إنها مأساة اجتماعية لما يقارب 600 أسرة تم ترحيلها من دوار سيدي يحيى في إطار برنامج محاربة السكن الصفيحي الذي يشمل 1815 أسرة على مستوى عمالة وجدة، تم منحهم بقعا أرضية بحي النجد 2-1 و3 بعد أن هدمت أكواخهم المصنوعة من الطوب والطين بالأحياء الصفيحية، شجعتهم الدولة على أخذ القروض من الأبناك من أجل البناء، وبإيعاز من رجال السلطة تقول إحدى المتضررات، أرغمونا على الرفع من المبلغ المصرح به كدخل شهري بهدف الحصول على أكبر قدر ممكن من الدين، وهكذا أصبحت ربة البيت خياطة، وأصبح الأجير مقاولا... كل ذلك من أجل التضليل وإظهار أن برنامج محاربة السكن الصفيحي يشهد نجاحا ، واليوم جل السكان عاجزون عن أداء الدين المترتب عليهم لفائدة الأبناك، نصف من استفاد من بقع أرضية في حي النجد تمكن من أخذ دين من أجل البناء، والنصف الآخر لم يأخذ دينا من الأبناك، إما لاقتناعه المسبق بعجزه عن الأداء، وإما لامتناع الأبناك عن قرضه بحجة عدم التزام من اقرضوا بالأداء، وتتراوح المبالغ المالية المقترضة ما بين 50 ألف درهم و160 ألف درهم موزعة على سنوات تصل إلى 25 سنة، يؤدي المقترض للبنك ما بين 500 و1500 درهم، مع العلم أن دخلهم الشهري جد هزيل أغلبهم عجزة وعاطلون وأرامل لا يكفيهم دخلهم المتواضع حتى للاستجابة إلى متطلبات العيش اليومي. توقعوا في البدأ خيرا بعد أن تدخلت الدولة على مستوى الضمان لدى الأبناك، وعدوهم بمساعدتهم في البناء، لكن يبدو أن الأمر غير الذي كانوا يتوقعونه، نفذت القروض ولم تستكمل المساكن بل نصبت الجدران الخارجية فقط، وطلبت السلطات في شخص قائدها من أصحابها تزيين واجهات المنازل حتى يستفيدوا من شبكة الكهرباء، فأصبح جل السكان يعيشون في مساكن أشبه بالأكواخ، انتقلوا من البناء العشوائي في سيدي يحيى إلى مثيله في حي النجد، إحدى المتضررات من المهجرات من الجزائر تحكي بمرارة عن معاناتها وتقول عانينا كثيرا بعد أن تم تهجيرنا من الجزائر واليوم المعاناة أشد بعد أن هجرنا من سيدي يحيى لو تركونا هناك لكان أفضل، على الأقل كنا مستورين ولله الحمد، أما اليوم فبعد أن هدمت منازلنا وطوقت أعناقنا بالقروض التي أرغمنا عليها، أصبحنا مهددون بالتشريد مرة أخرى.. لقد عجزت جل الأسر عن تسديد الدين لدى الأبناك، فتوقفوا عن الأداء بعد ثلاث أشهر على الأكثر، فأرسلت لهم الأبناك عبر إحدى المحاميات رسائل تهددهم فيها بالمتابعة القضائية إن هم لم يبادروا إلى أداء ما بذمتهم في غضون ثمانية أيام.. وهو الإجراء القضائي الذي سيؤدي بهؤلاء المستضعفون إلى الأزقة والشوارع وهم نادمون على أكواخهم التي رحلوا عنها بعد أن صدقوا وعود الدولة بمنازل عصرية وحدائق ودور الشباب ومراكز اجتماعية لتعليم الحرف والمهن. تقول رحمة العابدي الكاتبة العامة للجمعية في تصريح للتجديد: لن نسكت، سنسمع أصواتنا لجل المسؤولين وسنناضل من أجل حقنا في العيش الكريم والسكن اللائق وتؤكد رحمة أنهم عقدوا عدة لقاءات مع مسؤولين في الولاية، تبين من خلالها أن الكل يتملص من مسؤوليته، ويعتبرون أن المشكل بين السكان والأبناك، لتظل الأسر الضحية الأولى، بعد أن عجزوا عن أداء الدين وعن توفير سكن لائق واضطروا لإخراج أبنائهم من المدارس، فجل الأسر التي استقرأت >التجديد< آراءها اتضح أن أبناءها غادروا المدارس لعجزهم المادي، بينما أكد لنا احد السكان، أن من بين الأسر من ترسل بناتها للدعارة من أجل توفير لقمة العيش.. صمت حكومي عبد العزيز افتاتي النائب البرلماني عن دائرة وجدة، أكد في تصريح للتجديد أنه راسل وزير الداخلية ووزير الإسكان وكذا وزير المالية في الموضوع، ولحد الساعة لم يتلقى أي جواب، معتبرا أن الحالات المعنية تم إكراهها على هدم براريكها وتوجد الآن في وضعية صعبة لا تقل عن الوضعية السابقة في شيء، إن لم تكن أسوأ منها، وطالب أفتاتي بإيجاد معاملة خاصة وبرنامج خاص يناسب الظروف الإجتماعية لهاته الفئة التي لا علاقة لها بالطبقة المتوسطة ولا بالبرنامج الموجه لأصحاب الدخل المحدد في الحد الأدنى من الأجور، وأكد على أن من واجب الدولة أن تقوم بمجهود في اتجاه الأبناك لوضع حل مناسب للمعنيين بالأمر، بينما يلتمس السكان من السلطات المحلية خلق قناة للتواصل معهم من أجل معالجة جوانب إخفاق البرنامج المعتمد لمحاربة السكن الصفيحي، ويطالبون باستفادة من لم يستفد أصلا من البقع أو من القرض المالي، كما يحثون على ضرورة بحث سبل دعم ومساندة العاجزين عن أداء أقساط الدين المرتفعة بالمقارنة مع الدخل الشهري لهم.