تكثر المشاجرات بين الأزواج وبين بعض أفراد الأسرة خلال شهر رمضان. وفي هذا السياق، تستحضر الأخصائية النفسية والباحثة في علم النفس الاجتماعي، بشرى المرابطي، العوامل النفسية والسوسيولوجية التي تقف وراء ارتفاع حدة التوتر بين جميع مكونات الأسرة المغربية، كما تقترح سبلًا لتجنبها. ترى الأخصائية المرابطي، في تصريح ل رسالة 24، أن الأسباب التي تشعل الخلافات وتزيد من حدة القلق والضغط بين الأزواج أو داخل الأسر في شهر رمضان تنقسم إلى نوعين: إجهاد مادي وآخر بدني. فالإجهاد المادي يرتبط بالارتفاع الكبير في أسعار المواد الغذائية، إلى جانب حرص العديد من العائلات على تبادل الولائم الرمضانية، التي تتطلب ميزانية إضافية، مما يؤدي إلى توترات داخل الأسرة. وتوضح الأخصائية أن الخلافات قد تشتد بين الزوجين حول أولوية استضافة أفراد العائلتين، الأمر الذي قد يفاقم التوترات خلال هذا الشهر. كما أن التجمعات العائلية قد تؤدي إلى استعادة مشاكل قديمة أو إثارة مواضيع غير مرحب بها، بالإضافة إلى الحساسية تجاه انتقاد الأطفال أو كشف أسرار شخصية محرجة. أما الإجهاد البدني، فيرتبط بالعادات الغذائية وطريقة تحضير مائدة الإفطار. فالنساء، خصوصًا اللواتي يعملن خارج البيت، يبذلن جهدًا كبيرًا في إعداد وجبات غير معتادة خلال هذا الشهر، مما يضاعف من إرهاقهن. وتضيف المرابطي أن الشكوى من عدم مساعدة الأزواج تتزايد خلال رمضان، حيث إن بعض الرجال لا يشاركون في أعمال المطبخ بل يكتفون بتقديم ملاحظات مستفزة تزيد من توتر الزوجات وإجهادهن نفسيًا وبدنيًا. كما أن التغير في نمط الحياة، مثل السهر وقلة النوم، إضافة إلى تأثير الإدمان على التدخين أو المنبهات، الذي قد يؤدي إلى ارتفاع حدة التوتر والمزاجية العصبية لدى البعض. وتعتبر الأخصائية أن ساعات العمل المبكرة خلال رمضان لا تتلاءم مع التغيرات الفسيولوجية المرتبطة بالصيام. كما أن المرضى الذين يتناولون أدوية، سواء لعلاج أمراض عضوية أو نفسية، قد يعانون من اضطرابات إضافية إذا لم يلتزموا بمواعيد علاجهم، مما ينعكس على استقرارهم النفسي وسلوكهم الاجتماعي. ومن منظور المرابطي، فإن أهم قاعدة يجب العمل بها داخل الأسرة خلال رمضان، أو في غيره، هي مراعاة مشاعر الآخرين وتجنب ما يزعجهم. فالزوجة مطالبة بعدم إثقال الزوج بالطلبات المادية، كما ينبغي لأفراد الأسرة تفهم ظروفها الصحية ومساعدتها، مما يمكنها من تحضير مائدة الإفطار بأريحية ودون ضغط زائد. وتشدد الأخصائية على أهمية التخلي عن الصورة التقليدية لمائدة رمضان، إذ إن الظروف الاقتصادية الحالية تتطلب التدبير والاقتصاد لتخفيف الأعباء المالية عن الأسرة. كما تؤكد الأخصائية أن النوم يلعب دورًا أساسيًا في الاستقرار النفسي خلال رمضان، موصية بتعويض قلة النوم عبر أخذ قيلولة نهارية. كما تنصح بخلق أجواء مريحة داخل الأسرة عبر مشاهدة التلفاز جماعيًا، تنظيم أنشطة ترفيهية، أو الخروج في نزهات ليلية. وتشير إلى أن ممارسة الشعائر الدينية تساهم في تحقيق الصفاء الروحي وتمنح طاقة إيجابية تساعد الصائم على التكيف مع متطلبات الحياة اليومية. وفيما يتعلق بالزيارات العائلية، ترى المرابطي أن إعادة تنظيمها، بدلًا من القطيعة معها، هو الحل الأمثل، وذلك وفقًا للإمكانات المادية المتاحة، تجنبًا للاستدانة التي تؤكد الدراسات أنها ترتفع بشكل ملحوظ خلال المناسبات، بما في ذلك شهر رمضان.