احتفاءً باليوم العربي للشعر الذي تم إقراره منذ عام 2015، ومشاركته باليوم العالمي للشعر (21 مارس من كل عام)، الذي أقرّته منظمة اليونسكو، اختارت المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الألكسو) الشاعر المغربي محمد بنيس، لتكريمه اعترافاً بعطائه الأدبي ومكانته المتميزة في المشهد الشعري العربي والدولي، ويأتي هذا تكريم هذا الشاعر المغربي، إلى جانب قامات شعرية وثقافية عربية، في إطار التذكير المستمر بالدور المحوري للشعر في ترسيخ القيم الإنسانية وتعزيز روح التعايش والإخاء بين الشعوب، وذلك ضمن جهود المنظمة في دعم الإبداع الأدبي وتسليط الضوء على رموزه البارزة. ويُعد محمد بنيس أحد أبرز الأصوات الشعرية المغربية التي ساهمت في تطوير الشعر العربي الحديث، إذ استطاع من خلال أعماله أن يرسخ حضور الشعر المغربي في الساحة الأدبية العربية والعالمية، وقد تميزت تجربته الشعرية بأسلوبها التجديدي الذي يجمع بين العمق الفلسفي والجماليات الإبداعية، مما جعل منجزه الشعري يحظى بتقدير واسع في الأوساط النقدية والأدبية، حيث تتجلى مبادرات «الألكسو» من باب تشجيع التواصل بين شعراء الوطن العربي ونظرائهم حول العالم، فيما يمثل الحدث مناسبة لترسيخ القيم الإبداعية والجمالية للشعر في مواجهة التحديات الثقافية التي يشهدها العصر. قدم محمد بنيس إسهامات متميزة في مجال الشعر والنقد والترجمة على مدى عقود، حيث أثرى المكتبة العربية والعالمية بما يقرب من 50 كتابا، توزعت بين الدواوين الشعرية والمقالات والدراسات والترجمات، مما جعله شخصية بارزة في المشهد الأدبي والثقافي، ومنذ بداياته، أظهر بنيس اهتماما عميقًا بتطوير الشعر العربي، حيث نشر تسعة عشر ديوانا شعريا، تنوعت بين التأملات الوجودية والتجريب الفني، وساهم في ترسيخ الحداثة الشعرية في المغرب والعالم العربي، لم تقتصر أعماله على النشر المحلي، بل وصلت إلى الصحافة الأدبية الدولية، حيث نُشرت نصوصه في أوربا وأمريكا واليابان، كما شارك في العديد من الأنطولوجيات الشعرية العالمية. ومع بداية عام 1995، بدأ بنيس ترجمته أعماله إلى لغات عدة، منها الفرنسية والإيطالية والإسبانية والتركية والألمانية، فيما عُرف بعلاقته الوثيقة بالفنون التشكيلية، حيث قدم أعمالًا شعرية-فنية مشتركة مع رسامين، وجمع بين الكلمة والصورة في كتب ولوحات وحقائب فنية عرضت في عدة دول، من بينها المغرب وفرنسا واليابان والولايات المتحدة، كما كتب عن الفنون التشكيلية، مؤكدا على التفاعل بين الفنون المختلفة وإمكانات التعبير المتعددة، ولم تقتصر إسهاماته على الإبداع والبحث، بل امتدت إلى الترجمة، حيث نقل إلى العربية أعمالًا لأبرز الكتاب والشعراء العالميين، من بينهم ستيفان ملارميه وبرنار نويل وعبد الوهاب المؤدب وميشيل دوغي. على مدار مسيرته، حصد بنيس العديد من الجوائز والتكريمات التي تعكس مكانته المرموقة في المشهد الثقافي العربي والدولي. فقد حصل على جائزة المغرب للكتاب عام 1993، كما نال جوائز مرموقة مثل جائزة كالوبيتزاتي لأدب البحر الأبيض المتوسط في إيطاليا، وجائزة الأطلس الكبير في المغرب، وجائزة العويس في دبي، إضافة إلى جوائز أدبية من فرنسا وتونس وإيطاليا. كما تم توشيحه بوسام فارس الفنون والآداب من الدولة الفرنسية عام 2002، ووسام الثقافة والإبداع والفنون من الرئيس الفلسطيني محمود عباس عام 2017، فضلًا عن كونه عضوا شرفيا في الجمعية العالمية للهايكو في طوكيو.