على الرغم من تأكيد التصريحات الرسمية بأن الزيارة التي قامت بها مساعدة نائب كاتبة الدولة الأمريكية، المكلفة بالدفاع الخاص بإفريقيا الى الجزائر و اللقاءات التي جمعتها بمسؤولي الخارجية و الدفاع الجزائريين همت بالأساس تفعيل آليات التعاون الأمني بين البلدين ، خاصة في مجال مكافحة الإرهاب، ومواجهة امتداد النشاط الإرهابي و تقديم الادارة الأمريكية لعرض للحكومة الجزائرية يتضمن مساعدات تقنية و لوجيستيكية في الحرب التي تقودها الجزائر على رأس جيوش دول من الساحل الافريقي ضد الجماعات المسلحة النشيطة بالمنطقة , فإن توقيت الزيارة و تزامنها مع زيارة مماثلة لنواكشوط قبل أيام لوزير الدفاع الفرنسي بأجندة لقاءات تعكس نفس الأهداف و الانشغالات الأمنية ، تؤكد إرهاصات حرب باردة و خفية بين عدة محاور و أقطاب تسعى جاهدة الى احتلال موقع نفوذ مؤثر بمنطقة شمال إفريقيا و الساحل الافريقي عبر بوابة العاصمة الجزائرية التي تبذل منذ سنوات كل الجهود الممكنة لتتبوأ مكانة التفوق الاقتصادي و العسكري بالمنطقة . ويبدو أن إشادة المسؤولة الأمريكية بدور الجزائر في مكافحة الإرهاب في منطقتي المغرب العربي و الساحل، وتأكيدها ضرورة مواصلة "التعاون الجيد" القائم بين الجزائر و الولاياتالمتحدة في مجال مكافحة الإرهاب والامن البحري في المتوسط ، يعتبر مباركة ضمنية من واشنطن لسباق التسلح غير المسبوق و المثير للجدل الذي تخوض غماره بدون هوادة الحكومة الجزائرية منذ سنوات و الذي سيتوج بعقود صفقات إضافية بملايير الدولارات في الأسابيع القليلة المقبلة مع كل من بريطانيا و إيطاليا لتعزيز الحضور و التفوق العسكري البحري الجزائري بالحوض المتوسط ضمن تسوية سرية غير معلنة تتحدث المصادر عن كونها ترتبط بتحول جذري للموقف الرسمي الجزائري من مشروع الأفريكوم المتمركزمؤقتا بألمانيا يتجاوز التحفظات المعلنة سابقا من طرف الجزائر من المبادرة الأمريكية و التفافها عليها بالمسارعة بتشكيل قوة أمنية إفريقية تحت لواء الاتحاد الافريقي لتنفيذ عمليات عسكرية ضد الجماعات الارهابية النشيطة بالصحراء الافريقية الكبرى دون أن يلغي هذا المعطى التعاون العسكري الوثيق بين واشنطن و الجزائري على مستوى الاستخباراتي و التدريبي و حتى الميداني . و بالقدر الذي تعتبر فيه الادارة الأمريكيةالجديدةالجزائر بوابة لمزاحمة النفوذ الأوروبي و الروسي بالمنطقة تحاول الجزائر استثمار هذا التهافت المتسم بالمنافسة الشرسة بين هذه الأقطاب المتطاحنة لتحقيق مصالح ذاتية سواء عبر صفقات التسلح المسترسلة و تستغل لأقصى حد متاح التحالف العسكري الأفريقي المضاد للارهاب لخدمة أهداف سياسية ودعائية تتقاطع ضمن مسعى عزل المغرب قاريا و دوليا و إستعمال ورقة الحرب ضد الارهاب لتحقيق دعم سياسي لانفصاليي البوليساريو بعد أن عبدت لهم الجزائر الطريق نحو هياكل قوة التدخل الافريقية. و إذا كان المغرب معني بقوة بمشروع الكتلة العسكرية الجديدة التي تجمع واشنطن بالاتحاد الإفريقي و التي تعكس بالضرورة نتائج و تمظهرات احتدام المصالح المتضاربة أحيانا و المتقاطعة أحيانا أخرى لمجموع المتدخلين و المتنافسين على مواقع قيادة الجبهة الأمامية للحرب الدائرة ضد الارهاب فإن الديبلوماسية المغربية مطالبة أكثر من أي وقت سابق لادراك الخيوط المتسترة التي تتحكم في حرب المواقع و الحظوة و التفطن بالتالي للأهداف المتسترة للنظام الجزائري من وراء التحركات الأخيرة بالمنطقة بالشكل الذي يشكل تهديدا مباشرا لمصالح المغرب الذي لا يمكن أن يقبل بلعب دور الكومبارس الثانوي في خيوط سيناريو يستعمل كل الخطط الممكنة لعزل المملكة و تغييب أي دور فاعل لها فيما يتقرر من تحركات عسكرية و ديبلوماسية على بعد خطوات من حدوده السيادية .