في مشهد يجسد عمق التعاون الإقليمي في مجال الطاقة، تدخل المغرب بشكل حاسم لمساعدة إسبانيا على تجاوز واحدة من أكبر أزمات الكهرباء في تاريخها الحديث، وذلك بفضل مشروع الربط الكهربائي الثنائي "REMO" الذي يربط بين البلدين عبر مضيق جبل طارق. فقد شهدت إسبانيا والبرتغال، ظهر الإثنين، انقطاعا كهربائيا مفاجئا أسفر عن فقدان نحو 15 جيغاواط من القدرة الإنتاجية، أي ما يعادل 60% من الطلب الإسباني، خلال خمس ثوان فقط. هذا التوقف المفاجئ أصاب مختلف القطاعات الحيوية بالشلل، من شبكات النقل والاتصالات إلى المستشفيات والمرافق العامة. ومع تصاعد تداعيات الأزمة، لعب الربط الكهربائي المغربي الإسباني دورا مفصليا في إعادة التوازن إلى الشبكة، حيث استقبلت إسبانيا تدفقات عاجلة من الكهرباء القادمة من المغرب وفرنسا، مما ساعد على استعادة التيار في عدة مناطق خلال ساعات قليلة فقط. ويعتبر مشروع "REMO"، الذي يمتد على نحو 59 كيلومترا منها 29 كيلومترا تحت البحر، من أقدم وأهم مشاريع الربط الكهربائي بين أوروبا وأفريقيا. وتبلغ طاقته التبادلية الحالية 1,400 ميغاواط، مع خطط لزيادتها إلى 2,000 ميغاواط مستقبلا. وقد صمم المشروع ليكون صمام أمان للطرفين في حالات الطوارئ، فضلا عن كونه منصة لتبادل الكهرباء التقليدية والمتجددة. هذا الحدث سلط الضوء على التحول النوعي في موقع المغرب داخل الخارطة الطاقية الإقليمية، إذ بات ينظر إليه كشريك استراتيجي في ضمان أمن الطاقة على مستوى حوض المتوسط. ويعزز هذا الموقع التوجه المغربي الطموح نحو توسيع استثماراته في الطاقات المتجددة، وتصدير الفائض منها إلى أوروبا في إطار جهود التحول الطاقي ومكافحة تغير المناخ. ويعد التدخل المغربي الأخير مثالا حيا على أهمية مشاريع الربط الطاقي العابر للحدود، التي أصبحت ضرورية لضمان استقرار الشبكات الكهربائية في ظل التحديات المناخية والتقلبات المفاجئة في الإنتاج والاستهلاك.