كسب رجال ياسين المنصوري، المدير العام للإدارة العامة للدراسات والمستندات، (لادجيد) معركة موريتانيا التي فقدت خلالها الدبلوماسية الجزائرية العديد من النقاط. فبعد الاتصالات التي ربطوها بالسلطات الليبية عقب الانقلاب الذي قاده الجنرال محمد بن عبد العزيز بنواكشوط تمكن موفدو الحاكم الجديد إلى طرابلس من إقناع نظام القذافي بالتعامل الإيجابي مع مجلسهم. وأكد مصدر مقرب من «مجلس الدولة الموريتاني» ل«المساء» أن الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي قد أبلغ الوفد الموريتاني الذي ترأسه الجنرال محمد ولد الغزواني «اعتراف الجماهيرية بالانقلاب العسكري الذي أطاح بنظام الرئيس المخلوع سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله»، متعهدا بحشد الدعم الدبلوماسي للانقلاب على الصعيد العربي والإفريقي. وتعتبر السفارة الليبية بنواكشوط هي ثاني أكبر سفارة من حيث المساحة والطاقم الذي يشتغل بها بعد السفارة الفرنسية، التي كان مسؤولها الأول قد عقد لقاء عاجلا بالجنرال محمد بن عبد العزيز بعد إعلان الانقلاب اشترط عليه خلاله تشكيل مجلس من المدنيين والعسكريين، الأمر الذي لم يتم، وهو ما يفسر انقلاب الموقف الفرنسي من الجنرالات في الأيام الأولى من سيطرتهم على الوضع بالبلاد. لكن سرعة تحرك أجهزة «لادجيد» بالمنطقة ساعدت الجنرال محمد بن عبد العزيز وأصدقاءه على كسب ثقة حلفائهم. فرغم أن تود موس، مساعد كاتبة الدولة للشؤون الأفريقية بوزارة الخارجية، الذي زار موريتانيا رفقة ممثل عن وزارة الدفاع الأمريكية قد قال في الندوة التي عقدها بمقر السفارة الأمريكيةبنواكشوط إن واشنطن لا تعترف بالسلطات الجديدة في موريتانيا، وترى أن الرئيس الشرعي الوحيد لموريتانيا هو ولد الشيخ عبد الله الذي يوجد رهن الاعتقال منذ الإطاحة به، معتبرا أنه في حالة العكس فالمنتظر أن تواجه نواكشوط عزلة دولية، فإن الموريتانيين يراهنون على عامل الزمن لتغيير موقف واشنطن كما حدث في الانقلاب السابق، حيث لم تتعامل السلطات الأمريكية مع نظام عل ولد فال إلا بعد مرور 8 أشهر، خاصة وأن هناك توافقا فرنسيا أمريكيا مغربيا لمعالجة ملف الإرهاب بالمنطقة. ويفيد مصدر أمني موريتاني أن هناك تواجدا شبه يومي لطائرة عسكرية أمريكية بمطار نواكشوط، الأمر الذي يوضح مدى التعاون العسكري والأمني القائم بين الدولتين. وقد وردت أنباء عن إقفال مكتب جبهة البوليساريو بمدينة الزويرات الموريتانية، الذي غادره المسؤولان اللذان يشتغلان به قبل أيام لحضور أنشطة ينظمها الانفصاليون بامهيريز، لكن لم يتسن ل«المساء» من التأكد من الخبر من مصادر رسمية. وكانت آخر المستجدات التي عرفتها الصحراء الكبرى على مستوى ملف الإرهاب تؤكد وجهة النظر التي تدافع عنها «لاجيد» إلى جانب المخابرات الفرنسية والأمريكية. فقبل أسبوعين تمت محاكمة شباب بمخيم أوسرد التابع لجبهة البوليساريو، بدعم الجماعات الإرهابية ومدهم بمواد متفجرة بتنسيق مع السلطات الجزائرية، التي سبق لها أن اعتقلت مجموعة أخرى تقيم بمخيمات تندوف وتتعاطى التهريب قبل 4 أشهر واتهمتها ببيع مواد متفجرة لتنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي. وأمام هذه التطورات بدأت السلطات الجزائرية تشن هجومها على المغرب وليبيا وفرنسا، حيث صرح عبد الحق العيايدة في حوار أجرته معه جريدة «الخبر» قائلا إنه إذا أفشى ما يعتبره أسرارا بخصوص الفترة التي قضاها بالمغرب، فستزداد الخلافات الثنائية بين المغرب والجزائر تصعيدا، وستثير أزمة دبلوماسية بين الجزائر وليبيا، وسيتعقد المشكل الصحراوي أكثر، وستكون للقضية أيضا تداعيات على العلاقات مع فرنسا. وجدد العيايدة ادعاءه بأنه لم يعتقل أبدا، «فقد كنت مقيما في قصر ملكي حيث استدعاني الملك الحسن الثاني عن طريق وزير الداخلية إدريس البصري لمقابلته». ودار اللقاء في معظمه حول الأوضاع الأمنية بالجزائر، «ويبقى هذا اللقاء من الأسرار المتعلقة بفترة تواجدي في المغرب» يقول العيايدة. وكمحاولة منها للتأثير في التحالف الذي أصبح قائما بين الرباطونواكشوطوطرابلس وباريس وواشنطن أعلنت الجزائر أنها ستحتضن، شهر أكتوبر المقبل، ندوة دولية حول السلم والأمن في منطقة الصحراء والساحل الإفريقي تشارك فيها إضافة إلى دول المغرب العربي دول منطقة الساحل الإفريقي كالنيجر ومالي وتشاد. وتسعى هذه الندوة حسب منظميها إلى «تأسيس حلف أمني إقليمي يمكن من خلاله تجنب الخيارات التي تطرحها أطراف أجنبية كمبادرة القيادة العسكرية المشتركة إفريقيا «أفريكوم» التي بادرت بها الولاياتالمتحدةالأمريكية بمبرر مكافحة الإرهاب». وتجدر الإشارة إلى أنه مما زاد من قلق الجزائريين بخصوص التطورات بجارتنا الجنوبية هو كون رئيس الدولة ورئيس وزرائها الجديدين متزوجين بمغربيتين، وأن الذين قادوا الانقلاب معروفون بمواقفهم المساندة للمغرب بخصوص قضية الصحراء.