استنفرت مذكرة عممها الجنرال عبد العزيز بناني، المفتش العام للقوات المسلحة الملكية وقائد المنطقة الجنوبية، وحدات الجيش المرابطة بالحزام الجنوبي من أجل تشديد المراقبة والحراسة بهذه المنطقة الحدودية المفتوحة على ثلاث واجهات، جزء منها على التراب الجزائري، وجزء على مخيمات تندوف حيث معسكرات البوليساريو، والجزء الجنوبي على موريتانيا. وذكرت مصادر مطلعة أنه لوحظ في الآونة الأخيرة تكثيف للدوريات التي تجوب المنطقة على غير المعتاد. وربطت المصادر ذاتها هذه الدينامية الجديدة لوحدات الجيش بالهجوم الذي شنه تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي على وحدة تابعة للجيش الموريتاني الشهر الماضي، كانت تقوم بدورية روتينية على الحدود الشمالية مع المغرب. تشديد المراقبة بهذه المنطقة العسكرية الشاسعة المساحة جاء أيضا من أجل تفعيل الضوابط العسكرية الصارمة التي رصدت عدة تقارير تم إنجازها من قبل المفتشية العامة للقوات المسلحة الملكية تفيد بسيادة نوع من الخمول وسط وحدات الجيش. وحسب علي نجاب، طيار حربي سابق، فإن الواجهة الحدودية للمغرب مع موريتانيا تعد مكمن الخطورة على المغرب نظرا للمساحة الكبيرة التي تغطيها من جهة، وكونها منطقة للتهريب الدولي بامتياز، بسبب عدم اضطلاع موريتانيا بدورها في مراقبة حدودها، وضعف الإمكانيات العسكرية واللوجستيكية اللازمة، وأيضا بسبب المشاكل السياسية المتكررة التي تتخبط فيها. وحذر نجاب من مغبة التساهل أو التراخي في ضبط الحدود مع هذا البلد الجار، وإلا فإنه سيتكرر سيناريو إقدام عناصر متطرفة، ومنها تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي، على القيام بعمليات نوعية، على غرار العملية التي شنها هذا التنظيم الشهر الماضي على بعد عشرات الكيلومترات من الزويرات القريبة من الحدود المغربية، والتي راح ضحيتها 12 عسكريا موريتانيا وجرح عدد آخر إثر هجوم نفّذه فصيل من المنطقة التاسعة لتنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي، استهدف دورية للجيش الموريتاني كانت تجوب تخوم الحدود الموريتانية مع الصحراء المغربية في منطقة توري الواقعة على بعد 100 كلم شمالي مدينة الزويرات في الشمال الموريتاني. وحسب نجاب، فإن منطقة الزويرات تعد أكثر بؤر العالم خطورة من حيث تجارة المخدرات وأنشطة التهريب المختلفة من سلاح وسلع وبشر، كما أنها تتميز باستقرار ساكنة صحراوية لا ولاء لها إلا لمن يغدق عليها المال أكثر، وسبق للراحل الحسن الثاني أن وصفها بكونها تمشي حيث تسير الرياح. من ناحية أخرى، كشف عدد من التقارير المتعلقة بتنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي أن هذا الأخير يوجد ضمن صفوفه عدد كبير من العناصر ينحدرون من المغرب العربي، أكثرهم موريتانيون، عدد كبير منهم تمكّن من الوصول إلى معاقل القاعدة في شمال الجزائر، وآخرون تمركزوا في معسكرات يشرف عليها التنظيم في الجنوب أشبه ببيوت الأنصار سابقا في أفغانستان، حيث يتلقون مختلف التدريبات العسكرية.