تسلم الشاعر المغربي محمد بنيس، الرئيس السابق ومؤسس "بيت الشعر في المغرب"، الجائزة المغاربية للثقافة يوم الخميس الماضي، من الرئيس التونسي، زين العابدين بن علي، خلال حفل أقيم بمدينة القيروانالتونسية، بمناسبة اختتام برامج الاحتفالات بهذه المدينة العريقة كعاصمة للثقافة الإسلامية لسنة 2009 .الشاعر محمد بنيس في مهرجان للشعر حضر الحفل أعضاء الحكومة التونسية، وكبار رجال الدولة والمدير العام للإيسيسكو، عبد العزيز التويجري، وعدد من سفراء الدول العربية والإسلامية، من بينهم سفير المغرب بتونس، نجيب زروالي وارثي، وحشد من رجالات الفكر والأدب من تونس والبلدان العربية والإسلامية، كما جرى، بالمناسبة، تكريم نخبة من الشخصيات التونسية، التي تميزت في مجال الثقافة والأدب والإعلام. ويشكل حصول الشاعر المغربي محمد بنيس، على هذه الجائزة المغاربية المهمة، تقديرا لعاطاءاته الإبداعية والفكرية، ولما أسداه للثقافة المغاربية على مدى عقود خلت، واعترافا بالإبداع المغربي، لأنه سبق للكاتب والصحافي عبد الكريم غلاب أن حصل على الجائزة نفسها، سنة 2004، بمناسبة اليوم الوطني للثقافة بتونس، لأهمية إنتاجه وإسهامه البارز، أيضا، في خدمة التاريخ والحضارة والفكر في المغرب العربي. والشاعر محمد بنيس، هو واحد من أهم شعراء الحداثة في العالم العربي، من مواليد سنة 1948 بفاس، التي حصل بها على الإجازة في الأدب العربي سنة 1972، قبل أن يرحل إلى الرباط، التي حاز بها على دبلوم الدراسات العليا سنة 1978، ودكتوراه الدولة في موضوع "الشعر العربي الحديث: بنياته وإبدالاتها" سنة 1988 . ويعد محمد بنيس من مؤسسي"بيت الشعر في المغرب"، تولى رئاسته لدورات ثلاث ما بين 1996 و2003، ومن بين ما قام به في هذه الفترة توجيه نداء لليونسكو لإحداث يوم عالمي للشعر، وهو ما استجابت له بإعلانها سنة 1999 يوم 21 مارس يوما عالميا للشعر، إضافة إلى تنظيمه للمهرجان العالمي للشعر، واليوم الوطني للشعر، والدورات الأكاديمية الشعرية، وجائزة الأركانة العالمية للشعر. صدر لمحمد بنيس أزيد من عشرين مؤلفا، بينها اثنا عشر ديوانا شعريا ودراسات عن الشعر المغربي والشعر العربي الحديث، إلى جانب ترجمة أعمال شعرية ودراسات عن الفرنسية، كما كتب عن الفنون التشكيلية وأنجز أعمالا مشتركة، في شكل لوحات وكتب وحقائب فنية، مع رسامين من بلدان عربية وغربية. وبنيس، الذي ترجمت مجموعة من قصائده وأعماله إلى العديد من اللغات، حائز على جوائز عدة، منها جائزة المغرب الكبرى للكتاب سنة 1993عن ديوانه "هبة الفراغ"، وجائزة الأطلس الكبرى للترجمة إلى الفرنسية سنة 2000، عن ديوانه "نهر بين جنازتين"، وجائزة كالوبيتزاتي الإيطالية للأدب المتوسطي سنة 2006، وجائزة العويس للشعر سنة 2007. يعد الشاعر محمد بنيس أحد مؤسسي الثقافة المغربية الحديثة، دراسة وتحليلا وإبداعا، شارك منذ سبعينيات القرن الماضي في تأسيس الفعل الثقافي بالمغرب، وترسيخ فكر الاختلاف فاتحا للمغرب أفقا معرفيا جديدا. راهن منذ البداية على السؤال الثقافي المغربي، منذ مجلة "الثقافة الجديدة"، التي تعرضت للمنع سنة 1984، بعدما راكمت على مدى عشر سنوات تجربة مهمة في الثقافة المغربية، وأبرزت مجموعة من الأقلام المغربية، وتجربته مع اتحاد كتاب المغرب، ومناهضته لتبعية الثقافي للحزبي، وإصداره بيانه الشهير"بيان الكتابة" سنة 1980، معلنا انسحابه من هذه المؤسسة حرصا على استقلاليته وعلى بحثه عن آفاق جديدة للاشتغال على السؤال الثقافي بالمغرب. بعدها أسس "دار توبقال للنشر" مع مجموعة من الأصدقاء سنة 1985، وراهن فيها على الكتاب الإبداعي والشعري بالخصوص، ثم أقدم سنة 1996 على تأسيس تجربة متفردة بالمغرب تمثلت في "بيت الشعر في المغرب"، ومعها لحظات ثقافية مغربية وعالمية جميلة، على رأسها اليوم العالمي للشعر، والمهرجان العالمي للشعر، وغيرها من اللحظات، التي خفت بريقها بعد تخليه عن رئاسة البيت، وإعطاء الفرصة للآخرين لمنح نفس جديد للبيت، وهو ما لم يتأت للبيت بعده، فتراجعت أنشطته، وجرى إقصاؤه وتهميشه وتبرير غيابه بمختلف الأعذار، التي أبطلها في رسالته المفتوحة، التي وجهها للرئيس الحالي لبيت الشعر في المغرب، الشاعر نجيب خداري، ليستفسره عن الجحود والنكران اللذين مساه، وهي الرسالة التي رد عليها "بيت الشعر في المغرب" بشكل متأخر، لتخلق جدلا في الأوساط الثقافية المغربية، حول ما يشهده الواقع الثقافي بالمغرب والجمعيات الثقافية بالخصوص.