اعتدنا أن نكيف مضامين ركن عمارة الدار مع الأحداث الكبيرة التي يعيشها المجتمع وتكون لها علاقة بالأسر. وعيد الأضحى المبارك من أهم هذه الأحداث. كيف لا وقد دأب المغاربة على تسمية هذا العيد ب العيد الكبير، وهي تسمية تترجم، من جهة، المكانة الحقيقية لهذه الشعيرة في الدين، ومن جهة ثانية، مكانتها لدى المغاربة. ومن الجائز السؤال حول ما الذي تبقى من صفة الكبير هذه وما الذي تغير منها؟ لاشك أن معالم الإجابة تنقشع شيئا فشيئا حين ننظر إلى العشر الأوائل من ذي الحجة وكيف يعيشها الناس. ورسول صلى الله عليه وسلم وصف هذه الأيام بقوله، فيما رواه البخاري، ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله منه في هذه الأيام العشر. قالوا ولا الجهاد في سبيل الله! قال: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله ولم يرجع من ذلك بشيء. فهل ينشط الناس في هذه الأيام في العمل الصالح بكل أنواعه وأشكاله التي لا حصر لها، أم يغرقون في هموم تدبير أموال الكبش وملابس العيد وهموم العطلة والسفر... لقد أخرجت الثقافة الشعبية هذه الشعيرة من يسرها الديني وألبستها لبوس العسر المجتمعي. وأصبح التطرف في التكلف السمة العامة التي تجعل أجواء التوتر تخيم داخل الأسر. ويتربع الخروف على عرش الاهتمامات وتجتهد الأسر في تدبير ثمنه، فمن بائع لأثاث بيته أو حلل زوجته، ومن مقترض من صديق أو قريب وأغرب ما ابتلي به المغاربة اقتراضهم بالربا لشراء الأضحية، كأن الأضحية قربان للمجتمع وليس لله! ويقضي الكثيرون العشر الأوائل من ذي الحجة تحت ضغط هم الخروف وسعره ووفرته وسمنته، والسفر ومتاعبه والعطلة وقصرها... ولا تضع هذه الحرب أوزارها إلا في يوم العيد لتستأنف من جديد بهموم العودة من السفر وهموم إرجاع الدين ومعالجة الاختلالات المالية. (يتبع)