تؤكد احتفالات المغاربة بعيد الأضحى كيف يمكن للمبالغة والتكلف في أعراف المجتمع أن تخرج الشعائر الدينية من يسرها الديني إلى أشكال من العسر الاجتماعي الذي يرهق الناس بتحميلهم ما لا يطيقون. ولا شك أن عدة عوامل ساهمت في تكريس صورة نمطية حول العيد تحول في إطارها إلى فريضة اجتماعية على كل الناس بعد أن كان في الدين سنة مؤكدة على من استطاع. ولعل أهم هذه العوامل هو الإعلام الذي سوق لقيم الاستهلاك التي أباحت للناس حتى الاقتراض بالربا لشراء أضحية هي في الدين قربان يقدمونه إلى الله يوم العيد! إن الاختلالات الناتجة عن الصورة النمطية التي تشكلت حول العيد لا تقتصر على التكلف في شراء الأضحية فقط، بل تجاوزته إلى تراجع بعض المقاصد الدينية والاجتماعية منه. فتحولت الاعتبارات التعبدية في شراء الأضحية إلى اعتبارات اجتماعية قد يكون التباهي أحد محركات التكلف فيها. وتراجعت الصدقة والهدية من لحم العيد لصالح التخزين على مدى يقارب السنة... ورغم أن بعض المقاصد حافظت على حضورها القوي في العيد من مثل صلة الرحم والتزاور و الفرح ... إلا أن اختلالات تسللت إلى هذا الجانب بسبب تفاقم عادة شرب الخمر في يوم العيد في بعض الأوساط. كما تحولت بعض أشكال الاحتفال إلى مناسبات لارتكاب مخالفات قد تصل إلى الاعتداء على الحقوق كما هو الشأن في بعض التظاهرات الشعبية مثل ''بوجلود'' في الجنوب وغيره. ولعل أكبر القيم التي حافظت على وجودها وازدادت قوة مع الأيام هي قيم التضامن، حيث تنشط أعمال الإحسان الفردية والجماعية قبل العيد في شراء الأضاحي للأسر المعوزة، وأثناء العيد في توزيع لحوم الأضاحي وزيارة المرضى ونزلاء المؤسسات الاجتماعية المختلفة... ومساهمة في ترشيد الاحتفال بعيد الأضحى، اختارت ''التجديد'' تخصيص ملف هذا الأسبوع لعيد الأضحى في مختلف جوانبه الدينية والاجتماعية والصحية تعميما للفائدة ومساهمة تغيير الصورة النمطية الاستهلاكية حول هذا العيد الذي يعتبره المغاربة ''العيد الكبير''.