أشرنا في الحلقة السابقة من هذا الركن إلى أن الثقافة الشعبية المغربية قد أخرجت شعيرة عيد الأضحى من يسرها الديني وألبستها لبوس العسر المجتمعي. ولا يتوقف الإخراج المتكلف للعيد في يوم العيد فقط بل يمتد أياما قبل وبعد العيد. وهذا التكلف له تبعات وانعكاسات على الأسر فيما يتعلق باستقرارها العاطفي والعلائقي والمادي. ذلك أن مركز الاهتمام عند البعض تحول إلى الذبيحة التي لا شك في أهميتها الدينية كقربان يتقرب به العبد إلى الله، وأصبح كل شيء تقريبا يدور حولها، حيث أن أكبر هموم ما قبل العيد هو اقتناؤها من حيث توفير ثمنها وشراء أكبرها والحصول على علفها ومكان إقامتها. وأكبر هموم يوم العيد هو ذبحها وسلخها ومقاومة شح التصدق منها. وهناك حالات لا تذبح فيها الأسر حتى ما بعد العصر لعجز أفرادها عن الذبح، فينتظرون دورهم في لائحة الجزار الذي تتحول خدماته إلى عملة صعبة المنال. وتقضي النساء معظم يوم العيد في النظافة والطهي ولا ينتهي اليوم إلا على جثة راحتهن، ومن أطرف ما ابتدعه المغاربة في عيد الأضحى تطبيق تقنيات التخزين بالتبريد بعد أن تربعت تقنيات التجفيف (القديد) على عرش تقاليد عيد الأضحى لعدة قرون. ويتم تقسيم الخروف إلى حصص يتم تخزينها، ووجه الطرافة في تطبيق هذه التقنية هو حرص البعض على تحطيم رقمه القياسي للسنة الماضية من حيث عدد الحصص وطول مدة التخزين... والوجه البئيس لهذه التقنية هو أنها توقع في فخ الشح وتضيق على فرص التصدق. وتكون آلات التبريد والثلاجات شاهدا على المقاربة اللحمية لعيد الأضحى على حساب المقاربة التعبدية. حيث تتم برمجة الحصص لدى البعض وفق مقاربة مادية يتم من خلالها التعويض عن ثمن الخروف من خلال طول مدة تعمير برنامج تلك الحصص. ولا شك أن هذه الثقافة تكشف التكلف المادي للأسر في العيد، ولا شك أيضا أن هذه الثقافة تكشف حقيقة الإخراج المجتمعي لعيد الأضحى الذي تم تأليف سيناريو فيلمه على حساب الجانب التعبدي وسعادة الأسر واستقرارهن. فهلا تداركنا هذا التقصير؟