لم تتبن إلى حدود منتصف أمس أي جهة الهجوم الذي استهدف دورية عسكرية تابعة للجيش الموريتاني في منطقة تورين، الواقعة شمال جارتنا الجنوبية، يوم الاثنين الماضي، والذي أودى بحياة 12 عسكريا، بعدما تم استهدافهم من طرف كمين تعتقد السلطات الأمنية الموريتانية أنه تابع لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي. وكانت القاعدة العسكرية في مدينة ازويرات فقدت الاتصال بالدورية منذ الصباح، لكن حملة التمشيط التي قادها الجيش الموريتاني جاءت متأخرة لإنقاذ عناصر الدورية. وقد دقت عملية «تورين» ناقوس خطر ضعف التغطية الأمنية بالمناطق الحدودية المغربية الموريتانية الجزائرية من جديد، خاصة وأن عصابات التهريب باتت تسيطر بشكل شبه تام على الشريط الحدودي الممتد إلى الحدود مع مالي. وعلمت المساء بأن مسؤولا بالمديرية العامة للدراسات والمستندات «لادجيد» قد عاين جثث الجنود الموريتانيين التي اخترقتها كميات كبيرة من الرصاص، حيث يرجح أن تكون الجهة التي نصبت الكمين الذي وقعت فيه الدورية العسكرية على بعد 80 كلم شرق مدينة زويرات بولاية تيرس زمور، قد استخدمت أسلحة رشاشة. وكانت الأجهزة الأمنية الموريتانية تتوقع حدوث عملية إرهابية في أي لحظة، بعد تعميم بيان جديد على الأنترنيت يتوعد قادة الانقلاب ويصف الرئيس المخلوع ب»رجل الأمة الإسلامي». وكان تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي قد دعا مباشرة بعد تنفيذ الانقلاب الذي قاده الجنرال محمد ولد عبد العزيز إلى «تطبيق الشريعة الإسلامية في البلاد»، مشيرا إلى كون «الجنود الذين أطاحوا بالرئيس الموريتاني المنتخب حصلوا في الأرجح على الضوء الأخضر من جانب «دول كافرة.. أمريكا وفرنسا وإسرائيل». وفي هذا الإطار، شنت حملات اعتقالات واسعة في صفوف التيار السلفي خلال الأيام الماضية وتم نقل السجناء السلفيين الذي اعتقلوا مطلع السنة الجارية إلى السجن المدني بعد مضي أشهر على احتجازهم في قيادة أركان الجيش لدوافع أمنية. كما شهدت العاصمة نواكشوط حالة استنفار أمني قصوى تحسبا لهجمات محتملة، ورابطت فرق من الشرطة عند ملتقيات الطرق في مختلف أحياء العاصمة وقامت بتفتيش دقيق للسيارات والمارة، فيما تم تشديد الحراسة الأمنية على السفارات الغربية خصوصا السفارة الإسرائيلية ومقر إقامة سفيرها، على خلفية اعتقال الأمن المالي لاثنين من عناصر السلفية الجهادية يحملان الجنسية الموريتانية، بينهما خبير في المتفجرات على الحدود الموريتانية المالية. وتعتبر هذه العملية هي الثالثة من نوعها في موريتانيا التي تتعرض لها قوات الجيش، بعد مقتل أربعة جنود في منطقة الغلاوية سنة 2007، وعملية لمغيطي المنفذة سنة 2005، والتي راح ضحيتها 16 عسكريا من ضمنهم قائد الحامية. ومن جهة ثانية، أدى تضارب الأخبار التي تم تداولها حول مصير ضحايا الهجوم بين القول بمقتلهم أو باختطافهم من طرف المنفذين إلى ترويج اتهامات ضد قيادة الجيش باختلاق أو حتى تدبير العملية. وبالمقابل تداولت بعض الصحف الموريتانية بيانا نسب إلى ما يسمى ب»الضباط الأحرار» يقول إن «عملية تورين ليست من صنع القاعدة بل هي مؤامرة دبرها بعض الجنرالات مع بعض الضباط الميدانيين والعاملين في المكتب الثاني بقيادة الأركان من أجل زعزعة الأمن وشغل الناس بالهاجس الأمني عن الشأن السياسي، حتى يتسنى لهم كسب مزيد من الوقت لينالوا الشرعية..»، وكشف البيان أن أصحابه يتوفرون على أدلة تثبت اتهاماتهم، منها كون قائد الوحدة التي تم استهدافها كان مسؤولا عن عمل إداري لا يخول صاحبه القيام بهذا النوع من المهام إلا في حالات الحرب، ثم «إنه ليس من الضباط الملمين بتضاريس المنطقة حيث كان مبعدا على خلفية محاولة فرسان التغيير سنة 2003 (محاولة انقلابية فاشلة)، والتي قضى بعدها فترة في السجن تمت تبرئته بعدها مما نسب له. كما حدث تضارب في التعليمات التي صدرت له؛ من القيادتين قيادة المنطقة العسكرية في ازويرات و قيادة الأركان بنواكشوط، حيث أن الأولى أمرته بالمكوث في مكانه حتى الصباح و الأخيرة أمرته بالتحرك ليلا ، وهو ما يتنافى مع التعامل مع هذا النوع من العمليات في عقيدة العسكر». وقال البيان إن ضباطا فاتحوا الجنرال محمد ولد عبد العزيز في الموضوع بعد شكوكهم، لكنه قام بالتحفظ على الضابط الذي كان مسؤولا في غرفة العمليات تلك الليلة حتى يثبت لهم جديته، وكي يبعدهم عن التفكير في كونها مؤامرة تم التخطيط لها مسبقا.