!!، كما تآخذ الساكنة على السلطات المحلية، تسهيل استفادة عدد من أعوان السلطة من بقع أرضية بالرغم من انتفاء الشروق القانونية للاستفادة، وفي مقدمتها حالة عون برتبة ''شيخ''، والذي حصل على ''براكة'' قبل أقل من سنتين، ولم يقطن بها يوما واحدا، حسب الساكنة ل''التجديد'' . أما محمد فيتحدث عن حالة أخرى للمسمى''س.م''، حيث استفاد من بقعة تجارية، ولم تكن عنده التجارة من قبل، بل أكثر من ذلك سبق له أن استفاد من تجزئة الوحدة ببنسودة سنة 1991!!. من جهة أخرى، تحدثت مصادر ل''التجديد''، أن اللجنة التي تشرف على برنامج مولاي يعقوب بدون صفيح، تعتمد على لوائح إحصاء، أنجزها المقدمون والشيوخ، بتنسيق مع أحد المنتخبين الذي يتمتع بصفة عضو في اللجنة المذكورة، وهو ما يعتبره السكان يفتقد للمصداقية والشفافية في تدبير هذا الملف، إحدى هاته اللوائح التي تخص دوار الكبانية وحصلت ''التجديد'' على نسخة منها، كتبت بخط اليد من طرف أحد المقدمين، وفي دفتر من الحجم الصغير، في الوقت الذي يلاحظ فيه، وجود رقمين في اسم واحد، وهو ما يسمح للشخص بالاستفادة من أحد الأرقام، والتنازل عن الرقم الآخر مقابل مبلغ مالي، وعلاقة بموضوع الاختلالات دائما، يتهم سكان دوار الكيفان، مسؤولا في السلطة المحلية بغض الطرف عن إحداث ''براريك'' جديدة، كما تحدثت مصادر ''التجديد''، عن وجود اختلالات كبيرة في تدبير الملف من طرف شركة العمران، من بينها اختفاء نحو 100 شهادة للتسلم، من ملفات المستفيدين من البقع الأرضية، والذين تسلموا وثائق بقعهم، إلا أن النسخ ال100 من شهادة التسلم اختفت من ملفاتهم بإدارة العمران، لأسباب مجهولة. وبحثا عن حقيقة هاته الاختلالات، استفسرنا السيد الشريف الكتاني ممثل العمران في اللجنة المشرفة على البرنامج في الإقليم، إلا أنه رفض الإدلاء بأي تصريح ل''التجديد''، وأحالنا على السيد محمد بنجلون بصفته نائبا للمدير العام لشركة العمران بفاس، وتعذر علينا أخذ وجهة نظره في الموضوع، بسبب تواجده لأكثر من مرة خارج مكتبه الإداري. بالمقابل، كان للسيد حميد الرايس، مندوب وزارة الإسكان والتعمير والتنمية المجالية، رأي آخر، وذهب الرايس في تصريح ل''التجديد'' إلى أن برنامج مولاي يعقوب بدون صفيح، يشهد تدبيرا شفافا ونزيها، وردا على تساؤل ''التجديد'' حول حقيقة ما يراج من تفشي للرشوة واستغلال سياسي لتدبير الملف، ونقص على مستوى إجراءات المراقبة وزجر المخالفات، اعتبر المتحدث أنه ''حسب علمه''، لا وجود للرشوة واستغلال النفوذ على مستوى رجال السلطة، ونفى علمه بأي اختلاسات أو تلاعبات في تدبير الملف، وتحدث عن عقوبات تعرض لها عدد من رجال السلطة ثبتت تلاعبات في حقهم، بينما أقر بوجود تجاذبات سياسية تؤثر على تنفيذ البرنامج، وهو ما ذهب إليه عدد من الساكنة، إذ اعتبروا أن التجمعات الصفيحية، ''تشكل مجالا خصبا لاستقطاب أصوات الناخبين، فتكثر التدخلات لدى السلطات المحلية لفائدة فئة على حساب أخرى''، كما تحدث الرايس، عن تعثر في بعض المناطق، اعتبره ''نتيجة طبيعية للمضاربات التي تشهدها الأحياء الصفيحية''، وحمل المسؤولية فيها لقاطني دور الصفيح، واعتبر الرايس، أن الإعلان عن مولاي يعقوب بدون صفيح تم إرجاءه إلى ,2011 ويجزم أن هناك شروط يتم اعتمادها تتمثل أساسا في ''البراكة لقاطنيها''، و''بقعة لكل براكة''. هاته الاختلالات، وغيرها، كشفت عنها أيضا، رسالة وجهتها ''منار بودراع''، ممثلة مكتب للدراسات مكلف بالمواكبة الاجتماعية في لجنة الإشراف على برنامج مولاي يعقوب بدون صفيح، والتي تعرضت للطرد، طرد اعتبره مندوب الإسكان، ''تحمل فيه المسؤولية عامل مولاي يعقوب السابق، بعدما تبين له أن ممثلة مكتب الدراسات المذكور، تسرب بعض معطيات اللجنة التي تشرف على البرنامج''. تظلم إلى الديوان الملكي ''منار بودراع''، فجرت قنبلة من العيار الثقيل، منار ظلت توقع على عدد من الوثائق كعضو في اللجنة المكلفة بتتبع برنامج مولاي يعقوب بدون صفيح، بصفتها ممثلة لمكتب الدراسات ''بانيكس''، المكلف بالمواكبة الإجتماعية للمستفيدين من البرنامج، لتجد نفسها بعد سنة مطرودة من عملها بقرار من العامل السابق محمد أنيس، ''منار بودراع'' وجهت رسالة إلى الديوان الملكي، عنونتها بتقرير حول التجاوزات الحاصلة برأس الماء، بفاس، ''دوار الكيفان والكبانية''، وتتحدث أنها اشتغلت بالمكتب المذكور منذ ,2009-9-29 ولمدة سنة، قبل أن تتم تنحيتها بعدما ''لاحظت خروقات وتجاوزات للمهام التي يقوم بها أعضاء اللجنة''، تقول الرسالة التي حصلت ''التجديد'' على نسخة منها، وتحدثت عن تحويلها بعد ذلك إلى المديرية الجهوية لشركة العمران، واشتغلت بها لمدة شهر، قبل أن يتم إيقافها نهائيا، وأوردت الرسالة أسماء عشرين مستفيدا على حساب دوار الكيفان، بالرغم من أنهم لا يقيمون بالمنطقة، حيث أوردت أيضا مدن أو أحياء إقامتهم الأصلية، وأغلبهم من حي بنسودة والمسيرة بفاس، ومن مدينة مكناس والدار البيضاء والحسيمة، كما تحدثت ذات الرسالة عن حالة ''م.ر'' الذي كان موقوفا من طرف اللجنة، لكونه يملك أرض مسجلة بالمحافظة العقارية بمدينة فاس، وذلك منذ منتصف شهر يوليوز الماضي، ليتم بعده التراجع عن القرار، تضيف الرسالة، ''بعد تدخلات جهات'' لم تذكرها. عامل جديد ووعود جديدة بعد تعيين العامل الجديد عل إقليم مولاي يعقوب، استبشر سكان الدواوير الصفيحية خيرا، وتشبثوا بالأمل في أن تجد ملفاتهم طريقا للحل، وهو ما تعزز أكثر بعدما أعرب عامل إقليم مولاي يعقوب عن عزمه تقديم جل رجال السلطة، أو المعنيين ببرنامج عقدة عمالة مولاي يعقوب بدون صفيح للقضاء، إن ثبت تورطهم في اختلاسات أو سوء تدبير في ملف إعادة إيواء قاطني دور الصفيح بالعمالة، والتزم العامل الجديد بالعمل على إحداث لجنة مستقلة للإشراف على عمليات الفرز والقرعة، إذ تبقى هاته العملية محط تشكيك من طرف المستفيدين، وتقتصر اللجنة على وضع ضعف عدد البقع التي ستوزع خلال كل مرحلة، رهن إشارة المجموعة المعنية بالاستفادة، لتظل شروط وآلية اختيار تلك البقع، غير واضحة بالنسبة للساكنة، التي تطالب بوضع جل البقع المتوفر، رهن إشارة المستفيدين، خلال كل عملية إجراء القرعة، اللقاء الذي جمع عامل الإقليم الذي تم تنصيبه قبل أسابيع، بممثلين عن أسر الأحياء الصفيحية المعنية، عقب انفلاتات أمنية شهدها دوار الزليليك، بعد شروع السلطة المحلية في هدم بعض البراريك، -اللقاء- حضره العامل لوحده، مما اعتبر من طرف الساكنة، مؤشرا على القطع مع الممارسات السابقة للمسؤولين عن الملف المذكور، وأكد مصدر حضر اللقاء، في تصريح ل''التجديد''، أن العامل التزم أيضا بتمكين قاطني دور الصفيح من شواهد الولادة والوفاة، بالرغم من عدم وجودهم ضمن الإحصاء السابق، وذلك إلى حين البث في ملفاتهم، بالإضافة إلى وضع حد لقرارات القائد الذي ظل يمنع أي محاولة لإنشاء جمعيات بالأحياء الصفيحية المذكورة.