الخط : إستمع للمقال ينتظر الرأي العام في مدينة أصيلة بفارغ الصبر مآل الرسالة التي بعث بها رئيس المجلس الجماعي الراحل محمد بن عيسى ووزير الخارجية الأسبق، إلى سلطات ولاية جهة طنجة -تطوان – الحسيمة، وهي الرسالة التي تخص النائب الثاني لرئيس المجلس، الذي سحب منه بن عيسى تفويض المسؤولية عن قطاع التعمير بعد اكتشافه أنه اقترف اختلالات قد تقود المعني بالأمر مباشرة إلى القضاء، وما يتبع ذلك من عزل من مهامه البلدية. وزادت تخوفات الشارع الزيلاشي وقلقه بعد تأخر الجهات المعنية في اتخاذ خطوة حاسمة بشأن البت في رسالة الراحل بن عيسى، وتحويلها إلى القضاء ليقوم بمهامه. لقد ارتفعت درجة التخوف هذه بعد أن حاول النائب الثاني لرئيس المجلس حتى قبل أن يوارى جثمان الراحل بن عيسى الثرى الضغط بكل الوسائل على مجموعة من أعضاء المجلس الجماعي للتوقيع على عريضة يؤكدون فيها أنهم يدعمون ترشيحه لرئاسة المجلس الجماعي. وقبل أن يوارى جثمان الراحل بن عيسى الثرى، أعد نائب الرئيس مكتبا افتراضيا لمجلس جماعة أصيلة، فيه المضحك والمبكي، وقدمه لحزب "الأصالة والمعاصرة"، وهو ما أثار استياء كبيرا بالمدينة، التي يرى الغيورون عليها أن مكانه ليس هو كرسي الرئاسة بل مكانا آخر. وكان بن عيسى قد قال في رسالته إلى سلطات الجهة، إنه لاحظ اختلالات كثيرة في مجال التعمير بجماعة أصيلة، الأمر الذي دفعه إلى سحب التفويض الذي سبق أن منحه لنائبه الثاني بموجب قرار رئيس مجلس الجماعة عدد 489 بتاريخ 4 أكتوبر 2021. وكشف بن عيسى أنه توصل أخيرا إلى بعض التفاصيل التي تتعلق باختلالات يعتقد أنها قد تكون خطيرة وذات مردود سيء على الإدارة وعلى الجماعة، قام بها النائب الثاني المكلف بالتعمير. ومن بين الاختلالات التي ذكرها الراحل بن عيسى، أن المعني بالأمر كان يتجاوز اختصاصات التفويض الممنوح له بالبت والتوقيع في مواضيع لا تدخل في مجال اختصاصه وإنما تبقى من اختصاصات رئيس مجلس الجماعة، وهو ما اعتبره بن عيسى تعديا واضحا على اختصاصاته كرئيس للجماعة، وخيانة للأمانة، وانتحالا للصفة، وتزويرا في وثائق رسمية، وهو الأمر الذي يثير الشك في صدقية التراخيص الممنوحة والموقعة من طرف النائب الثاني. هذا بالإضافة إلى كون بعض هذه التراخيص التي كان لازما أن يوقعها رئيس الجماعة، تهم مشاريع خاصة للنائب الثاني مما يشير إلى تضارب واضح للمصالح، فضلا عن توقيعه على عشرات الشهادات الإدارية المتعلقة بإيصال الماء والكهرباء. وعبّر بن عيسى في رسالته عن أمله في أن تباشر سلطات الولاية باتخاذ اللازم سواء على مستوى الإدارة أو على مستوى القضاء لاعتقاده الراسخ أن هذا الموضوع إذا لم يتابع بطريقة صارمة قد تكون له عواقب خطيرة على جماعة أصيلة وعلى المجالس القادمة. يذكر أن بن عيسى زوّد سلطات الولاية بالوثائق التي تؤكد حصول تلك الاختلالات. ولا يعرف، حتى الآن، موقف حزب "الأصالة والمعاصرة"، على المستوى المركزي، أو على مستوى الجهة. خاصة أن النائب الثاني الطامح للرئاسة زعم في البداية أن الحزب يقف معه، وأنه التقى بعض وزراء الحزب وحصل على مباركتهم له. لكن الأخبار الرائجة في أصيلة تقول إن ما يروج له الطامح للرئاسة ما هي إلا حرب نفسية وإعلامية يقوم بها المعني للحفاظ على مواقف بعض الأعضاء الذين تعرضوا لإغراءات وضغوطات. هذا مع العلم أن أغلبية أعضاء القيادة الجهوية للحزب تقف ضد ترشيحه لرئاسة مجلس جماعة أصيلة، وأنه لا يحظى بدعم سوى من النائب البرلماني عادل الدفوف الذي لا يسمع له صوت في طنجة ولكنه شرب هذه الأيام حليب السباع وحشر أنفه في شأن أصيلة، وهناك أيضا دعم النائب الوزاني العربي المحرشي، وذلك حسب ما أفاد مصدر مطلع في طنجة ل"برلمان.كوم ". ويأمل الزيلاشيون من حزب الأصالة والمعاصرة أن يدخل التاريخ، وألا يقع في المحظور، وألا يسير بخطى ثابتة نحو اقتراف خطأ العمر، أي مساهمته في تدمير مشروع أصيلة الذي بناه بالعرق والصبر على امتداد حوالي نصف قرن الراحل محمد بن عيسى عضو مكتبه السياسي السابق، بصفته رئيسا لجماعة أصيلة وأمينا عاما لمؤسسة منتدى أصيلة. ويتوقع المراقبون في أصيلة أن هذا التدمير إذا ما تم فسيكون باسم الديمقراطية والتوافقات. والحقيقة أن الوضع في أصيلة لا يتطلب توافقات بقدر ما يتطلب حسما حزبيا صارما أي التخلص من الخلايا المضرة، خاصة وأن قيادة الحزب وطنيا وجهويا، ومعها السلطات تعرف معدن الشخص الذي يريد أن يصبح رئيسا لجماعة المدينة خلفا لمحمد بن عيسى. يذكر أن الطامح للرئاسة حاول أن يوهم اعضاء المجلس بأن الرئيس الراحل تعرض وهو تحت وطأة المرض لضغط من بعض المقربين منه حتى يوجه تلك الرسالة إلى السلطات، ونسي الشخص ذاته الفضيحة التي اقترفها قبل مرض الرئيس بأشهر، والمتمثلة في تفويت ست قطع أرضية لمستثمر إسباني يسود اعتقاد كبير بأنه شريكه، وهو ما اكتشفه الرئيس في منتصف شتنبر الماضي ووجه بشأنه رسالة إلى رئيس المكتب الجهوي للاستثمار في طنجة تحت إشراف والي الجهة، وهو المكتب الذي كان يرأسه السيد جلال بن حيون الذي عين لاحقا عاملا على إقليم النواصر . هذا دون أن نذكر قصص مجموعة من التجزئات السكنية ضمنها تجزئة " أمواج" وهي لوحدها تكفي أن تقوده للعزل. لقد طلب الراحل بن عيسى في رسالته إلغاء هذا التفويت، وعزا طلب الإلغاء إلى جوانب أخلاقية لا تتماشى مع مبدأ التنافسية وعدم الاحتكار ، إلى جانب كون ذلك التفويت ارتبط بعلاقات نفعية، تثير كثيرا من الشبهات . وشدّد الراحل بن عيسى في رسالته أنه قرر رفض طلب شركة "Kaye aluminium" الحصول على القطع الست التي جرى تفويتها لها، والتي تبلغ مساحتها مجموعة أكثر من16 ألف متر مربع. ونتج عن ذلك توقيف تفويت تلك القطع، وجرى تعيين شخص جديد لتمثيل جماعة أصيلة في اجتماعات اللجنة الجهوية الموحدة للاستثمار بدلا من النائب الثاني لرئيس المجلس. في سياق ذلك، ذكر مقربون من الراحل بن عيسى ل" برلمان. كوم "، أنه أبلغهم قبل وفاته تبرؤه من نائبه الثاني في الدنيا والآخرة، ومات وفي قلبه غصة لأنه ناضل على امتداد عقود عدة من أجل حماية المدينة والكفاح من أجل رقيها، ليأتي في الأخير من يعبث ويضرب كل ما بناه بعرض الحائط. والغريب أن النائب الثاني، حسب كثيرين تابعوا مراسم الجنازة، تملك من الجرأة ما جعل وجهه يصل إلى قفاه، إذ سارع إلى التسابق ليكون مستقبلا للوالي لدى وصوله إلى مكان انطلاق الجنازة، ووقف مصليا إلى جانب أعضاء الحكومة المشاركين في وداع بن عيسى الأخير، وذلك وسط استهجان واسع لسكان المدينة. الملاحظ أنه في الوقت الذي تقوم به الدولة بالضرب بيد من حديد لكل المفسدين في القطاعات الحكومية والجماعية في جميع أنحاء البلاد، يستغرب الرأي العام الزيلاشي عن الحكمة وراء البطء أو بالأحرى برودة التعامل مع هذا الملف المليء بالاختلالات التي نبّه الراحل إليها. والغريب أيضا أن النائب الثاني حسم في الأمر بالقول لحوارييه أنه تلقى اتصالاً من الولاية عقب تلقيها رسالة رئيس الجماعة الراحل مفاده: " لا تأبه بأمر رسالة بن عيسى. فلا خوف عليك منها". إن حزب الأصالة والمعاصرة أيضا مسؤول مسؤلية كبرى أمام الله وأمام التاريخ، عن مآل هذه المدينة التي شغلت الناس في كل أنحاء العالم وأصقاعه، فأصيلة تستحق رئيسا أحسن من المنتظر. والأولى بالحزب أن يعبد طريق الاستمرارية لأن هناك مشاريع مهمة في المدينة توجد في طور الإنجاز، كما أنه ما زال أمام موعد الانتخابات البلدية المقبلة حوالي سنتين وبالتالي يتمنى الزيلاشيون أن يفهم الحزب جيدا وضعية أصيلة ورمزيتها. إن أصيلة كما كتب أحد أبنائها أخيرا "وصلت إلى مفترق طرق... فإما أن تكون وإما لا تكون. واستمراريتها مسؤولية جماعية تتطلب عناية استثنائية من الدولة، حفاظاً على روح المدينة وإشعاعها الذي امتد إلى مختلف الآفاق، وأيضاً حمايةً للصورة التي قدمتها في الخارج عن المغرب المنفتح والمتعدد والواعد". ولعل أعضاء المجلس البلدي المنتمون لحزب الأصالة والمعاصرة يتحملون أيضا مسؤولية كبرى أمام الله وأمام التاريخ للحفاظ على الصورة الزاهية لمدينتهم، فالأماني في أصيلة كثيرة بأن لا يكتفي هؤلاء الأعضاء فقط بالنظر إلى أرنبة أنوفهم، بل يجب أن يعوا بتداعيات مواقف بعضهم على آفاق المستقبل. فالتاريخ لن يرحمهم إذا ما رموا مدينتهم ب"ثالثة الأثافي" أي بالشر كله، والمؤمل أن يرجعوا إلى ضمائرهم ويفكروا مليا في الأمر، ويتذكروا تراث الراحل بن عيسى الذي جمعهم وصادقهم ورعاهم قبل أن يتخدوا أي قرار غير محسوب يذهب بالمدينة نحو المجهول وخيبة الأمل. الوسوم أصيلة أمين عام مؤسسة منتدى أصيلةالجزائر المغرب فرنسا محمد بنعيسى