أثار إعلان ترؤس الجزائر للقوة الإفريقية الجاهزة الخاصة بمنطقة شمال إفريقيا(اللواء الخامس) بالعاصمة الليبية طرابلس، يوم الثلاثاء 28 أبريل 2009، الكثير من المخاوف في أن تستغل إمكانيات مجلس السلم والأمن الإفريقي لتعزيز قدرات جبهة البوليساريو العسكرية، بإعادء بناء وحداتها العسكرية التي تفككت خلال العقدين الأخيرين، في وقت يسعى فيه المجتمع الدولي لطي صفحة النزاع بين المغرب وجبهة البوليساريو الذي استمر أزيد من 30 عاما حول الصحراء، وبات الاستقرار بالمنطقة مهددا، خاصة مع تزايد وتيرة نشاط تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي وكذا الجريمة المنظمة. وأعلن في طرابلس عن ترؤس الجزائر لهذه القوة خلال افتتاح مقر الأمانة التنفيذية وعنصر التخطيط للقوة الإفريقية الجاهزة لشمال إفريقيا، الذي تحتضنه قاعدة امعيتيقة العسكرية بليبيا، وحضر الافتتاح رؤساء الأركان العسكرية لكل من ليبيا والجزائر ومصر وجبهة البوليساريو. بينما قاطعت كل من موريتانيا وتونس مما زاد الأمر غموضا، فضلا عن المغرب الذي انسحب من منظمة الوحدة الإفريقية منذ سنة 1984, بسبب قبول البوليساريو عضوا فيها قبل أن تتحول في 2000 إلى الاتحاد الإفريقي. ومما يثير التخوف من استغلال الجزائر ولايتها لدعم البوليساريو، هو أنها ستتولى بالإضافة إلى الرئاسة تكفل قواتها البرية بأحد مراكز التكوين الثلاثة التي أحدثت، وأعلن رئيس أركان القوات البرية الجزائرية، قدور بن جميل، أن قيادة الجيش الوطني الشعبي الجزائري أنهت الجناح الخاص بالتكوين بالمدرسة الوطنية التحضيرية بـالرويبة في الناحية العسكرية الأولى، يتم من خلاله تكوين الضباط، من مدنيين وعسكريين، للعمل ضمن القوة الإفريقية الجاهزة. وهو ما ينسجم مع رغبة الجزائر والبوليساريو معا وتسعيان إليه. وتشارك الجزائر في هذه القوة بكتيبتين من الجيش وأخرى من الشرطة العسكرية. في حين تحتضن مصر قيادة اللواء وليبيا الأمانة التنفيذية. وقال العقيد الجزائري أن لواء الشمال الإفريقي سيستفيد من نظام الإنذار السريع التابع لمجلس السلم والأمن الإفريقي الذي تأسّس في 26 دجنبر 2003 من أجل حفظ السلم في القارة. وبفتح مركز للتكوين تابع للاتحاد الإفريقي ترعاه الجزائر، يخشى المغرب أن يصبح مركزا لتكوين أفراد البوليساريو وغيرهم، وفرصة أمامها لإعادة بناء وحداتها العسكرية الخاصة التي تفككت خلال السنوات الماضية بعد اتفاق وقف إطلاق النار بين البوليساريو والمغرب سنة 1991, ولم يستبعد العربي المساري، محلل سياسي، أن تستغل الجزائر ترؤسها للواء الخامس للاتحاد الإفريقي، أي القوة الإفريقية الخاصة بمنطقة شمال إفريقيا، لدعم البوليساريو، وقال إن ذلك من البديهيات بالنسبة للجزائر حتى لو كان المركز تابعا للاتحاد الإفريقي، لأنها كما تسعى لدعم البوليساريو في منظمات وهيئات عالمية ستفعل ذلك من خلال أجهزة الاتحاد الإفريقي. وبالرغم من ذلك، فإن الخطورة فيما يتعلق بالصحراء المغربية تكمن بالنسبة للمساري في التفريط في الوضع الداخلي، مؤكدا على ضرورة تقويته والحفاظ على تماسكه ودعم الخيار الديمقراطي فيه. تتمة ص 1 يأتي هذا في الوقت الذي يواصل فيه أعضاء مجلس الأمن الدولي مناقشة تقرير الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون حول الصحراء اليوم الخميس في جلسة هي الثانية من نوعها، يرتقب أن يعلن فيها عن تمديد فترة بعثة المينورسو بالصحراء، وكذا الموافقة على مطالب المبعوث الأممي كريستوفر روس بمنحه الفرصة لعقد اجتماعات سرّية بين المغرب والبوليساريو تمهيدا للجولة الخامسة من التفاوض. بينما تضغط الجزائر على أعضاء مجلس الأمن من أجل ما تدعي أنه تقرير المصير للبوليساريو، ومن أجل أن تراقب المينورسو حقوق الانسان في الصحراء. خطورة خطوة مثل هذه، تفسر أبعاد التحرك الجزائري ضد المغرب، بالرغم من فشلها في الحرب على الإرهاب فوق أراضيها، حيث بات ارتفاع التوتر وعدم الاستقرار في منطقة الساحل والصحراء، نتيجة عوامل متداخلة، منها تواجد تنظيم القاعدة الإسلامي في شمال افريقيا، وتحول المنطقة إلى خطوط مرور للعصابات الجريمة المنظمة التي تتاجر في السلاح والمخدرات والبشر، مما يهدد المنطقة ككل. وأوردت صحيفة الخبرالجزائرية أمس الأربعاء، في هذا الصدد، أن 80 بالمائة من الأسلحة والذخيرة الحية التي تغذي نشاط الإرهاب والجريمة المنظمة إلى دول الساحل والصحراء تأتي من مناطق النزاع المسلح في دول غرب ووسط إفريقيا.