يتغير إيقاع الحياة في رمضان المبارك ليتناسب مع أجوائه الروحانية، غير أن قيام بعض الصائمين بسلوكيات خاطئة يجعلهم يعانون من اضطراب في النوم والمزاج، قد يربك مختلف ممارساتهم اليومية. فعندما تضطرب عادات النوم خلال رمضان تختل الوتيرة البيولوجية، والتي تسمى أيضا الكرونو بيولوجية، بشكل كامل، مما قد يؤثر على باقي وظائف الجسم، ووتيرة الحياة اليومية. وقد تصل تبعات اضطراب النوم ببعض الأفراد إلى الإخلال بواجباتهم المهنية والأسرية خلال النهار. فالطالبة فاطمة الزهراء على سبيل المثال، توقفت عن حضور المحاضرات في كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بالرباط خلال الشهر الفضيل بسبب مواعيد نوم غير ملائمة ليلا. وتقول الطالبة، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، إنها قبل حلول رمضان كانت مواظبة على الذهاب للكلية حيث لا تفوت أي حصة من الحصص المبرمجة لكنها في رمضان تعجز عن ذلك، والسبب بقاؤها مستيقظة حتى طلوع الفجر . وتقر الطالبة وهي في الوقت ذاته ربة بيت، أن غيابها عن الكلية معظم أيام شهر رمضان لا علاقة له بالصيام وإنما هو راجع إلى السهر طوال الليل وافراطها في الأكل ،وهو ما يربك قدراتها الذهنية والجسدية. وفي هذا السياق تؤكد الأخصائية في الطب النفسي هند نفيع، أن الشخص يشعر بالتعب والإرهاق إذا لم ينل قسطا كافيا من النوم ، مما يجعله مضطربا في أفكاره وسلوكه مع انخفاض مهم في نسبة التركيز والاستيعاب. وأوضحت السيدة نفيع، في ردها على سؤال لوكالة المغرب العربي للأنباء حول أسباب اضطراب النوم في رمضان، أن في جسم الانسان هرمونات تعمل وفق نظام كرونوبيلوجي ، منها هرمونات تعمل خصيصا بالنهار لتضمن للإنسان نشاطه وحيويته، وأخرى تعمل بالليل كهرمون الميلاتونين، الذي يفرزه الدماغ، وبالضبط الغدة النخامية، وهو المسؤول عن النوم بشكل جيد وفعال ومتواصل، ويفرز فقط حين ينام الشخص مبكرا . لذا عندما يخالف الإنسان النمط اليومي المعتاد للنوم والاستيقاظ ، تضيف الأخصائية النفسية، فإنه يحس بشيء من الاضطراب والتوتر. وأشارت إلى أن فترة النوم تمتد على خمس مراحل، ووقت السحور يصادف مرحلة يكون فيها النوم أعمق، حيث يقوم الشخص غير المواظب على صلاة الفجر في باقي أيام السنة متثاقلا لتناول وجبة السحور التي ستزوده بمخزون الطاقة الذي سيحتاجه في اليوم الموالي. وبحسب السيدة نفيع، وهي أستاذة الطب النفسي بكلية الطب والصيدلة بالرباط، فإن من بين أسباب اضطراب النوم في شهر رمضان المبارك، التغيير المفاجئ في أوقات النوم والأكل، بما لا يترك مدة زمنية للدماغ للتأقلم مع النمط الجديد للحياة اليومية . وسجلت أن بعض الأشخاص، وخاصة الشباب، يفضلون عدم النوم والبقاء مستيقظين طوال الليل حتى تناول وجبة السحور ثم يخلدون إلى النوم ، مضيفة أنه إذا كان الشخص لا يعمل، فإنه قد يغط في نوم عميق حتى يقترب موعد الفطور ، فيستيقظ ليفطر ويبدأ يومه كأنه في بداية النهار . أما إن كان يعمل، فإنه لا ينال قسطا كافيا من الراحة، مما يجعله مضطربا في سلوكه . وإلى جانب النوم بشكل غير كاف والذي يشكل أيضا حسب الاخصائية، أحد أهم وأخطر مسببات حوادث السير خلال شهر رمضان، فإن الإفراط في الأكل في وجبة الإفطار، خاصة تناول (النشويات)، يسبب عسر الهضم ويحدث خللا في توازن الجسم وخصوصا في نسب السكر في الدم مما يؤدي إلى الإحساس بالنعاس وعدم القدرة على مزاولة أي نشاط. وبخصوص نظام النوم الأمثل في رمضان من أجل المواءمة بين الجانب الصحي والعادات الاجتماعية الخاصة بهذا الشهر الفضيل، أكدت الأخصائية النفسية أنه يجب الحرص على النوم لساعات كافية، مبرزة أن أفضل برنامج هو النوم مبكرا وتناول وجبة خفيفة ليلا، وممارسة الرياضة بشكل منتظم دون إجهاد البدن ، لأن ذلك يمكن من تنشيط الجسم عن طريق إفراز هرمونات تكسبه نشاطا ومنها الاندورفين، مما يساعد على التخلص من الشعور بالكسل والخمول طوال النهار.